img
أبرز الانتهاكات التي جرت في سبتمبر 2021

التقرير متوفر بـEnglish
​​​​​​​

​​​​​​​الملخص:​​​​​​​
شهد شهر سبتمبر من عام 2021، وقوع عدد من الانتهاكات، كان من بينها ظهور لمدنيين تعرضوا للإخفاء القسري لفترات زمنية مختلفة أمام القضاء، في محاكمات تفتقر لمعايير العدالة. من جانب آخر، تابعت مؤسسة سيناء ارتكاب تنظيم داعش لعملية اختطاف جماعي طالت 10 مدنيين في قرية بالوظة، كما سجلت إصابة 3 مدنيين برصاص التنظيم أثناء عملية الاختطاف.

تفاصيل الانتهاكات

انتهاكات قوات إنفاذ القانون المصرية: 

مختفون قسرياً يظهرون كمتهمين أمام القضاء

تابعت مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان انعقاد محاكمات تفتقر لمعايير المحاكمة العادلة لخمسة مواطنين كانوا في عِداد المختفين قسرياً لمدد زمنية مختلفة لدى أجهزة الأمن، بعض هؤلاء المختفين احتجزتهم السلطات الأمنية واخفتهم قسريا، بعد حصولهم على قرارات رسمية بالإفراج عنهم، بعدما تجاوزوا المدة القانونية القصوى للحبس الاحتياطي والمقررة قانونا بعامين.

الواقعة الأولى رصدها الفريق القانوني بتاريخ 8 سبتمبر 2021، حيث ظهرت "رباب جمعة محمد عودة"، 26 عاماً، بعد فترة إخفاء قسري دامت 3 أشهر، حيث مثلت المتهمة أمام نيابة أمن الدولة بمحضر ضبط جرى تحريره بتاريخ 5 سبتمبر 2021، في حين أن التاريخ الفعلي للقبض على رباب جرى بتاريخ 3 يونيو 2021، حيث تم تجاهل فترة الاختفاء القسري في الأوراق الرسمية. جدير بالذكر أن السيدة رباب هي أم لثلاثة أطفال، ومتهمة على ذمة القضية رقم 1935 لسنة 2021، والتهم الموجهة لها هي الانضمام إلى جماعات إرهابية مع العلم بغرضها، ودعم وتمويل الجماعات الإرهابية.

 

الواقعة الثانية جرت بتاريخ 13 سبتمبر 2021، حيث وثق فريقنا القانوني قيام محكمة الجنايات المنعقدة في غرفة المشورة في معهد أمناء الشرطة نظر جلسة تجديد حبس عدد من المتهمين على ذمة القضية رقم 750 لسنة 2019 حصر أمن الدولة العليا ومن بينهم: 
1- نسمة جمعه سالم سلامة.
2- عيده أسليم جمعه سليمان. 

يذكر أن مدة حبس المتهمتين، نسمة وعيده، قد تجاوزت المدة القانونية القصوى للحبس الاحتياطي والمقررة قانونا بعامين، ولم يتم اتخاذ أي إجراء معهم منذ بدء التحقيقات. وكانت المتهمتان قد جرى اعتقالهما في معدية القنطرة في أبريل 2019 أثناء سفرهم إلى شمال سيناء وتم اخفائهم قسرياً قرابة 3 شهور قبل عرضهم للمرة الأولى على النيابة بتاريخ 8 يوليو 2019، لتقرر النيابة حبسهم احتياطيا على ذمة القضية.

وفي تاريخ 26 سبتمبر 2021، قررت نيابة أمن الدولة العليا إخلاء سبيل المتهمتين لتجاوزهما مدة الحبس الاحتياطي القانوني، ولكن لم يتم إخلاء سبيل المتهمتين أو ترحيلهما من سجن القناطر إلى قسم الشرطة التابع لمحل إقامتهما لاتمام اجراءات اخلاء السبيل، وامتنعت وزارة الداخلية عن تنفيذ قرار النيابة.

يجدر الإشارة إلى أن المتهمتان كانتا تزوجتا في سن مبكرة للغاية ولديهما أطفال صغار حالت ظروف اعتقالهن فيما بينهم، كما يذكر أن المتهمتان انكرتا في التحقيقات أي صلة تربطهما بتنظيم داعش، وأن أوراق القضية تخلو من أي أحراز أو أدلة مادية باستثناء كمية محدودة من المواد الغذائية وجدت بحوزتهما أثناء القبض عليهما.
 

الواقعة الثالثة رصدتها المؤسسة في تاريخ 14 سبتمبر 2021، حيث ظهر المتهم عمر سويلم سلمان سليم، البالغ من العمر 21 عاما، أمام نيابة أمن الدولة بعد فترة إخفاء قسري استمرت لمدة 60 يوم، حيث وضع على ذمة القضية رقم 1935 لسنة 2021 حصر أمن الدولة العليا، ووجهت له تهمتي الانضمام إلى جماعة إرهابية مع العلم بغرضها، ودعم وتمويل الجماعات الإرهابية.

يذكر أنه ألقي القبض على المتهم بتاريخ 21 ديسمبر 2020، على إثر شجار مع أحد الأفراد وتم تحرير محضر صلح وإخلاء سبيل الطرفين، إلا أنه لم يتم إخلاء سبيل "عمر" وتم اخفاؤه قسريا من قبل جهاز الأمن الوطني لمدة 6 شهور ، قبل أن يتم عرضه على النيابة بتاريخ 19 يونيو 2021 بتهمة الانضمام إلي جماعة إرهابية. ونتيجة لعدم توافر أي أدلة ضده، قررت النيابة بذات اليوم إخلاء سبيله بتدابير احترازية، وبالفعل تم تنفيذ القرار. 

لاحقاً وبتاريخ 14 يوليو 2021 صدر قرار بإخلاء سبيله وإلغاء التدابير الاحترازية، وحين ذهب إلى قسم شرطة رأس سدر لإنهاء الإجراءات، تم التحفظ عليه واخفاؤه قسريا للمرة الثانية ولمدة شهر، قبل أن يظهر أمام نيابة أمن الدولة العليا بتاريخ 13 سبتمبر 2021، على ذمة القضية 1935 لسنة 2021 حصر أمن دولة عليا.
 

الواقعة الرابعة وثقها الفريق القانوني بمؤسسة سيناء لحقوق الإنسان بتاريخ 14 سبتمبر 2021، حيث ظهر "محمد محسن ذكي" بعد فترة إخفاء قسري استمرت لمدة شهرين عقب تنفيذه حكم بالسجن لمدة خمس سنوات في قضية أخرى، لكن جهاز الأمن الوطني لم يقم بإخلاء سبيله رغم انتهاء مدة حبسه وقام بـ"إعادة تدويره" ووضعه على ذمة قضية جديدة.

المعتقل محمد محسن ذكي، يبلغ من العمر 29 عاما، وهو من سكان مدينة رأس سدر بمحافظة جنوب سيناء، أُلقي القبض عليه من منزله بتاريخ 13 أبريل 2016 بواسطة جهاز الأمن الوطني، وجرى اخفاؤه قسريا لمدة 80 يوم حتى عُرض على النيابة بتاريخ 3 يوليو 2016 للتحقيق معه على ذمة القضية رقم 452 لسنة 2016 حصر أمن الدولة العليا واتهامه بالانضمام الى جماعة إرهابية، ثم تم إحالة القضية إلى القضاء العسكري ليتم الحكم عليه بالسجن لمدة 5 سنوات في يونيو 2019. 

وفي تاريخ 3 يوليو 2021، انتهت مدة العقوبة المحكوم بها والمقررة بخمس سنوات، حيث تم ترحيل محمد إلى قسم شرطة رأس سدر تمهيدا للإفراج عنه، لكنه فوجئ باحتجازه من قبل جهاز الأمن الوطني الذي رفض الإفراج عنه، وذلك حتى ظهوره بتاريخ 14 سبتمبر 2021، حيث ظهر أمام نيابة أمن الدولة العليا للتحقيق معه على ذمة القضية رقم 1935 لسنة 2021 حصر أمن دولة عليا، والتي تحمل نفس الاتهامات التي وجهت له في القضية السابقة، والتي نفذ فيها حكما بالسجن خمس سنوات.

 

وثق الفريق القانوني بالمؤسسة حدوث انتهاكات وتجاوزات قانونية تمثلت في الآتي:

أولا: إستمرار إحتجاز الأشخاص بعد صدور قرارات بإخلاء سبيلهم وإعادة اتهامهم فى قضايا جديدة.

ثانيا: عرض الأشخاص المقبوض عليهم على النيابة بعد تجاوز المدد القانونية.

حيث ترتقي هذه التجاوزات الى إنتهاكات صارخة تتعارض مع نصوص الدستور المصري ومنها المادة رقم (51) التى نصت على أن "الكرامة حق لكل إنسان، ولا يجوز المساس بها، وتلتزم الدولة باحترامها وحمايتها"، وكذلك المادة رقم (54) التي نصت على أن "الحرية الشخصية حق طبيعي، وهي مصونة لا تُمس، وفيما عدا حالة التلبس، لا يجوز القبض على أحد، أو تفتيشه، أو حبسه، أو تقييد حريته بأي قيد إلا بأمر قضائي مسبب يستلزمه التحقيق. ويجب أن يُبلغ فوراً كل من تقيد حريته بأسباب ذلك، ويحاط بحقوقه كتابة، ويمكن من الاتصال بذويه و بمحاميه فوراً، وأن يقدم إلى سلطة التحقيق خلال أربع وعشرين ساعة من وقت تقييد حريته. ولا يبدأ التحقيق معه إلا في حضور محاميه، فإن لم يكن له محام، ندب له محام، مع توفير المساعدة اللازمة لذوي الإعاقة، وفقاً للإجراءات المقررة في القانون. ولكل من تقيد حريته، ولغيره، حق التظلم أمام القضاء من ذلك الإجراء، والفصل فيه خلال أسبوع من ذلك الإجراء، وإلا وجب الإفراج عنه فوراً. وينظم القانون أحكام الحبس الاحتياطي، ومدته، وأسبابه، وحالات استحقاق التعويض الذي تلتزم الدولة بأدائه عن الحبس الاحتياطي، أو عن تنفيذ عقوبة صدر حكم بات بإلغاء الحكم المنفذة بموجبه. وفي جميع الأحوال لا يجوز محاكمة المتهم في الجرائم التي يجوز الحبس فيها إلا بحضور محام موكل أو مٌنتدب".

كما يشير الفريق القانوني للمؤسسة أن احتجاز الأشخاص المقبوض عليهم لفترات زمنية طويلة دون العرض على النيابة العامة، يعد فى حد ذاته ضغطا معنويا كبيرا وترهيبا لأنفس المقبوض عليهم، خاصة أن أماكن الاحتجاز التي يتم حجز الأشخاص المقبوض عليهم بداخلها، هي أماكن تابعة لأجهزة وزارة الداخلية وغير تابعة لإشراف وزارة العدل، وهو ما يثير الشكوك حول توافر الحد الأدنى من معايير حقوق الإنسان المتوفرة في هذه الأماكن. وهو ما يتعارض مع نص المادة الدستورية رقم (55) التي نصت على أن "كل من يقبض عليه، أو يحبس، أو تقيد حريته تجب معاملته بما يحفظ عليه كرامته، ولا يجوز تعذيبه، ولا ترهيبه، ولا إكراهه، ولا إيذاؤه بدنياً أو معنوياً، ولا يكون حجزه، أو حبسه إلا في أماكن مخصصة لذلك لائقة إنسانياً وصحياً، وتلتزم الدولة بتوفير وسائل الإتاحة للأشخاص ذوي الإعاقة. ومخالفة شىء من ذلك جريمة يعاقب مرتكبها وفقاً للقانون. وللمتهم حق الصمت. وكل قول يثبت أنه صدر من محتجز تحت وطأة شيء مما تقدم، أو التهديد بشيء منه، يهدر ولا يعول عليه".

ومن الجلى أن السلطات الأمنية تمارس التحايل على المادة 143/3 من قانون الإجراءات الجنائية والتى تنص على أنه "وفي جميع الأحوال لا يجوز أن تجاوز مدة الحبس الاحتياطي في مرحلة التحقيق الابتدائي وسائر مراحل الدعوى الجنائية ثلث الحد الأقصى للعقوبة السالبة للحرية، بحيث لا يتجاوز ستة أشهر في الجنح وثمانية عشر شهراً في الجنايات، وسنتين إذا كانت العقوبة المقررة للجريمة هي السجن المؤبد أو الإعدام".

وذلك من خلال استمرار احتجاز الأشخاص المقبوض عليهم بعد إصدار قرارات إخلاء سبيل بحقهم لتجاوزهم المدة القانونية للحبس الاحتياطي المشار إليها، ثم تتخذ الأجهزة الأمنية سبيلها فى عرض الأشخاص المحتجزين لديها مرة أخرى على نيابة أمن الدولة العليا بتحريات مختلفة في قضايا مختلفة حتى تبدأ مدة السنتين الحد الأقصى للحبس مرة أخري من جديد، وهو ما يعتبر أوامر حبس مطلق خارجة عن الإطار القانوني.

 

انتهاكات تنظيم ولاية سيناء التابع لداعش

اختطاف مدنيين

سجلت مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان حدوث واقعة اختطاف جماعي جرت في حدود الساعة الثامنة مساء من يوم 31 أغسطس 2021، حيث شنّ تنظيم ولاية سيناء التابع لداعش هجوماً على مقهى بقرية بالوظة الواقعة غرب مدينة بئرالعبد شمال سيناء، 120 كم غرب مدينة العريش، حيث أحاط بالمقهى ثلاث سيارات ترجل منها قرابة 15 عنصراً مدججين بأسلحة خفيفة.

وفقاً لشهود عيان التقى بهم فريق المؤسسة، فإن الهجوم دام نحو 20 دقيقة حيث داهمت مجموعة مسلحة المقهى بينما انتشر بقيتهم حول المكان من الجهة الخلفية بهدف تأمين المنطقة. في البداية حاول المهاجمون ترهيب المتواجدين بإطلاق الرصاص بشكل كثيف، حيث تسبب ذلك في خلق حالة من الفوضى حاول استغلالها بعض المدنيين الشباب للهروب خوفا من الوقوع في قبضة التنظيم، قبل أن يطلق عناصر داعش النار عليهم ويصيب ثلاثة منهم. ثم قام التنظيم باختطاف 10 مدنيين، ممن كانوا متواجدين داخل المقهى و أجبروهم على الصعود إلى السيارات وانطلقوا بهم إلى مكان غير معلوم، كما قام المسلحون بالاستيلاء على سيارتين مدنيتين أثناء الهجوم. 

حصلت مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان من مصدر طبي على بيانات المصابين الثلاثة الذين جرى نقلهم لمستشفى بئر العبد المركزي لتلقي الإسعافات الطبية اللازمة، وهم:

1- علي مسعود علي، 33 عام            إصابة بطلق ناري في الركبة

2- محمد نصرالله سليمان، 27 عام       إصابة بطلق ناري في الحوض

3- جابر حسن محمد الغفير، 26 عام     إصابة بطلق ناري في الركبة واسفل الظهر
 

كما حصل فريق المؤسسة على أسماء جميع المختطفين، وهم كل من:

1- محمد نبيل السيد، 35 عام.                       6- عمر محمد سالم، 18 عام.

2- نصر علاوي رشيد، 49 عام.                        7- محمد سالم عبد اللطيف، 17 عام.

3- رضالله حسين رضالله ، 47 عام.               8 - باسل محمد عبدالله، 27 عام.

4 - هاني نصر علي رشيد، 35 عام.                  9- حسام حسن رضالله، 23 عام.

5- سالم أحمد السيد الأقرع، 27 عام.           10- إبراهيم سليمان محيسن، 40 عام.

وفقاً لأحد شهود العيان، فإن المقهى الذي شهد الهجوم كان يتواجد به عناصر (مناديب) من المدنيين المتعاونين مع الجيش وقت الهجوم، إلا أنهم تمكنوا من الفرار لحظة وصول سيارات المسلحين، ورجح أن سبب الهجوم يعود لرغبة عناصر تنظيم داعش في اعتقال مجموعة المناديب التي تعمل مع الجيش بسبب إقدامهم على مهاجمة عنصرين من التنظيم‎ قبل هذه الواقعة بأسابيع قليلة، حيث سلموا أحد المسلحين للجيش وأصابوا آخر قبل أن يتمكن من الفرار.

لاحقا وثقت المؤسسة بتاريخ 5 سبتمبر 2021، قيام تنظيم داعش بإطلاق سراح 9 من المدنيين المختطفين، وفور وصول المدنيين المخلى سبيلهم إلى قرية الهميصه نقلتهم قوات الجيش إلى نقطة عسكرية في قرية رابعة للتحقيق معهم بواسطة المخابرات الحربية، وعندما تجمهر الأهالي أمام المعسكر مطالبين بإطلاق سراح أبنائهم، طلب منهم ضباط الجيش العودة إلى منازلهم ووعدوهم بإطلاق سراح أقاربهم وتوصيلهم الى منازلهم فور انتهاء التحقيقات معهم، وهو ما حدث بالفعل.

يذكر أن محمد نبيل هو المدني الوحيد المتبقي لدى التنظيم المسلح من مجموعة المدنيين المختطفين من قرية بالوظة، ولم يخرج حتى لحظة كتابة التقرير، حيث أرسل التنظيم رسالة إلى أسرة محمد مع أحد المدنيين المخلى سبيلهم زعم فيها أن محمد مصاب ويتلقى العلاج، وأنهم سيطلقون سراحه بمجرد تحسن حالته الصحية.

التقى فريق المؤسسة ب "خالد"، وهو اسم مستعار لأحد شهود العيان ممن حضروا الواقعة، قال لنا:

الشباب كانت قاعدة على القهوة، والشباب دول لا ليهم دعوة بالجيش ولا بداعش ومكانش ليهم أي علاقة باللي صار من أسابيع لما مجموعة من بالوظة متعاونة مع الجيش هجموا على اثنين إرهابيين، أهالي سيناء بطلوا يتدخلوا، لأن الواقع اللي بيصير أنه لما بنبلغ الجيش عن ناس مشبوهة الجيش مبيتحركش، ولو الإرهابيين عرفوا أن حد بلغ عنهم بيدبحوه، فالناس بتختار السلامة ولو شافوا حد وشكوا فيه بيسيبوه يمشي وبعدين يبلغوا الجيش، أما المجموعة اللي مسكوا الاثنين المسلحين من فترة دول ناس بتشتغل مع الجيش وبتاخد فلوس،  بنقول عليهم مناديب لكن الأهالي غلابة عايزين يعيشوا بسلام و يربوا أولادهم.

وأضاف الشاهد: 

اللي حصل يومها إن فجأة لقينا 3 عربيات داخلين علينا، الناس اللي فكرت أنهم جيش وكانوا خايفين هربوا، والناس اللي شغالين مع الجيش هربوا برضو علشان افتكروهم إرهابيين، والباقين فضلوا قاعدين مكانهم ماتحركوش لأنهم في حالهم ومش خايفين من شيء. لما المسلحين دخلوا علينا الكافيه أمروا كل الموجودين يخرجوا معاهم، في ناس قاوموا ورفضوا يروحوا معاهم لكن لما المسلحين ضربوا نار على الناس اللي قاوموا، الباقيين خافوا وركبوا سيارات المسلحين. بعد ما المسلحين مشيوا اتصلنا على الاسعاف، عربيات الإسعاف وصلت بعد ما المسلحين مشيوا بعشرين دقيقة تقريبا.

وأكمل الشاهد حديثه قائلا: 

​​​​​​​عدد المسلحين تقريبا حوالي 15 مسلح، كان معاهم 3 عربيات منهم عربية بصندوق كبير، أخدوا الشباب الموجودين بشكل عشوائي، وضربوا نار على اللي حاولوا يهربوا، وأصيب برصاصهم "محمد نصرالله" حالته كانت خطيرة لأنه اتصاب في الحوض، وأصيب كمان "علي مسعود"  و"جابر حسن" أصيبوا بالرصاص في الركبة. أما بخصوص وضع أهالي المخطوفين يقهر، الناس والله هتموت على عيالها، ومش عارفين هيرجعوا ولا لأ، والجيش مابيعملش أي حاجة".


بعد قيام تنظيم ولاية سيناء بإطلاق سراح 9 من المدنيين المختطفين، التقت المؤسسة باثنين منهم لتتعرف على تفاصيل معاناتهم خلال الأيام التي قضوها في قبضة التنظيم. تنشر المؤسسة في هذا التقرير جزء محدداً من شهادة المختطفين المخلى سبيلهم بناء على طلبهم وحفاظا على سلامتهم.

"سليم" اسم مستعار قال في شهادته للمؤسسة:

​​​​​​​كنت خايف ومش مستوعب اللي بيحصل وحاسس إني في حلم لكن مع الأسف كان واقع عايشينه أننا بالفعل مخطوفين عند داعش،  بدأنا لما صحينا تاني يوم نتعرف على بعضنا الصوت كنا في عشش جنب بعضها ولو حد اتكلم كنا بنعرف صوته، أول واحد اتعرفت عليه من صوته كان "هاني" لأنه كان بيصرخ من الألم وكان تعبان، وبعدها عرفت بوجود "نصر" و"رضالله" والبقية.

وأضاف: 

أول يوم بعد الخطف جابوا لينا الأكل عبارة عن أرز وعيش محطوطين في صفيحة مقطوعة، محدش رضي ياكل لأنه مش متعودين ناكل كده وطلبنا منهم نشرب بس، هددونا لو ما أكلناش انهم مش هيدونا نشرب،  عشان كدة كل واحد أكل لقمة وقلنا مش قادرين، الأكل مرة واحدة في اليوم والمياه كانت بحساب شديد، لما طلبت أدخل الحمام الحارس أخدني وأنا عيني متغمية ومشينا شوية في الرمل، وبعدين الحارس قال لي اعمل حمام هنا في الخلاء، احساس صعب ومهين لكن مكانش فيه بديل لأنه القواعد كانت ان الحمام مسموح مرة في اليوم وممنوع الحمام بعد المغرب. أكتر حاجة كنّا خايفين منها الطيران كنا بنسمع صوت قصف قريب، وكنّا مرعوبين في كل لحظة إن طيارة تقصفهم وتقصفنا معاهم".

قال سليم: 

في اليوم الثاني بدأوا التحقيق معانا، الطريقة أنهم كانوا بياخدوا واحد واحد لعشة غير اللي كنا قاعدين فيها، والشخص اللي حقق معانا شخص جديد غير الناس اللي اتعاملنا معاهم طول فترة اختطافنا، الأسئلة كانت مين من الموجودين شغال مع الجيش،  ومين الناس اللي شغاله مع الجيش في القرية وسألني عن أكثر من شخص من القرية كان عارف اسماءهم، خلونا نفتح التليفونات طبعا وفتشوها، كانوا بيدوروا على صور لينا مع الجيش أو أرقام لضباط على التليفونات، اللي بيتحقق معاه بيرجع للعشة تاني. كانوا بينقلونا من مكان لمكان كل يوم مرة أو مرتين، واللي فينا عينه بتتعبه من العصبة كانوا بياخدوه بعيد شوية ويخلوه يفتح عينه وهو حاطط راسه بين رجليه لمدة دقيقة او اتنين وبعدين يربطوه تاني ويرجعوه للعشة. بعد التحقيقات في اليوم التالت فكوا من رجلينا وايدينا السلاسل الحديد وقالوا متحاولوش تهربوا والا هتموتوا، محدش فينا أصلا كان بيخطط للهروب، كنا مرعوبين".

وأضاف:

في اليوم الأخير لينا هناك مقالوش لينا هنفرج عنكم، أخذونا بعد صلاة الظهر وقسمونا مجموعات كل مجموعة مكونة من شخصين، وفضلوا يمشوا بينا مسافة كبيرة، كانوا بيطلبوا منّا نتخبى في وسط سبط مجهزينه (السبط اسم شجرة صحراوية)، عشان اليوم ده كان فيه طيران كتير فوقنا، بعد ساعتين تقريبا ركبونا عربية، في العربية اتجمعنا كلنا لأول مرة في مكان واحد لكن بدون سالم الاقرع وعمر محمد و محمد نبيل دول معرفناش هما فين ولما سألنا عنهم مجاوبوش".

وأكمل قائلا: 

​​​​​​​في الوقت ده المسلحين قالوا لنا أنتم خلاص مروحين، وقفوا بالعربية في مكان جبل (صحراء) وطلبوا مننا ننزل ورجعوا لنا الحاجات الشخصية اللي أخدوها منا في أول ليلة ما عدا التليفونات، اللي كان معاه تليفون أعطوه ثمنه إلا هاني كان معاه تليفون قديم فرجعوا تليفونه له، وقالوا لينا هتمشوا في الاتجاه ده وفي الليل هتلاقوا كشافات منوره دي قرية الهميصه، قدام القرية فيه معسكر للجيش ممنوع تدخلوا القرية من ناحية المعسكر عشان هيضربوا عليكم نار لو قربتم من المكان".

وأضاف سليم:

قبل ما نبدأ نتحرك في اتجاه قرية الهميصه، عقرب قرص "باسل محمد" في رجله وفضل يصرخ ووقع على الأرض، ربطناها بمحرمه (شال)، وبعدين "هاني" شال "باسل" شوية عشان نمشي من المكان بسرعة، ولما تعب هاني بدأنا نشيل ونسند في باسل بالدور،  كان كل همنا إن احنا نبعد من المكان بسرعة. فضلنا نمشي لغاية الساعة واحدة ونصف في الليل، لما قربنا لقرية الهميصة كان معسكر الجيش قدامنا وحصل بيننا اختلاف نمشي في أي اتجاه وصوتنا ارتفع، فالمعسكر بدأ يضرب نار كتير ناحيتنا وفيه معسكرات تانية بدأت تضرب نار سامعينها قريب منا خالص، واحنا من الخوف فضلنا نزحف لمسافة كبيرة خايفين نقف تيجي فينا رصاصة وبعدين اتخبينا في بيت مهجور".

ثم أكمل قائلا:

كان معانا مهندس من شركة المواسير كان مخطوف قبلنا وسابوه معانا قال لهاني اتصل على خدمة الطوارئ واحنا كنا مستغربين ازاى ومفيش شبكة ممكن حد يرد علينا، وهاني جرب الاتصال وفعلا رد علينا النجدة من القاهرة، وقلنا ليهم احنا كنا مخطوفين عند داعش، قالوا هنحول المكالمة على العريش وبعدين العريش حولتنا على معسكر الجيش في رابعة، ولما الضابط في المعسكر عرفنا واتأكد من أسماءنا،  قال هنضرب نار من المعسكرات وانتوا قولوا لينا الضرب قريب والا بعيد عشان نحدد مكانكم وبالفعل الضرب فضل ينتقل من بعيد لحد مقرب منا خالص، فالضابط قال كدة عرفنا مكانكم بالضبط خليكم لحد الصبح ومحدش يقرب من المعسكر إلا في النهار".

وأضاف: 

أول لما النهار طلع لقينا العساكر في معسكر الهميصة بتنادي علينا من بعيد، وبدأنا نقرب واحنا خايفين لحد ما وصلنا ليهم وأخدونا جوا المعسكر وطلبوا الإسعاف عشان باسل محمد مصاب في رجله من قرصة العقرب. جابوا لينا فطور وبعدين نقلونا لمعسكر رابعة وهناك الضابط قال لينا احنا كنا متابعينكم لحظة بلحظة والرئيس السيسي كان مهتم بكل التفاصيل، والطيران ضيق على التكفيريين عشان كده سابوكم، وبعدين سألونا عن تفاصيل اللي حصل والضابط طلب منا نسجل فيديوهات وقال إنه مش هيعرضها على الإعلام لكن هتروح للرئاسة، وسجلوا معنا فيديو لكل واحد لوحده، وطلب مننا نقول اسمنا و بياناتنا الشخصية ونشكر الجيش اللي حررنا من الخطف، وبعدين طلعنا في المدرعات الكبيرة ووصلنا لأهلنا الحمد لله". 

"فيصل" اسم مستعار قال لنا: 

المسلحين ربطوا أيدينا وراء ظهورنا وحطوا قطعة قماش على عينينا تحت تهديد السلاح، بعد كدة طلعونا عربيات كانت معاهم، وزعونا على كذا عربية، أعتقد انهم مشيوا بينا في اتجاه الجنوب من طريق قرية الشوحط وده قدرت أعرفه من مطبات السرعة اللي في الطريق، في الوقت ده كان معايا اتنين مخطوفين غيري في العربية اللي كنت فيها، وكنّا فاكرين انه احنا بس اللي اتخطفنا، لكن اتفاجئنا في تاني يوم انه فيه ناس غيرنا، وده عرفناه من خلال أصواتهم، لأنهم كانوا مغطيين عيوننا".

وأضاف:

نزلنا من العربية اللي كنا فيها وركبنا عربية تانية غيرها، ومشينا بالعربية حوالي ساعة لحد ما وصلنا لمكان في الصحراء، لأنه كنا بعد ما نزلنا مشينا شوية في الرمل وبعدين دخلونا عشش، وقالوا لنا ناموا مكانكم وبعدين صحونا لصلاة الفجر، وصلينا معاهم واحنا عيوننا متغطية، هما حذرونا من محاولة رفع العصبة عن العين، الصبح نقلونا مكان تاني وربطونا بسلاسل حديد من رجلينا وايدينا".

وأنهى فيصل حديثه قائلاً: 

طول فترة وجودي عندهم كنت بفكر في مصيري وحسيت إني هموت ومش هخرج ابدا من المكان ده، وكان دايما بيجي في بالي الصور والفديوهات اللي بنشوفها والمسلحين بيدبحوا أو بيقتلوا ناس خطفوهم زينا.
 

تمثل حالات الاختطاف للمدنيين نمطاً متكرراً من الانتهاكات المتفشية في شبه جزيرة سيناء، وقد اعتاد تنظيم داعش على اختطاف المدنيين وتغييبهم لمدد طويلة ضمن أعمال ممنهجة يهدف من خلالها لفرض هيمنته ومعاقبة كل من يعتبره يقف إلى جانب السلطات المصرية.



الكلمات المفتاحية


مقالات متعلقة