img
نساء يتعرضن لانتهاكات بزعم صلتهن بـ"داعش"
17 مايو 2023

التقرير متوفر باللغة الانجليزية 

  • احتجزت السلطات المصرية تعسفا نساء وفتيات على صلة بأفراد يُشتبه بانتمائهم إلى جماعة تابعة لـ "تنظيم الدولة الإسلامية" (المعروف أيضا بـ ’داعش‘) في شمال سيناء، بعضهن لشهور أو سنوات.
  • بعضهن كن ضحايا لانتهاكات الجماعة المرتبطة بداعش، بما في ذلك الاغتصاب والزواج القسري، وتعرضن للاحتجاز بعدما هربن وطلبن مساعدة السلطات.
  • ينبغي للسلطات الإفراج عن كل المحتجزات تعسفا، ومحاكمة مرتكبي الانتهاكات. على شركاء مصر حث السلطات على وضع حد لانتهاكات قوات الأمن؛ وعلى "الأمم المتحدة" معالجة الوضع الحقوقي المتدهور في مصر.

قالت "هيومن رايتس ووتش" و"مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان" اليوم إن السلطات المصرية احتجزت تعسفا نساء وفتيات على صلة بأفراد يُشتبه بانتمائهم إلى جماعة تابعة لـ "تنظيم الدولة الإسلامية" (المعروف أيضا بـ ’داعش‘) في شمال سيناء، بعضهن لشهور أو سنوات.

عذبت السلطات أيضا عدة نساء وفتيات واحتجزتهن لفترات مطوّلة بمعزل عن العالم الخارجي. قال محامون وشهود إن الاحتجازات كانت تهدف عادة إلى الضغط على أقاربهن الذكور المشتبه بصلتهم بتنظيم "ولاية سيناء" (تنظيم ولاية سيناء)، التابع لداعش، لتسليم أنفسهم أو الحصول على معلومات عنهم. بعض هؤلاء النساء والفتيات كن ضحايا لانتهاكات الجماعة المرتبطة بداعش، بما في ذلك الاغتصاب والزواج القسري، وتعرضن للاحتجاز بعدما هربن وطلبن مساعدة السلطات.

قال أحمد سالم، المدير التنفيذي لمؤسسة سيناء لحقوق الإنسان: "تُسيء السلطات المصرية معاملة العديد من النساء والأطفال في شمال سيناء لانتزاع معلومات عن أقاربهم المشتبه بانتمائهم إلى الجماعة التابعة لداعش أو الضغط عليهم لتسليم أنفسهم. ينبغي للسلطات الإفراج فورا عن جميع النساء والفتيات المحتجزات لمجرد قرابتهن أو ارتباطهن برجال مشتبه فيهم، والتحقيق في تعرضهن للتعذيب وسوء المعاملة".

منذ يوليو/تموز 2013، تصاعدت العمليات العسكرية المصرية في شمال سيناء ضد تنظيم ولاية سيناء، الذي أعلن ولاءه لداعش في 2014. حولت السلطات المصرية شمال سيناء فعليا إلى منطقة عسكرية مغلقة تُحظر فيها الصحافة المستقلة. ارتكب الجيش المصري والشرطة وتنظيم ولاية سيناء انتهاكات خطيرة للقانون الدولي الإنساني بعضها يرقى إلى جرائم الحرب.

وثّقت هيومن رايتس ووتش ومؤسسة سيناء لحقوق الإنسان 21 حالة وقعت بين 2017 و2022 شملت 19 امرأة وفتاتين. قابلت المنظمتان عن بعد أقارب تسع من النساء والفتيات، ومحامين يمثلون تسع نساء أخريات، وامرأتين كانتا محتجزتين مع امرأة أخرى، ومحتجزتين سابقتين.

قال أقارب ثلاث نساء إن عناصر "قطاع الأمن الوطني" (الأمن الوطني) اعتدوا عليهن في مواقعه المختلفة، بما في ذلك الضرب والصعق بالكهرباء. قالت امرأتان أخريان إن العناصر اعتدوا عليهن لفظيا، وصفعوا إحداهن على وجهها، وعصبوا عيني الأخرى في أقسام شرطة شمال سيناء.

قالت المصادر إن النساء والفتيات تعرضن لانتهاكات جسيمة من قبل أعضاء تنظيم ولاية سيناء في مخابئهم، منها بالاغتصاب والزواج القسري. في بعض الحالات، منع أعضاء الجماعة النساء والفتيات من المغادرة. لكن في كل الحالات الـ21 الموثّقة في هذا التقرير، لم تُعامل السلطات النساء والفتيات كضحايا محتملين لجرائم.

وقال أقارب ومحامون إن السلطات أحالت خمسة من النساء وفتاة، وجميعهن احتجزن في 2019 و2021، للمحاكمة بعدما هربن وطلبن حماية السلطات. قالت المصادر إن قوات الأمن اعتقلت الفتاة والنساء الخمس فورا واحتجزتهن بمعزل عن العالم الخارجي دون اتصال بمحامين لمدد بلغت شهرين، وعذبت واحدة منهن على الأقل.

أمرت النيابة العامة أو القضاة بالإفراج عن ثلاثة من النساء الستة في 2021 و2022. قال محامون إن أجهزة الأمن تحايلت على قرارات الإفراج بإدراجهن في قضايا جديدة، باستخدام نفس تهم تقديم الدعم اللوجستي لجماعة إرهابية أو الانضمام إليها، وذلك لمنع الإفراج عنهن. تستخدم السلطات هذه الطريقة، المعروفة باسم "التدوير"، لإبقاء الأشخاص محتجزين تعسفا رغم أمر القضاء بالإفراج عنهم.

في إحدى الحالات، احتجزت السلطات في 2019 فتاة (15 عاما) تعرضت للزواج القسري ثلاث مرات منذ أن كانت في سن 14، حيث توفي زوجاها الأولان في اشتباكات مسلحة. قال محاميها إنها عندما انتقلت من شمال سيناء إلى القاهرة، احتجزتها السلطات بمعزل عن العالم الخارجي لستة أشهر ووجهت لها اتهامات.

اعتقلت قوات الأمن نساء وفتيات أخريات لم يسبق لهن العيش في مخابئ تنظيم ولاية سيناء، وربما لم يذهبن إلى هذه المخابئ أبدا، بحسب ما قاله أقاربهن، وذلك فيما يبدو لانتزاع معلومات منهن عن أقارب لهن أو للانتقام من الأقارب المشتبه في انتمائهم إلى الفرع المحلي لداعش.

منذ منتصف 2020، يبدو أن تنظيم ولاية سيناء فقد الكثير من معاقله في شمال سيناء. بحجة محاربة تنظيم ولاية سيناء، احتجز الجيش المصري والشرطة آلاف الأشخاص، العديد منهم تعسفا في حملات جماعية، وأبقياهم معزولين.

قال آدم كوغل، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "العديد من النساء والفتيات في شمال سيناء عانين فعليا من انتهاكات لا تطاق على أيدي أعضاء من الجماعة المرتبطة بداعش. ينبغي للحكومة المصرية حمايتهن بدلا من حبسهن وتعذيبهن".

استُخدمت أسماء مستعارة للنساء والفتيات اللاتي وثّقت هيومن رايتس ووتش ومؤسسة سيناء لحقوق الإنسان الانتهاكات بحقهن من أجل حمايتهن.

قال أقارب ومحامون إن قوات الأمن اعتقلت 12 امرأة وفتاة من أصل 21 بمعزل عن العالم الخارجي لفترات تراوحت بين أسبوعين وستة أسابيع، معظمها في منشآت الأمن الوطني في القاهرة، وشمال سيناء، وفي محافظة الإسماعيلية المجاورة. قالت المصادر إن السلطات لم تُجب استفسارات العائلات بشأن مكان ستة من النساء المحتجزات بينما أخفتهن قسرا. احتجز عناصر من الجيش امرأتين من أصل 12 لمدة تصل إلى أسبوع في مبنى للمخابرات الحربية في شمال سيناء.

صدرت أحكام جنائية بحق امرأتين فقط من أصل 12. ما تزال ست منهن على الأقل محتجزات. أفرجت السلطات عن ثلاث نساء بعد استجوابهن لأقل من يوم، لكنها احتجزت خمس نساء أخريات دون محاكمة حتى 30 شهرا. قال محامون وأقارب إن السلطات أمرت بالإفراج عن خمس نساء أخريات في يونيو/حزيران ويوليو/تموز 2021 دون محاكمة بعد أشهر أو سنوات، لكن المحامين لم يتمكنوا من تأكيد ما إذا كانت السلطات قد أفرجت عنهن فعلا.

التقاعس عن التعامل مع النساء والفتيات اللاتي تعرضن لانتهاكات من قبل تنظيم ولاية سيناء كضحايا

رغم التعتيم الإعلامي الذي فرضه الجيش، وثّقت عدة مجموعات حقوقية مصرية انتهاكات ضد نساء وفتيات في شمال سيناء على يد أعضاء ذكور في تنظيم ولاية سيناء، الفرع المحلي لداعش. لكن في جميع الحالات الـ21 التي وثّقتها هيومن رايتس ووتش ومؤسسة سيناء لحقوق الإنسان لنساء وفتيات احتجزتهن السلطات المصرية بسبب صلات أسريّة مزعومة بتنظيم ولاية سيناء، لم تتعامل السلطات مع المحتجزات كضحايا جرائم محتملات.

قال أحد أقارب "زينب" (35 عاما)، إحدى النساء الستة اللاتي سلّمن أنفسهن لقوات الأمن، إن في تنظيم ولاية سيناء، "الدور الوحيد للنساء هو [استخدامهن] للجنس... عوملن كخادمات وجواري... تجلس المرأة في خيمة حتى يدخل عليها رجل [لممارسة الجنس]، فيصبحا زوجين". قالت سبعة مصادر إن أعضاء تنظيم ولاية سيناء أجبروا العديد من هؤلاء النساء على الانتقال إلى مخابئ الجماعة، ومنهن فتاة من مواليد سيناء كانت في سنّ 14 عندما أجبرتها عائلتها على الزواج من عضو في تنظيم ولاية سيناء، بحسب محاميها.

قال محام إن موكلته عاشت في مخابئ تنظيم ولاية سيناء لشهر ونصف في 2017 قبل أن تتمكن من الفرار، ورفضت طلب أشقائها العيش معهم أكثر من مرة. لكن لاحقا اختفى ابنها الأصغر، فاتصل بها شقيقها وقال لها إنها إذا أرادت رؤية ابنها مجددا، فعليها المجيء والعيش معهم.

انتقلت امرأة أخرى (33 عاما) مع زوجها من القاهرة إلى شمال سيناء أواخر 2016 بعدما أخبرها أنه عُيّن في وظيفة حكومية هناك، بحسب محاميها. وفي شمال سيناء، اكتشفت أنه كان يُخطط للانتقال إلى مخابئ الجماعة. قال المحامي إنها رفضت في البداية الذهاب معه، ولم تلتحق به إلا بعد أن اختطف ابنتيهما.

وثّقت مجموعات أخرى هذا النوع من سوء المعاملة. قالت "الجبهة المصرية لحقوق الإنسان" (الجبهة المصرية)، وهي منظمة حقوقية مستقلة، إنها وثّقت في 2021 انتهاكات خطيرة ضد نساء وفتيات على يد أعضاء تنظيم ولاية سيناء في مخابئ تنظيم ولاية سيناء شمال سيناء، منها الزواج القسري وزواج الأطفال، والضرب، وتهديدات بالقتل إذا حاولن الهروب أو رفضن جلب الطعام لهذه المواقع. قالت المنظمة إن 15 امرأة بدوية ممن اتهمتهن السلطات في قضايا تنظيم ولاية سيناء تزوجن من عناصر في تنظيم ولاية سيناء المسلح دون اللقاء بأزواجهن مسبقا ودون موافقتهن على الزواج، وإن أربعة منهن كن قاصرات حينئذ.

قالت الجبهة المصرية إن هؤلاء النساء والفتيات ليس لديهن غالبا مصدر دخل آخر، ويُهددهن أزواجهن عادة بفصل أطفالهن عنهن إذا حاولن المغادرة. لكن بدلا من اعتبار هؤلاء النساء والفتيات ضحايا، وتوفير خدمات إعادة التأهيل لهن، عمدت السلطات المصرية إلى "اعتقالهن للضغط على أزواجهن في تنظيم ولاية سيناء لتسليم أنفسهم".

وثّق "مركز بلادي جزيرة الإنسانية"، وهو مركز حقوقي مستقل، حالات لـ106 امرأة وست فتيات من شمال سيناء احتجزتهن السلطات بين 2018 و2022 في 24 قضية تتعلق بالانضمام إلى تنظيم ولاية سيناء أو مساعدته. استنادا إلى مقابلات مع 19 منهن، قال مركز بلادي إن تسعة منهن أُجبرن على الزواج، منهن ست فتيات، وإن 85% منهن أردن الطلاق. اعتقلت السلطات على الفور فتاتين من الستة اللاتي هربن، لكنها لم توفر لهما خدمات إعادة تأهيل ولم تُحقق في الانتهاكات البدنية والنفسية التي مورست عليهما من قبل عائلتيهما وزوجيهما.

الاحتجاز التعسفي

وثّقت هيومن رايتس ووتش ومؤسسة سيناء لحقوق الإنسان إخضاع السلطات لثمانية من النساء الـ21 لما يُعرف في مصر بـ"التدوير"، وإبقائهن محتجزات تعسفا رغم صدور أوامر قضائية بالإفراج عنهن، وذلك بإدراجهن في قضايا جديدة بنفس التهم.

قال محامون وأفراد من العائلات إن قوات الأمن احتجزت ست نساء بعدما هربن من أزواجهن المنتمين للتنظيم وطلبن مساعدة من السلطات. اعتقلت قوات الأمن واستجوبت أيضا أربعة من النساء الـ21 عند نقاط تفتيش في شمال سيناء والإسماعيلية دون مذكرات اعتقال أو أساس قانوني بعدما فحص عناصر الأمن قواعد البيانات فوجدوا أن أزواجهن وأقارب آخرين لهن يُشتبه بانتمائهم للتنظيم. اعتقلت السلطات 11 امرأة أخرى في المنزل أو العمل، أو في مستشفيات في شمال سيناء في حالتين أخريين.

في 2021، هربت "هبة" (21 عاما)، وكانت حاملا في شهرها الثامن، من مخبأ وتوجهت إلى المستشفى القريب من قناة السويس، بحسب محاميها. لكنها عندما أخبرت الطاقم الطبي بأنها متزوجة من أحد أعضاء تنظيم ولاية سيناء، اتصلوا بالسلطات الأمنية فاعتقلتها واتهمتها بالانضمام إلى جماعة إرهابية وتقديم المال والدعم لها. أمر قاض بالإفراج عن هبة في 2021، بعد عشرة أشهر دون محاكمة، بشرط حضورها بانتظام إلى قسم الشرطة عدة مرات في الأسبوع، لكن المحامين قالوا إن قوات الأمن لم تطلق سراحها.

قالت امرأتان إنهما احتُجزتا واستُجوبتا لبضع ساعات في 2021 بشأن أقارب مطلوبين أو يُشتبه بانتمائهم للتنظيم، ثم أطلق سراحهما. اعتُقلت إحداهما من منزلها دون اطلاعها على مذكرة اعتقال، وكانت قد احتُجزت مسبقا في 2019 لمدة 21 يوما لاستجوابها بشأن أحد أقاربها الذكور. والأخرى سلّمت نفسها بعد احتجاز اثنين من أقاربها تعسفا لأنهم لم يجدوها في المنزل.

قالت: "عندما وصلت إلى مركز الشرطة، عصبوا عيني واستجوبوني بشأن اثنين من أقاربي قالت الشرطة إنهما مطلوبان. أقسمت لهم مرارا أنني لا أعرف أي شيء عنهما [لكن] شرطيا ظل يصرخ في وجهي. ثم طلبوا مني أن أكتب على ورقة كل معلوماتي الشخصية ومعلومات زوجي، وصوروني مع الورقة قبل إخلاء سبيلي". قالت المرأة الأولى إن شرطيا صفعها على وجهها وقال لها: "أريد أن أحصل على ترقية مثل الضابط فلان [حُجب الاسم]. أعطني معلومات عن قريبك، وإلا فلن يُفرج عنك هذه المرة. سوف نقطعك إربا للعشاء".

قال محامي امرأة تُدعى "هنية" إنها اعتُقلت أثناء زيارتها لحماتها في المستشفى القريب من قناة السويس في 2021. قال إن هنية لم تذهب أبدا إلى أي مخابئ للتنظيم، وفقدت الاتصال بزوجها بعد انضمامه إلى تنظيم ولاية سيناء منذ سنوات، ولا علم لها بوضعه أو ما إذا كان حيا. اتُهمت بالانضمام إلى جماعة إرهابية وتقديم دعم لوجستي لها. أمر قاض بالإفراج عنها في 2022، لكن محاميها لم يستطع التأكد إن كان قد أفرج عنها فعلا.

اعتقلت الشرطة "ميمونة" من مقر عملها كصيدلانية في العريش، شمال سيناء، في 2021، واقتادوها في سيارة خاصة إلى مكان غير معلوم، وقالوا لها إنها ستُستجوب ثم يُفرج عنها بسرعة، وفقا لأحد أقاربها. لكن السلطات أخفتها قسرا لشهر تقريبا، ولم تُجب استفسارات عائلتها عن مكانها.

اتهمتها السلطات لاحقا بالانضمام إلى جماعة إرهابية وتقديم دعم لوجستي لها. وبعد ستة أشهر، أمر قاض بالإفراج عنها، دون محاكمة، لكن السلطات لم تفرج عنها إلا بعد ستة أشهر أخرى احتجزتها خلالها بمعزل عن العالم الخارجي في قسم شرطة في شمال سيناء.

اعتقلت الشرطة "سلمى" في 2020 مع والدتها من منزلهما في شمال سيناء بعدما علمت السلطات بانضمام شقيقها إلى تنظيم ولاية سيناء. قال محاميها إنها قالت للنيابة إن شرطيا في قسم شرطة في شمال سيناء قال لها: "أنت رهينة هنا حتى يُسلّم شقيقك نفسه". أبقتها النيابة ووالدتها في الحبس الاحتياطي لأكثر من عامين بتهمة الانضمام إلى جماعة إرهابية. أفرجت السلطات عن سلمى في أكتوبر/تشرين الأول 2022 لكن ما تزال والدتها محتجزة دون محاكمة.

في أواخر 2019، احتجزت الشرطة امرأة لشهر في منشأة احتجاز تابعة للأمن الوطني قرب قناة السويس، غرب شمال سيناء، واستجوبتها بشأن أشخاص يُشتبه بانتمائهم للتنظيم. قال أحد أقاربها: "هددها أحد ضباط الأمن الوطني بصعقها بالكهرباء، وعرض عليها صورا لأشخاص يُشتبه بانتمائهم لداعش، وسألها عن أسمائهم الحقيقية والحركية، وما إذا كانوا على أحياء أم لا. كما عصبوا عينيها في كثير من جلسات الاستجواب هذه".

وبالمثل، أفاد مركز بلادي أن السلطات لم تقدم أي أدلة مادية على ارتكاب النساء والفتيات الـ19 اللاتي قابلهن لأي مخالفات. وجد مركز بلادي أن غالبية النساء والفتيات الـ112 اللاتي وثّق حالاتهن واجهن الاحتجاز المُطوّل وغير المبرر، وبعضهن تعرضن لانتهاكات جسدية، وبرّأت المحاكم العسكرية 19 من أصل 34 في ست قضايا في 2022، دون التحقيق في الانتهاكات المرتكبة ضدهن من قبل تنظيم ولاية سيناء أو السلطات.

روايات تفصيلية

"ياسمين"

قال محامي ياسمين (19 عاما)، من سيناء، إنها لم تتلق أي تعليم رسمي، وأجبرتها أسرتها في 2018 وهي في سن 14 على الزواج من عضو في تنظيم ولاية سيناء يكبرها بـ25 عاما. عاشت معه في مخبأ للتنظيم في شمال سيناء حتى قُتل في اشتباكات مسلحة. ثم أجبرها تنظيم ولاية سيناء على الزواج من رجل آخر من تنظيم ولاية سيناء، والذي قُتل أيضا في مواجهات. كان عمرها 15 عاما عندما أجبرها تنظيم ولاية سيناء على الزواج من أحد أعضائه للمرة الثالثة. في 2019، ساعدها زوجها الثالث على الهرب إلى القاهرة، حيث تعيش عائلته، وكانت ياسمين وقتها حامل.

عندما وصلت ياسمين إلى القاهرة، اعترضت قوات الأمن مكالمة أجرتها مع زوجها، وحددت موقعها واعتقلتها. قال المحامي إن ياسمين أمضت ستة أشهر في الاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي حتى أكتوبر/تشرين الأول 2019 في مبنى تابع للأمن الوطني في القاهرة، ثم عرضتها السلطات على النيابة التي اتهمتها بالانضمام إلى جماعة إرهابية وتقديم دعم لوجستي لها. قال أيضا إنها ظلت دون محام حتى جلسة المحاكمة الثانية.

قال المحامي إنها أخبرته أن محققي جهاز الأمن ضربوها وصعقوها بالكهرباء في عدة أماكن من جسدها رغم أنها كانت متعاونة وتجيب على أسئلتهم. قال إنها تعرضت للتعذيب لأن زوجها منتم تنظيم ولاية سيناء.

أمر قاض بإطلاق سراح ياسمين في يونيو/حزيران 2022، لكن محاميها قال إنه لم يتمكن من معرفة ما إذا أُطلق سراحها فعلا. قال إنها لم تُحاكم أبدا واحتُجزت مع بالغين في قسم شرطة في المنطقة الشرقية للقاهرة قبل صدور أمر الإفراج عنها.

"رشا"

كانت رشا (35 عاما)، من شمال سيناء وأم لعدة أطفال، متزوجة لحوالي 20 عاما من رجل انضم للتنظيم في 2013 بعدما جنّده شقيقه، وفقا لأحد أقاربها. قال إن زوجها طلب منها الالتحاق بتنظيم ولاية سيناء فرفضت، لكنها وافقت على الذهاب إلى مخبئه في زيارات قصيرة منتظمة. بعد مقتل زوجها في اشتباكات مسلحة أثناء زيارتها له في 2017، حاول تنظيم ولاية سيناء إجبارها على الزواج من عضو آخر. طلبت مساعدة قوات الأمن، لكنها بدلا من ذلك احتُجزت ثلاثة أيام في مبنى للأمن الوطني في شمال سيناء قبل إطلاق سراحها.

قال قريبها إنها تلقّت في أوائل 2018 مكالمة من امرأة التقت بها في مخبأ تنظيم ولاية سيناء فأخبرتها أن المسلحين علموا أنها عادت إلى منزل أسرتها في إحدى قرى شمال سيناء، وحذرتها من أنها أخطأت بالمغادرة دون إذنهم وأنهم سيلاحقونها وأمها. قال قريبها إن المتصلة أخبرت رشا بأن زوجها تعهّد للتنظيم بأنها لن تُغادر إذا مات.

قال قريبها إنها عادت بعد المكالمة إلى مخبأ تنظيم ولاية سيناء في 2018. وفي 2021 تمكنت من الهرب مجددا: "لم تكن ترغب في أن تكون هناك أصلا". طلبت رشا المساعدة ومعها أبناؤها عند نقطة تفتيش أمنية في بلدة في شمال سيناء. اقتادتها السلطات وأطفالها إلى منشأة تابعة للأمن الوطني، ورفضت طلبها في نقل الأطفال إلى والد زوجها.

قال قريبها: "ظلت معصوبة العينين ومقيدة اليدين لخمسة أيام، وتعرضت للضرب، والصعق بالكهرباء أمام أطفالها. في النهاية، بدأت تهلوس فاضطروا إلى إحضار طبيب، لكنهم لم يوقفوا التعذيب". قال أيضا إن عناصر الأمن الوطني كانوا يأخذون أطفالها إلى غرفة قريبة ويجعلونهم يصرخون فتعتقد أنهم يتعرضون للتعذيب لانتزاع اعترافات منها وإجبارها على التوقيع".

قال قريبها إن عناصر الأمن الوطني كانوا يزيلون الأغلال عن إحدى يديها لإرضاع طفليها الصغيرين. ظلت رشا وأطفالها في منشأة الأمن الوطني لأسبوعين، ثم نقلتها السلطات إلى قسم شرطة في شمال سيناء للمحاكمة. وهناك، سلّمت الشرطة الأطفال إلى والد زوجها.

أفرجت السلطات عن رشا في أغسطس/آب 2022 بعدما أدانتها محكمة عسكرية بالحبس ستة أشهر آخرين قضتهم في السجن.

"منى"

منى (39 عاما)، من سكان شمال سيناء، معلمة وأم لأربعة أطفال. قال أحد أقاربها إن السلطات اعتقلتها أول مرة في مايو/أيار 2021 أثناء سفرها من شمال سيناء إلى القاهرة لزيارة زوجها، الذي كان يقضي عقوبة في "سجن طرة" منذ بدايات القرن الحالي بعد إدانته بارتكاب جرائم عنف تتعلق بالتطرف المسلح.

أوقفت قوات أمنية منى في نقطة تفتيش قريبة من قناة السويس واستجوبتها. وبعد ساعة، اتصلت بأسرتها وأخبرتهم أن عنصرا في الأمن الوطني طلب منها مرافقتها إلى المكتب "لتخضع لفحص أمني آخر ثم يُطلق سراحها". وبعد ساعتين من اتصالها، اكتشف أقاربها أن هاتفها مغلق.

استفسرت عائلتها عنها في كل مواقع الاحتجاز القريبة، لكن السلطات أخبرتهم بأنها ليست محتجزة لديها. بعد شهر، علموا أنها عُرضت على النيابة، حيث اتهمتها بالانضمام إلى جماعة إرهابية وتمويلها. قال قريبها إنهم علموا لاحقا ذلك الشهر أن قوات الأمن أخفتها قسرا، واحتجزتها في مباني تابعة للأمن الوطني قرب قناة السويس. قال محاميها إن الاستجوابات كانت غالبا عن أشقائها، الذين قُتلوا وهم يقاتلون مع تنظيم ولاية سيناء ضد الجيش المصري في شمال سيناء في 2017.

في يونيو/حزيران 2021، أمرت النيابة بالإفراج عن منى، لكن أسرتها علمت عبر قنوات غير رسمية بأنها ما زالت محتجزة في نفس قسم الشرطة في شمال سيناء. قال قريبها إنهم ذهبوا إلى القسم ليسألوا عن مكانها، فأخبرهم شرطي أنهم أطلقوا سراحها وأن الشرطة ليست "مسؤولة عن هروبها من العائلة".

في نوفمبر/تشرين الثاني 2021، علمت الأسرة من محامي منى أنها عُرضت مجددا على النيابة في قضية جديدة أيضا بتهمة الانضمام إلى جماعة إرهابية. قال محاميها إنها أخبرت النيابة أثناء الجلسات بأن قوات الأمن احتجزتها من يونيو/حزيران إلى نوفمبر/تشربن الثاني 2021 في مكان مجهول، حيث ضربوها وصعقوها بالكهرباء في مناطق حساسة من جسدها.

في أبريل/نيسان 2022، أمر قاض بإطلاق سراح منى، دون محاكمة، بشرط حضورها بانتظام إلى السلطات، لكن السلطات أبقتها محتجزة حتى أكتوبر/تشرين الأول 2022.

الالتزامات القانونية الدولية

حتى في وقت الحرب، وبموجب القانون الدولي، يجب على السلطات التي تحتجز مدنيين تعتبرهم تهديدا أمنيا بتوضيح الأساس القانوني لاحتجازهم والسماح لهم بالطعن في ضرورة وشرعية احتجازهم أمام هيئة قضائية مستقلة. الحظر القانوني الدولي للتعذيب، والمعاملة اللاإنسانية والمهينة، بما في ذلك أثناء الاحتجاز، هو حظر مطلق. ويُعد الاحتجاز لمجرد الروابط الأسرية شكلا من أشكال العقاب الجماعي، ويُعتبر في حالات النزاع المسلح جريمة حرب. يسمح القانون الدولي بفرض عقوبات فقط على المسؤولين عن ارتكاب جرائم، بعد إجراءات عادلة لتحديد المسؤولية الجنائية الفردية.

يجب معاملة الأطفال المرتبطين بجماعات كولاية سناء أولا وقبل كل شيء كضحايا ما لم تتوفر أدلة موثوقة تؤكد أن لهم مسؤولية جنائية فردية. في كل الحالات التي يُتهم فيها أطفال بارتكاب جرائم، يجب اتخاذ القرارات بناء على مصالحهم الفضلى من خلال نظام قضائي متخصص للأطفال والأحداث. بموجب الحقوق الدولية للطفل، لا يجب احتجاز الأطفال إلا كتدبير استثنائي يُلجأ إليه كملاذ أخير ولأقصر مدة ممكنة.

تؤكد قرارات "مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة"، منها "القرار رقم 2396 لسنة 2017"، على أهمية مساعدة النساء والأطفال المرتبطين بجماعات مثل داعش والذين قد يكونون ضحايا للإرهاب، بما في ذلك من خلال إعادة التأهيل والإدماج. مصر مطالبة بموجب التزاماتها الدولية بدعم ضحايا الاعتداءات الجنسية، التي يجب أن تُقر بأنها تشمل الاغتصاب الزوجي، بما في ذلك توفير المساعدة المتخصصة للضحايا الأطفال.

توصيات إلى مصر وشركائها

إلى السلطات المصرية:

  • ضمان التحقق مما إذا كانت النساء أو الفتيات اللواتي تم تحديدهن على أن لهن صلات بولاية سيناء قد تعرضن لانتهاكات محتملة وضمان تزويد جميع ضحايا الانتهاكات بالمساعدة وإعادة التأهيل وإعادة الدمج.
  • الانخراط في مناقشات، بمشاركة كل السلطات المعنية، لوضع خطة وطنية للمحاكمات المرتبطة بتنظيم ولاية سيناء ومجموعة من المبادرات الأخرى، منها إعلاء صوت الحقيقة والتعويضات، لمعالجة جرائم تنظيم ولاية سيناء.
  • إعطاء الأولوية لمحاكمة المسؤولين عن الجرائم الأكثر خطورة مع البحث عن بدائل للمحاكمة للذين قد يكونوا ارتكبوا جرائم صغيرة لكنهم أجبروا على الانضمام للتنظيم قسرا أو العيش مع أعضاء تنظيم ولاية سيناء، أو الذين لم يُؤذوا أو يُخططوا لإيذاء الناس أو ارتكاب جرائم خطيرة أخرى.
  • إنشاء لجنة قضائية مستقلة، تتمتع بموارد كافية، وخبراء مستقلين، وسُلطة لإجراء تحقيقات شاملة، وسريعة، ونزيهة لضمان المحاسبة على التعذيب، والإخفاء القسري، وغيره من ضروب المعاملة السيئة على يد الأمن الوطني، أو الشرطة، أو المسؤولين العسكريين.
  • توجيه وزارة الداخلية إلى منع احتجاز أي شخص في مكاتب الأمن الوطني أو أي مرافق أخرى غير أقسام الشرطة والسجون المسجلة رسميا.
  • احترام الضمانات الإجرائية ضد الاحتجاز التعسفي، والامتثال للقيود المفروضة على الحبس الاحتياطي المنصوص عليها في القانون الدولي لحقوق الإنسان، واعتماد تدابير بديلة للحبس الاحتياطي.
  • الإفراج فورا عن كل شخص محتجز بشكل تعسفي غير قانوني، بما في ذلك النساء اللواتي احتجزن لمجرد صلة قرابة بأعضاء في تنظيم ولاية سيناء، وتوفير سبل انتصاف وتعويضات فعالة عن فترة الاحتجاز ظلما.
  • تطوير بدائل للاحتجاز والمحاكمة للأطفال المُشتبه بانتمائهم إلى تنظيم ولاية سيناء، منها برامج إعادة التأهيل والإدماج اللازمة لمساعدتهم على العودة إلى المجتمع، بما يتفق مع القانون الدولي لحقوق الطفل والمعايير الدولية للعدالة للأطفال (كما هي مفصلة مثلا في "مذكرة نيوشاتل حول الممارسات الجيدة لقضاء الأحداث في سياق مكافحة الإرهاب")، وكذلك "قانون الطفل" المصري.

إلى الاتحاد الأفريقي، و"اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب"، وكندا، والمملكة المتحدة، والاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه، والولايات المتحدة وكل الشركاء الدوليين لمصر:

  • حث الحكومة المصرية على اتخاذ تدابير ملموسة يُمكن التحقق منها للقضاء على الانتهاكات الخطيرة التي ترتكبها قوات الأمن والموثّقة في هذا التقرير والتقارير السابقة منذ 2013، ومحاسبة الجناة. والأخذ بالاعتبار غياب تلك التدابير، أو فحصها بدقة إن وجدت، وذلك فيما يتعلق بمبيعات الأسلحة وتوفير معدات مكافحة الإرهاب وغيرها من المواد المرتبطة بالأمن وذات الاستخدام المزدوج، مثل تكنولوجيا المراقبة، والتدريبات أو المساعدات الأمنية.
  • فرض عقوبات محددة الهدف، منها حظر السفر وتجميد الأصول، على المسؤولين المصريين مرتكبي الانتهاكات المستمرة والمشاركين فيها، بما فيها الانتهاكات الموثّقة في هذا التقرير بحق النساء والفتيات.
  • ينبغي للاتحاد الأوروبي التطرق إلى انتهاكات قوات الأمن مع مصر في إطار مشاركته في رئاسة "المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب".
  • على "إدارة الشؤون السياسية والسلام والأمن" التابعة للاتحاد الأفريقي، في إطار مهمتها للإنذار المبكر ومنع نشوب النزاعات، وضع مصر في إحاطة دراسات المستقبل حول حالة السلام والأمن في مصر، وتقديم إحاطة دورية لـ"مجلس السلام والأمن" التابع للاتحاد الأفريقي حول حقوق الإنسان في البلاد، لا سيما الاعتقالات التعسفية المتفشية وانتهاكات قوات الأمن.
  • بدلا من "قرار اللجنة رقم 297 لسنة 2015" حول تدهور وضع حقوق الإنسان في مصر، يتعين على اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب اعتماد قرار جديد يُدين انتهاكات قوات الأمن التي تُرتكب في ظل إفلات شبه تام من المحاسبة في مصر. على المقرر الخاص المعني بمصر أن يطلب زيارة إلى مصر لتقييم مدى التزام الحكومة بالقرار رقم 297 للجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب.

إلى الأمم المتحدة

  • يتعين على "مجلس حقوق الإنسان" التابع للأمم المتحدة، دون مزيد من التأخير، اتخاذ التدابير اللازمة لإنشاء آلية دولية مستقلة لمراقبة وضع حقوق الإنسان وإعداد تقارير حوله، والتحقيق في الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان في مصر، كما أوصت بذلك منظمات المجتمع المدني.
  • يتعين على "المديرية التنفيذية للجنة الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب" و"مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب" الضغط على مصر لوقف انتهاكات قوات الأمن ومحاسبة الجناة.



الكلمات المفتاحية


مقالات متعلقة