بيان صحفي: "أنصتوا للسكان ولو مرة واحدة".. على الحكومة المصرية أن توقف مشروع إخلاء منطقة ميناء العريش في شمال سيناء
قالت مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان اليوم الخميس، إن على الحكومة المصرية أن توقف فوراً ما يبدو أنه إخلاء وشيك لآلاف الأسر في منطقة ميناء العريش بدعوى "تطويره".
على الحكومة أن تعيد النظر في خططها في هذا الصدد، وأن تسمح بنقاش مجتمعي حقيقي وشفاف، يُسمع فيه صوت السكان وأن تدرس البدائل المتاحة جماعيا معهم قبل تنفيذها، وأن تعرض خطط المشروع على خبراء مستقلين متخصصين في مجالات النقل البحري والاقتصاد والاجتماع ومكافحة الإرهاب لتقييم جدوى المشروع و بدائله المتاحة و آثاره المتوقعة.
توضح تقارير إعلامية، وبيانات رسمية، بالإضافة لشهادات السكان، أن لجان شكلتها الجهات الحكومية قد انتهت تقريبا في نوفمبر 2018 من حصر المنازل المحيطة بميناء العريش تمهيدا لإخلائها وهدم جميع الأعيان المدنية بالمنطقة، وذلك وفقا للقرار 330 الذي أصدره لاحقاً الرئيس عبد الفتاح السيسي في يوليو 2019 والذين يقضي بنقل ملكية كافة الأراضي في منطقة الميناء إلى وزارة الدفاع.
قال د. أحمد سالم، المدير التنفيذي لمؤسسة سيناء لحقوق الإنسان، "قام الجيش المصري منذ 2013 بتهجير عشرات الآلاف من سكان سيناء وهدم منازلهم تحت دعوى تأمين المنطقة، والآن يريد تهجير آلاف آخرين بحجة التطوير بدلا من دراسة البدائل الكثيرة المتاحة ونقاشها مع أصحاب الشأن الأول: أهالي سيناء أنفسهم. إذا كان الهدف هو التنمية لصالح أهالي سيناء كما تقول الحكومة، فلماذا لا تستمع الحكومة إليهم ولو لمرة واحدة!؟"
اشتمل قرار السيسي 330 لسنة 2019 على خريطة توضح إن المنطقة المراد إخلائها تقع على نحو 371 فداناً تحيط بميناء العريش. راجعت مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان الخريطة والإحداثيات المرفقة بالقرار، المنشور بالجريدة الرسمية عدد 27 مكرر في 9 يوليو 2019، ووجدت إن المنطقة المخطط إخلائها ستشمل أحياء سكنية وكذلك منطقة شاليهات ساحلية.
وبرغم وجود خريطة بإحداثيات محددة في القرار إلا أن الجيش والجهات الحكومية على ما يبدو لن تلتزم بتلك الإحداثيات فقط بل ستمد خطط التهجير إلى خارج الإحداثيات الموضحة، حيث قال أهالي منطقة "شاليهات السعد" إن موظفين حكوميين زاروا منطقتهم خلال الأسبوع الماضي لإحصاء المنازل وترقيمها، وهو الإجراء الذي يعني التمهيد لإخلائها.
قامت مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان بالتحقق من صحة فيديوهات نُشرت في الأسبوع الأخير من يناير على جروب فيس بوك بإسم "منطقة شاليهات السعد في خطر"، ويظهر فيها احتجاج عدد من سكان المنطقة على خطط الإخلاء.
قالت امرأة من السكان تظهر في فيديو منشور بتاريخ 24 يناير: "أنا بنيت بيتي من تعبي وشقاي 25 سنة، حيعوضونا بإيه أو هيدونا إيه؟ ده جزاءنا إننا بنعمر سيناء ووقفنا مع الجيش؟"
تحدثنا إلى أحد المسئوليين الحكوميين الحاليين في قطاع النقل البحري عن رأيه في القرار، فقال:
"إن الحل الأكثر جدوى على المستوى الاستراتيجي، هو بناء ميناء جديد خارج التكتل السكني لمدينة العريش، حيث يوجد في شمال سيناء قرابة 200 كم سواحل غير مستغلة، خصوصا المنطقة غرب مدينة الشيخ زويد أو غرب مدينة العريش وهي مناطق واعدة جداً يمكن ربطها بسهولة بشبكة طرق تجارية تربط الميناء بمنطقة الصناعات الثقيلة في وسط سيناء، كما أن إنشاء ميناء جديد سيجنب الحكومة تكاليف التعويضات التي ستسددها للمتضررين".
وأضاف: "انشاء ميناء جديد سيوفر فرصة حقيقة لإنشاء الميناء وفق معايير قياسية فيما يخص المستوى التشغيلي، السعة التخزينية، إمكانية إعادة ترتيب مواقع الخدمات أو التوسعات المستقبلية وهي اعتبارات صعب تحقيقها ومراعاتها في الميناء الحالي الذي أنشأ عام 25 أبريل 1987 كميناء صيد قبل صدور قرار جمهوري 221 لسنة 1996 بتحويله لميناء تجاري".
النائب في البرلمان المصري "رحمي بكير" كتب منشوراً على صفحته في فيس بوك بتاريخ 26 يناير، جاء فيه: "يجب على الحكومة أن تعيد النظر في تهجير وإخلاء السكان، وتأخذ العبر من تجاربها السابقة في تهجير المدنيين، فلا داعي لخلق فجوات جديدة بين الدولة والمواطن" ، وأضاف أن "الأضرار سوف تلحق بأكثر من 4000 أسرة والمسئولين قادرين على تفادي ذلك".
يحظر كلا من القانون الدولي لحقوق الإنسان (المنطبق في حالة السلم) والقانون الدولي الإنساني (المنطبق في حالة الحرب) التهجير القسري وهدم المنازل بشكل عام إلا في حالات استثنائية محددة مثل تأمين السكان من مخاطر بيئية أو جماعات مسلحة. على أن القانون الدولي لا يجيز للحكومات اللجوء للتهجير القسري إلا كملاذٍ أخير، إذا لم تتوافر أي حلول أخرى، وفي إطار ضمانات صارمة تشمل التناسبية والمعقولية والشفافية والنقاش المسبق مع السكان المحليين ودراسة كافة الحلول والبدائل الأخرى. وفي حالة استحالة تفادي التهجير ينبغي على الحكومات أن تقدم التعويضات العادلة، بطريقة شفافة، وقبل عملية الإخلاء، كما ينبغي أن يُخطر السكان قبل الإخلاء بفترات معقولة (أسابيع على الأقل) وأن تساعدهم الحكومة في إيجاد سكن بديل ملائم. كما ينص القانون الدولي على أن الأرض لا يمكن تعويضها بالمال فقط وإنما بأرض بديلة بنفس الخصائص تحافظ على حياة السكان وعاداتهم وتقاليدهم إلى أقصى درجة ممكنة.
في عمليات التهجير القسري السابقة التي قام بها الجيش في شمال سيناء، لم تراعِ القوات المسلحة أي من تلك المعايير على الإطلاق. ويتخوف سكان منطقة الميناء من أن ينطبق ذلك على وضعهم.