الملخص:
شهد هذا الأسبوع مقتل 4 أشخاص في قريتين تتبعان لمركز الشيخ زويد، شمالي سيناء. 3 منهم في قرية الجورة، والآخر في قرية "أبوطويلة". كما تعرضت قرية تتبع لذات المركز إلى عمليات تفجير للبيوت أدت إلى خروج معظمها عن الخدمة.
تفاصيل الانتهاكات:
2020.07.04
في الصباح الباكر، قامت مجموعة مسلحة بالتسلل إلى قرية الجورة، الواقعة في جنوب مركز الشيخ زويد بحوالي 7 كم، وقتلت 3 أفراد من سكانها، وهم كل من: القاضي العرفي "سلامة أبو معيوف البالي" 58 عام ، والموظف في الضرائب العقارية "محمود محمد خضر سالمان" 54 عام، وولده الطالب في الثانوية الأزهرية وإمام صلاة الفجر في مسجد القرية الرئيسي "محمد" 16 عام.
أفاد شاهد عيان لمؤسسة سيناء لحقوق الإنسان، بأن أشخاصًا مثلمين يحملون أسلحة رشاشة، يرجح انتمائهم إلى تنظيم "الدولة الإسلامية في سيناء"، أحاطوا بمنزل "سلامة" وأطلقوا النار عليه، وعلى إثر ذلك صدرت صرخات من سيدات دفعت الجيران وسكان القرية، ومنهم "محمود" ونجله "محمد"، للخروج مسرعين باتجاه بيت القاضي يتبينوا ما حدث، فأردوهم على الفور.
أوضح لنا أحد شبان القرية ساهم في محاولة اسعاف الضحايا، بأن سبب استهداف منزل القاضي العرفي يرجع الى تعاون أحد أبناء القاضي مع الأجهزة الأمنية ضد التنظيم المتشدد، وأن المحاسب وولده كانوا مدنيين غير مسلحين و انهم حاولا انقاذ القاضي ومنع المسلحين من قتله؛ كما أكد لنا أربعة مدنيين من سكان القرية تحدثوا إلينا أن الضحايا من المدنيين ولم ينتموا يوما الى أي مجموعة مسلحة.
وعن دور القوات الأمنية المتواجدة داخل ارتكاز كبير في وسط قرية الجورة، أكد لنا شهود العيان من السكان المحليين ؛ عن تقاعسهم في أداء واجبهم وتلبية نداءات الاستغاثة التي وجهها لهم الأهالي فور دخول المسلحين، إذ اشترطوا المشاركة بـ"تمشيط القرية بالأعيرة النارية بشكل عشوائي" وهو ما رفضه السكان بسبب الخسائر البشرية التي يمكن أن ينتج عنها ذلك.
أوضح سكان من القرية، أن الأهالي هم من نقلوا جثث القتلى إلى مستشفى الشيخ زويد بواسطة سيارة ربع نقل أهلية، ثم إلى مستشفى العريش، لعدم وصول سيارة إسعاف للمنطقة، ثم جرى دفنهم في مقبرة قرية الجورة، بعد 3 أيام من الواقعة.
اعتبر أحد المشاركين في الجنازة في حديثه لمؤسسة سيناء لحقوق الإنسان، أن المشهد كان حزينًا جدًا، فالشاب القتيل "محمود" كان معروفًا في القرية بحسن خلقه ودوره في مسجد القرية الرئيسي، وأنه كان يستعد صباح يوم الهجوم لأداء اختبارات في الشهادة الثانوية الأزهرية أمام لجنة بمدينة الشيخ زويد.
لا تُعرف بشكل دقيق الأعداد الحقيقية للسكان الذين ذهبوا ضحية لأعمال عنف يقوم بها تنظيم "الدولة الإسلامية في سيناء" ، إلا أن الفاتورة التي يدفعها المدنيون مرتفعة جداً جراء استمرار النزاع لسنوات طويلة. وأفضت ممارسات التنظيم إلى أن يكونوا أحد الأسباب الرئيسية في تهجير ونزوح السكان، وتحويل أجزاء من سيناء إلى مناطق يسودها غياب القانون وأعمال الجريمة. كما إنه يستمر في استهداف وقتل المدنيين تحت حجج واهية مثل التعاون مع الجيش تحت أي مسمى، فقتل في السابق عمال بناء يشاركون في بناء سور مطار العريش وهدد بقتل أي شخص قد يتعاون مع الجيش اقتصاديًا ولو بنقل مياه الشرب. منذ نشأته وتزايد نفوذه في سيناء، أوغل التنظيم في التنكيل بالمدنيين، كأسلوب ممنهج يهدف إلى ترويع المدنيين وارتكاب جرائم بهدف بث الرعب في صفوفهم، وهي أعمال حظرها القانون الدولي الإنساني في مواد عدة، منها ما جاء الملحق الأول الإضافي إلى اتفاقيات جنيف 1977، بالمواد (51) و(85) الفقرة 5.
كما يشير تقصير القوات الأمنية في أداء دورها في هذه الواقعة إلى سلوك يدعو للتشاؤم، السلطات المصرية تعلن مراراً بأنها تقوم بالكثير في سيناء من أجل حماية المدنيين وتطبيق القانون، إلا أن العديد من الوقائع أثبتت وجود حالة من ازدراء حقوق المدنيين والقوانين الحامية لهم.
2020.07.04
أصيب 6 مجندين على إثر تعرض عربتهم العسكرية إلى انفجار عبوة ناسفة أثناء مرورها من قرية السكادرة، التي تخلو من السكان بعد نزوحهم منها قسرًا خلال شهر رمضان الماضي الموافق ابريل/مايو 2020.
قال أحد سائقي سيارات الأجرة الذين يتحركون بالمنطقة لمؤسسة سيناء، شاهدت في اليوم التالي للانفجار دورية عسكرية وصلت للقرية وقامت بتفجير البيوت غير المأهولة التي تقع في محيط المكان الذي انفجرت فيه العبوة الناسفة، ولم نتمكن من معرفة عدد البيوت التي تعرضت للتفجير، لكن ثلاثة شهود عيان من السكان المحليين بمدينة الشيخ زويد ذكروا لنا أن أصوات الانفجارات لم تنقطع في القرية لعدة أيام مع تصاعد دخان أبيض منها، وهو مشهد اعتاده السكان عند قيام قوات الجيش بزرع عبوات داخل المنازل والمباني لتفجيرها.
كشف لنا أحد السكان المحليين الذين أجبروا على النزوح قسرًا من قرية "السكادرة" في مقابلة مع فريق المؤسسة: أن خلال شهري أبريل ومايو الماضيين لم تسمح القوات الأمنية لأحد بالبقاء في القرية، وأن عملية التهجير المنظمة التي جرت سبقها تضييق في سبل العيش، إذ قطعت الكهرباء عن القرية مراراً لفترات طويلة، ثم بدأت القذائف تسقط بشكل عشوائي على القرية ومحيطها، الأمر الذي عجّل برحيل الأهالي للنجاة بأرواحهم.
اتفقت شهادة اخرى لشاهد عيان مع الشهادة السابقة، إلى أن عمليات نسف وهدم البيوت بدأت مباشرة عقب خلو القرية من ساكنيها، وانطلقت بمزاعم انفجار عبوة ناسفة على عربة عسكرية داخل المنطقة، إذ بدأ الجيش بهدم وإزالة البيوت المحيطة بالانفجار أولًا، ثم اتسع ذلك ليشمل مواقع عدة؛ و أن سكان مدينة "الشيخ زويد" القريبة من قرية "السكادرة" يسمعون بشكل شبه يومي أصوات تفجيرات المنازل وارتفاع أعمدة الدخان جراء عمليات الهدم والتجريف المتسارعة بالقرية.
تُعد قرية "السكادرة" واحدة من القرى التابعة لمركز الشيخ زويد؛ ويبلغ عدد سكانها نحو 3002 نسمة وفقًا لآخر إحصائية للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء عام 2016؛ وقد نزح سكانها قسراً بسبب العمليات العسكرية وتحولت إلى مناطق تضم هياكل بيوت شبه محطمة وفارغة جراء الأعمال العسكرية.
وفقًا لإحصائية لمؤسسة سيناء لحقوق الإنسان، فإن عدد القرى التي ما زالت مأهولة نسبيًا بالسكان 6 فقط من أصل 14 قرية، وهي قرى "قبر عمير"، و"الشلاق"، و"أبوطويلة"، و"الجورة"، و"الظهير"، و"العكور". أما القرى التي خرجت من الحياة خلال السنوات الماضية جراء الأعمال العسكرية فهي "التومة"، و"الخروبة"، و"أبوالعراج"، و"المقاطعة"، و"الزوارعة"، و"اللفيتات"، و"القريعة"، و"السكادرة"، معظم سكان هذه القرى لم يحصلوا على أية تعويضات ولم توفر لهم الحكومة المصرية أية بدائل.
تضفي التشريعات الدولية الناظمة للسلوك في أثناء النزاعات حماية خاصة للأعيان المدنية، ويعتبر إجبار السكان على التخلي عن أملاكهم جريمة يحاسب عليها، ويحظر القانون الدولي "الإخلاء القسري"، وهو الإخلاء الدائم أو المؤقت للأفراد أو العائلات أو المجتمعات ضد إرادتهم من بيوتهم أو أراضيهم، دون إتاحة الأشكال المناسبة من الحماية القانونية وأشكال الحماية الأخرى. تدابير الحماية هذه تشمل إجراء السلطات لمشاورات حقيقية مع السكان، وإتاحة مهلة زمنية معقولة، وتقديم تعويضات مناسبة أو إسكان بديل. وفي مناطق النزاعات تعد الهجمات المتعمدة أو العشوائية أو غير المتناسبة على المدنيين والأعيان المدنية محظورة، بما يشمل هدم بيوت السكان، في غياب ضرورة عسكرية مُلزمة بالهدم. وفقًا لتقرير صادر عن الأمم المتحدة، فإن الإخلاء القسري ينتهك مجمل الحقوق التي أكدتها الصكوك الدولية، بينما تضفي التشريعات الدولية الناظمة للسلوك في أثناء النزاعات حماية خاصة للأعيان المدنية، ويعتبر إجبار السكان على التخلي عن أملاكهم جريمة يحاسب عليها، ويحظر القانون الدولي "الإخلاء القسري"، وهو الإخلاء الدائم أو المؤقت للأفراد أو العائلات أو المجتمعات ضد إرادتهم من بيوتهم أو أراضيهم، دون إتاحة الأشكال المناسبة من الحماية القانونية وأشكال الحماية الأخرى. تدابير الحماية هذه تشمل إجراء السلطات لمشاورات حقيقية مع السكان، وإتاحة مهلة زمنية معقولة، وتقديم تعويضات مناسبة أو إسكان بديل. وفي مناطق النزاعات تعد الهجمات المتعمدة أو العشوائية أو غير المتناسبة على المدنيين والأعيان المدنية محظورة، بما يشمل هدم بيوت السكان، في غياب ضرورة عسكرية مُلزمة بالهدم. وفقًا لتقرير صادر عن في ذلك الحقوق التي أكد عليها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية.
2020.07.06
عثر أهالي قرية "أبو طويلة" على رأس بدون جسد، يعود للمواطن "عيد جمعة العرجاني"، البالغ من العمر 47 عامًا، وهو شقيق رجل الأعمال "إبراهيم جمعة العرجاني"، الداعم لكيان "اتحاد قبائل سيناء"، والذي يعمل بدعم رسمي من القوات الأمنية على محاربة عناصر تنظيم داعش في سيناء.
تحدث فريق مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان إلى إثنين من أقارب القتيل، كما تواصل أيضاً مع ثلاثة من سكان القرية، اتفقت شهادات الجميع على أن "عيد العرجاني" اُختطف من مزرعته الكائنة في قرية "أبو طويلة"، وبعد ساعات عُثر على رأسه بالقرب من مسجد "المكرفي" وأنه مدني ليس له علاقة بالأحداث السياسية والأمنية التي تجري في المنطقة، مؤكدين أنه لم يكن منتميًا إلى "اتحاد قبائل سيناء" ولم يكن يحمل سلاحًا. اتفقت المصادر الميدانية أن ليس هناك سببًا واضحًا لقتله، إلا أنهم رجحوا سبب قتله هو علاقة القربى بينه وبين شقيقه فقط.
تشير وقائع الجريمة إلى أن الفاعل من المرجح أن يكون تنظيم داعش في سيناء، والذي أعتاد على تنفيذ جرائم قتل بذات الأسلوب. ووفقًا لعشرات الحالات السابقة، التي ذهب ضحيتها مدنيين، فإن أسلوب وطريقة الذبح ثم رمي الرأس فقط، أو الجثة بدون رأس، أو وضعهما في مناطق متفرقة، هي فعل انفرد به التنظيم المتوحش لمعاقبة من يراهم أعداء له، وهي جرائم منظمة نفذها على نطاق ممنهج ومستمر في حق المدنيين، كأعمال قتل متعمدة وغير قانونية ترقى إلى منزلة جرائم ضد الإنسانية بمقتضى القانون الدولي الإنساني، كما جاء في الملحق الأول الإضافي إلى اتفاقيات جنيف 1977، بالمواد (51) و(85) الفقرة 5.