img
جلبانة آخر معاقل "ولاية سيناء" هل تكتب آخر فصول التنظيم في سيناء؟
15 أغسطس 2022

تدخل الاشتباكات الضارية بين تنظيم ولاية سيناء والجيش المصري في منطقة جلبانة يومها الخامس دون توقف. بدأت الأحداث يوم الخميس الماضي، بعد انتشار مسلحي داعش داخل القرية، وذلك بعدما قاموا بإغلاق مداخل أحد المناطق جنوب القرية وفخخوا الطرق المؤدية لها.

جلبانة هي إحدى قرى مركز القنطرة شرق التابع لمحافظة الإسماعيلية، وتقع في اتجاه المدخل الغربي لمحافظة شمال سيناء وتتميز منطقة زراعات كثيفة. شهدت السنوات الثلاث الأخيرة اشتعال جبهة غرب سيناء بعد أن ظلت مدن العريش والشيخ زويد ورفح شرقي سيناء هي بؤرة الأحداث الساخنة منذ بداية الأحداث عام 2013 وحتى نهاية عام 2018.

حاول التنظيم بعدها فتح جبهة جديدة غرب سيناء بعدما ضاق به الحال في معاقله التقليدية شرقي سيناء نتيجة تضييق الخناق عليه اثر حملة التجويع والحصار الغذائي على عناصره التي أطلقها الجيش المصري بالتعاون مع مسلحي القبائل بعد التحكم في ممرات الإمدادات الغذائية واللوجستية، مما اضطر التنظيم لنقل كتلته الحرجة الى محيط بئر العبد غربي سيناء. مثّل هجوم تنظيم ولاية سيناء على معسكر للجيش بقرية رابعة في يوليو 2020 وسيطرته على قرى "المثلث الأخضر" لمدة 3 شهور بمثابة إعلان رسمي عن انتقال قيادة التنظيم وقرابة 300 مقاتلا الى الغرب، بينما حافظ على زخم عملياتي منخفض في معاقله السابقة شرق سيناء من خلال الإبقاء على مجموعات عنقودية صغيرة.

مثلت اعادة التموضع التي قام بها التنظيم محاولة لاستيعاب متغيرات طرأت على مقاربة الجيش الأمنية بعد دمج مقاتلي القبائل بشكل أكثر فعالية في استراتيجيته الأمنية اضافة لبحثه عن مصادر تمويل وامداد خسر جزء كبير منها بعد سقوط التنظيم الأم في الرقة والموصل وكذلك التقارب المصري الحمساوي الذي ضيق الخناق على التنظيم وحرمه من تدفق المقاتلين الهاربين من قطاع غزة.


كيف بدأت الأحداث !!

بدأت أحداث جلبانة صباح الخميس 11 أغسطس، بعد انتشار واسع لأعداد كبيرة من مسلحي داعش على الطريق الدولي القنطرة - العريش حيث نصبوا كمينًا لهم على الطريق الدولي غرب سيناء، واستولوا خلال ذلك على 7 سيارات بينها سيارة حكومية خاصة بمجمع بحوث الصحراء في شمال سيناء، وأخرى خاصة بمؤسسة مصر الخير كانت محملة بالطعام، بالاضافة لسيارات أخرى خاصة بالأهالي "مصادر خاصة".

وبعد سيطرة محدودة لعناصر التنظيم على الطريق الدولي استمرت لأكثر من ساعة، أغلق خلالها الارتكاز الأمني عند مدخل شمال سيناء الغربي "كمين بالوظة" التابع لمركز رمانة، كما أغلق أيضًا "كمين المثلث" بالقنطرة شرق، ومنعت القوات الأمنية المواطنين من السير على الطريق لنحو 3 ساعات.

هل يتمكن داعش من الاستقرار غرب سيناء بعد فقدانه الشرق !!
بعد السيطرة المؤقتة من مجموعات مسلحة من داعش على الطريق الدولي القنطرة - العريش انتقل عناصر التنظيم جنوبًا باتجاه المناطق الزراعية، وتحديدا شرقي المنطقة المحاذية لشركة الكهرباء بالقنطرة شرق، وصولا للحدود الإدارية لـ قرية جلبانة باتجاه الجنوب.

وحسب مزارعين تحدثوا مع فريق المؤسسة فإن أعداد عناصر داعش الذين انتشروا بالمنطقة يوم الخميس تقدر بالعشرات، مشيرين لأن تلك العناصر لم تأتي لتنفيذ عملية خاطفة وإخلاء المكان بعدها، لكنهم قدموا للاستقرار، معللين ذلك لسرعة تفخيخهم المداخل والطرق داخل الزراعات!


شاهد عيان..

قالت "مريم" شاهدة عيان: "كنا في المزرعة أنا وزوجي وحفيدي وقت ما وصل التكفيريين لمنطقتنا وهي "جنوب غرب جلبانة" وبعيدة عن الطريق الرئيسي بحوالي 6 كيلو، أما شوفناهم استغربنا من منظرهم وفي الأول كنت فاكراهم تبع الجيش عشان معاهم سلاح كتير لكن بسرعة انتبهت لانهم بـ لحية ومعاهم اطفال وشباب وكلهم ماسكين سلاح.

قالوا لزوجي تعالى عاوزينك معنا.. أنا صرخت وقولت ليهم حرام عليكم هو رجل كبير عايزين منه إيه؟ رد واحد فيهم قال خلاص احنا هنسيبك عشان "الحرمة" اللي معك، وطلعنا من المكان ومعظم الناس طلعت وتركت بيوتها وأراضيها.

من الحاجات اللي مش هقدر أنساها أبدا واحنا خارجين من المكان شوفنا اتنين شباب من أهالي المنطقة مقتولين عرفنا وقتها ان الطيران قصفهم بالغلط وهما راكبين توكتوك. كنا خايفين يقصفونا احنا كمان.

وأكملت الشاهدة قولها: "الواحد بيشعر انه في كابوس ومش قادر يصدق اللي بيحصل ده، كل تعبنا هيروح هدر، الأرض دي هي اللي بتأكلنا وبتصرف على أولادي. من اللي شفناه هناك الناس دي مش جاية عشان تمشي بعد يوم أو اثنين هما فخخوا كل الأماكن بالألغام يعني لو رجعنا أرضنا بعد القضاء عليهم هيكون فيه خطر على حياتنا، وحياة كل الناس اللي زينا. مش عارفين نعمل ايه ونروح لمين يخلصنا من الكابوس ده ويرجع لينا أرضنا وبيتنا..".​​​​​​​


​​​​​​​​​أحداث مشابهة لما جرى في قرى المثلث الأخضر !!

وبحسب حديث الشاهدة وأخرين تحدثنا معهم فإن أسلوب سيطرة داعش على المنطقة الزراعية جنوب قرية جلبانة مشابه إلى حد كبير الأسلوب الذي نفذه عناصر داعش في 2020 بمناطق المثلث الأخضر "قاطية واقطية والمريح" جنوب بئرالعبد. حيث تمركزوا في منطقة شاسعة محاطة بزراعات الزيتون والأشجار الكبيرة، وسارعوا في تفخيخ الطرق الرئيسية والفرعية لمنع تقدم قوات الجيش ومسلحي المجموعات القبلية الموالية للجيش، وتزامن ذلك وقتها مع فرار السكان المحليين من منازلهم خشية القصف الجوي، وعبوات داعش الناسفة. وهو ما حدث بشكل متطابق بمنطقة مزارع المانجو والزيتون الكثيفة جنوب قرية جلبانة، حسب ما وصلنا من السكان المحليين وشهود العيان.
​​​​​​​
مستثمر.. "جلبانة تحترق" !!

وفي بوست نشره أحد المستثمرين وهو من أصحاب الشركات التي تمتلك مساحات زراعية كبيرة بمنطقة جلبانة، "قبل أن يعاود حذفه لاحقا".

قال فيه: "جلبانه تحترق، بعد أن جعلناها جنة. في لحظة أصبحت ميدان حرب طائرات ودبابات وصواريخ ودانات وأصوات الرصاص من جميع الجهات. احساس غريب بالعجز في كل شئ والعقل وقف عن التفكير. كل هذا على بعد أمتار من أهم شريان مائي في العالم كله".

​​​​​​​دعوات النفير لـ جلبانة !!

في المقابل دعت القيادات القبلية للمجموعات المسلحة الموالية لقوات الجيش بسرعة الحشد والتوجه لمنطقة جلبانة للاشتباك مع عناصر داعش المتحصنين داخل الزراعات الكثيفة.

وقد لاقت دعوة القيادات القبلية قبول لدى عدد كبير من مسلحي المجموعات القبلية الموالية للجيش، حيث انضم الكثير منهم بمناطق الشيخ زويد ورفح وبئر العبد لقوات الجيش للاشتراك في مداهمة مناطق سيطرة داعش، جنوب قرية جلبانة.

رصدت المؤسسة استمرار خروقات القانون الدولي التي شابت استراتيجية الجيش لدمج المقاتلين المحليين. حيث رصدت مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان عبر شهادات لسكان محليين وصور وفيديوهات حصلت عليها تفيد باستمرار انخراط أطفال دون الثامنة عشر في المعركة الجارية في جلبانة، وكانت المؤسسة قد وثقت تزايد في عمليات تجنيد الأطفال للقتال مع المجموعات المسلحة الموالية للجيش المصري واستخدامهم في أعمال عسكرية في إطار الحرب ضد تنظيم "ولاية سيناء" التابع لداعش في شمال شبه جزيرة سيناء، والتي باتت  ملحوظة بشكل مطرد خلال النصف الأول من عام 2022. جرى هذا التجنيد تحت إشراف ومعرفة السلطات المصرية".​​​​​​​


العمليات العسكرية !!

وخلال الأيام الأربعة الماضية وثق فريق المؤسسة مقتل 5 عناصر من داعش في قصف للجيش استهدف سيارة دفع رباعي كان يستقلها عناصر التنظيم جنوب قرية جلبانة.

وفي المقابل أصيب عنصر من المجموعات القبلية المسلحة الموالية للجيش، إثر تبادل لإطلاق النار مع عناصر داعش في اليوم الثاني من هجوم التنظيم جنوب قرية جلبانة غرب سيناء.


ضحايا القصف الخطأ من المدنيين !!

وبجانب هذا فقد وثق فريق المؤسسة مقتل مدنيين اثنين أحدهما مزارع والآخر كان يستقل توك توك في استهدافين منفصلين للجيش عن طريق الخطأ، كما أصيب شابين آخرين بإصابات متوسطة بعد استهداف بالخطأ أيضا لـ سيارة مدنية "ملاكي" كانا يستقلانها حيث قصفت بصاروخ من طائرة أباتشي، كذلك تجدد قصف الخطأ للمرة الثالثة حيث قصف الجيش أيضًا سيارة مدنية لأحد المواطنين جنوب قرية جلبانة دون إصابات.

فقدان التواصل مع مدنيين !!

كما وثق فريق المؤسسة فقدان التواصل مع عدد كبير من سكان قرية جلبانة الذين يعملون في المزارع التي سيطر عليها تنظيم داعش، ولم يعرف حتى الآن مصيرهم.


هدوء ملحوظ شرق و وسط سيناء!!

وفي الوقت الذي تشتعل فيه الأحداث غربًا، قرب قناة السويس، يسود هدوء ملحوظ في جبهات القتال بين عناصر المجموعات القبلية المسلحة الموالية للجيش مع عناصر داعش في مناطق المغارة بوسط سيناء، ورفح شرق سيناء.

 



الكلمات المفتاحية


مقالات متعلقة