
مصر: الرئيس السيسي يتحمل المسئولية المباشرة عن مصير ليلى سويف وسائر السجناء السياسيين
تُحمّل المنظمات الحقوقية الموقعة أدناه الرئيس عبد الفتاح السيسي المسئولية المباشرة عن حياة ليلى سويف، التي تتدهور حالتها الصحية بشكل خطير مع اقتراب دخول إضرابها عن الطعام يومه الـ 270، احتجاجًا على احتجاز ابنها علاء عبد الفتاح بشكل تعسفي بعد انقضاء مدة حكمه.
أمضى علاء عبد الفتاح معظم العقد الماضي في السجن، بينما لم يكن ينبغي أن يقضي يومًا واحدًا خلف القضبان. ففي 2013، تم اعتقاله عقابًا على مشاركته في مظاهرة سلمية اعتراضًا على محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية. وقتها، داهمت قوات الأمن منزله واعتدت عليه لمجرد أنه طلب الاطلاع على أمر الضبط والإحضار. ولاحقًا في 2014، صدر بحقه حكم بالسجن خمس سنوات. وبعد أشهر قليلة من إطلاق سراحه في 2019، أعيد اعتقاله بسبب نشره منشورًا على مواقع التواصل الاجتماعي حول واقعة تعذيب في أحد مراكز الإحتجاز. وبعد محاكمة صورية، أصدرت محكمة أمن دولة طوارئ حكمها عام 2021 بحبسه خمس سنوات إضافية بتهمة "نشر أخبار كاذبة." وقد كان من المقرر الإفراج عنه في سبتمبر ٢٠٢٤ بعد انتهاء مدة حكمه، غير أن السلطات المصرية رفضت احتساب أكثر من عامين قضاهما في الحبس الاحتياطي قبل المحاكمة ضمن مدة العقوبة.
فهل تخطط السلطات المصرية لتمديد احتجاز علاء عبد الفتاح لعامين إضافيين فقط؟ أم عشر سنوات أخرى؟ أو ربما عشرين سنة؟ الأمر لا يتطلب أكثر من تدويره على قضية جديدة ومحاكمة صورية ثالثة.
لا أحد في مصر يعلم يقينًا لكم عام سيستمر احتجاز علاء عبد الفتاح، بما في ذلك السلطات القضائية أو الأجهزة الأمنية. القرار بيد الرئيس السيسي وحده. وجميع السيناريوهات محتملة في مصر ما بعد 2013، بما في ذلك خلق ظروف احتجاز قاسية تدفع علاء إلى الانتحار كما دفعت غيره من المعتقلين لذلك. وفي هذا السياق، يصبح إقدام الدكتورة ليلى سويف على تعريض حياتها لخطر الموت بإصرارها على مواصلة الإضراب عن الطعام حتى خروجه؛ أمرًا مفهومًا. لا سيما بعد مناشدات عديدة للرئيس السيسي وحرمه من أفراد العائلة، ورؤساء أحزاب سياسية، وأكاديميين، مطالبين بإطلاق سراحه بينما لا يلوح في الأفق أي مخرج لمحنته. أن استمرار اعتقال علاء عبد الفتاح لأجل غير مسمى هو قرار سياسي صادر مباشرة عن الرئيس السيسي؛ الذي لا يظهر أي نية بالموافقة على إطلاق سراحه.
ولعل انخراط الرئيس السيسي المباشر في سجن علاء عبد الفتاح حقيقة معروفة للعديد من السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان في مصر. فخلال فترة سجن علاء الأولى بين عامي 2014-2019، تردد كثيرًا أن السلطات المصرية، بأوامر من الرئيس السيسي، لن تطلق سراح علاء بعد انتهاء مدة حكمه. هذه الشائعات تحولت لحقيقة مؤكدة بعدما تم الإفراج عنه في 2019 بشروط مراقبة مشددة، تلزمه بقضاء 12 ساعة يوميًا داخل قسم الشرطة. وما هي إلا بضعة أشهر وتكرر اعتقاله مرة أخرى مواجهًا اتهامات جديدة لا أساس لها، أُدين على إثرها بالحبس خمس سنوات. والآن يتواصل احتجازه رغم انتهاء مدة الحكم الثاني الصادر بحقه، في برهان إضافي على أن الرئيس السيسي لا يزال يرفض إطلاق سراحه.
علاء عبد الفتاح ليس السجين السياسي الوحيد المُحتجز بأوامر مباشرة من الرئيس السيسي. فهناك آخرون، مثل عبد المنعم أبو الفتوح، رئيس حزب مصر القوية، الذي يقبع في السجن منذ عام 2018 بناءً على رغبة الرئيس السيسي. وقد صدر بحقه حكم جائر بالحبس 15 عامًا (ينتهي في 2033) أمضى منهم 8 سنوات حتى الآن في الحبس الانفرادي. وفي ديسمبر 2014 تم ضمه لقضية جديدة ملفقة، في رسالة واضحة مفادها أنه لن يغادر السجن حيًّا. وخلال فترة سجنه، تعرض أبو الفتوح (73 عامًا) لعدة أزمات قلبية، بينما ترفض السلطات نقله إلى المستشفى أو توفير الرعاية الطبية له. وهذا ليس إهمالاً طبيًا فحسب، وإنما تعبير واضح عن نية التخلص من المعارضين السياسيين في السجون. وهو تحديدًا ما حدث مع الرئيس الأسبق محمد مرسي وعدد من قيادات جماعة الإخوان المسلمين. كما توفي آخرون في السجون نتيجة للسياسة نفسها، بينهم مخرجون و اقتصاديون.
إن هذا النموذج من الحكم القائم على القمع المنهجي والاستبداد لا يمثل شرطًا حتميًا لضمان استقرار مصر كما يروج الرئيس السيسي، بل إنه يهدد بتعميق حالة الاحتقان السياسي والاجتماعي، فضلاً عما لذلك من تبعات خطيرة على مئة مليون مصري، وعلى استقرار المنطقة برمّتها.
المنظمات الموقعة:
مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
الجبهة المصرية لحقوق الإنسان
مركز النديم
المفوضية المصرية للحقوق والحريات
المنبر المصري لحقوق الإنسان
مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان
ايجيبت وايد لحقوق الإنسان
مؤسسة دعم القانون والديمقراطية
الكلمات المفتاحية
أخر المواضيع
الأعلى مشاهدة
مقالات متعلقة


