img
أبرز الانتهاكات الحقوقية التي جرت في إبريل 2022
27 مايو 2022

التقرير متوفر بـEnglish​​​​​

الملخص:
رصدت مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان وقوع عدد من الانتهاكات خلال شهر إبريل من عام 2022، يمكن معها وصف المحاكمات بأنها تفتقر لمعايير المحاكمة العادلة، كان من بينها ظهور متهمين أمام القضاء بعد فترة إخفاء قسري وحرمان بعضهم من حقهم الطبيعي في حضور ممثلهم القانوني لجلسات التحقيق معهم،  كما تعرضت سيدة للإخفاء القسري بواسطة وزارة الداخلية رغم حصولها على قرار بإخلاء سبيلها من قبل النيابة العامة المصرية.

 

من جانب آخر شهد شهر إبريل وقوع 3 انتهاكات من قبل تنظيم ولاية سيناء، حيث أصيب طفل ورجل أثناء هجوم مسلح شنه التنظيم غربي سيناء كما تعرض مدني للاختطاف والتحقيق على يد عناصر من التنظيم قبل أن يطلق سراحه في وقت لاحق، كما شهد شهر أبريل إطلاق سراح 3 مدنيين كانوا مختطفين لدى تنظيم داعش بعد إجبار أسرهم على دفع فدية مالية كبيرة.

 

تفاصيل الانتهاكات

انتهاكات قوات إنفاذ القانون المصرية: 

محاكمات تفتقر لمعايير العدالة

تابعت مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان تعرض 13 من سكان شبه جزيرة سيناء لـ إجراءات تقاضي تمس بمعايير المحاكمة العادلة، حيث باشرت نيابة أمن الدولة العليا بالقاهرة التحقيق مع سيدة خلال الأشهر الماضية، وفي شهر إبريل 2022 قررت النيابة إخلاء سبيلها إلا أن أجهزة الأمن امتنعت عن تنفيذ هذا القرار وقامت بإخفائها قسريا. كما ظهر 12 شخصا بعد فترة إخفاء قسري كمتهمين أمام نيابة أمن الدولة العليا إلا أن النيابة حرمت 10 متهمين من حقهم الطبيعي في حضور ممثلهم القانوني لجلسات التحقيق معهم.

 

الواقعة الأولى 

وثق الفريق القانوني بالمؤسسة حالة إخفاء قسري تعرضت لها السيدة " هند خليل عبد الغني محمد" 39 عاما، من سكان مدينة نخل بوسط سيناء. حيث امتنعت السلطات الأمنية عن تنفيذ قرارا أصدرته غرفة المشورة المنعقدة في محكمة الجنايات الدائرة الثانية ارهاب بتاريخ 14 إبريل 2022، يقضي بإخلاء سبيل هند بتدابير احترازية، تلزم هند بزيارة قسم الشرطة التابعه له مرتين أسبوعيا،  يومي الأحد والأربعاء.من الساعة الثالثة حتى الساعة السابعة مساءا، وثق فريق المؤسسة قيام السلطات في قسم أول العريش بتسجيل هند في الأوراق الرسمية كـ "متهربة" من التدابير الاحترازية، مما يضع هند تحت طائلة القانون ويعفى إدارة القسم من مسؤوليتهم القانونية المترتبة على إخفائها قسريا.

 

 وكانت هند قد جرى اعتقالها بتاريخ 22 مايو 2021، أثناء سفرها من مدينة العريش إلى مدينة القاهرة لزيارة زوجها المعتقل في سجن طرة منذ عام 2004 على خلفية ما يسمى بـ أحداث "تفجيرات طابا". تواصلت هند مع أسرتها قبل احتجازها أثناء تعرضها للتفتيش عند ارتكاز أمني بالقرب من معدية قناة السويس في مدينة القنطرة شرق سيناء و أبلغتهم بتعرضها للإيقاف والتفتيش والتحقيق على يد عناصر من الأمن وأنهم طلبوا منها انتظار نتيجة الفحص الأمني لها. لم تتوقع أسرة هند انها ستتعرض للاحتجاز حيث أنهم معتادون على سياسة التوقيف العشوائي للمدنيين أثناء مرورهم من المعدية للذهاب إلي خارج شمال سيناء أو الدخول إليها منذ سنوات، إلا أنهم تفاجئوا بمكالمة أخرى من هند بعد مرور ساعة على المكالمة الأولى، أبلغت فيها أسرتها أن أحد ضباط جهاز الأمن الوطني طلب منها الذهاب معه للتحري عنها حسب قوله لها مؤكدا أنه لن يتم احتجازها وأنها ستعود إلي منزلها في خلال ساعتين على الأكثر.  لكن ما حدث أن هاتف هند تم اغلاقه بعد مرور ساعة من توجهها إلى مقر جهاز الأمن الوطني ولم يفتح بعدها.

 

لم تستطع أسرة هند معرفة أي شيء حول مصير ابنتهم، حيث توجهوا للسؤال عنها في مقرات الاحتجاز الرسمية القريبة من مكان اعتقالها وكذلك في المقرات القريبة محل إقامتها، حيث قام أحد أفراد أسرتها بمحاولة السؤال عنها في مقر الأمن الوطني بالعريش إلا أنه لم يتلق جوابا سوى أنه لا يوجد إحتجاز في أجهزة الأمن الوطني ونصحوه بالذهاب للقسم التابع لمحل إقامتهم وتحرير محضر اختفاء كما حذروه من الاقتراب من مقر الأمن الوطني  بمدينة العريش مرة أخرى. قامت أسرة هند بإتخاذ كافة الإجراءات القانونية المتاحة أمامهم في محاولة للحفاظ على حياتها، لاحقا علمت الأسرة من أحد المحامين بأن هند ظهرت أمام نيابة الإسماعيلية بتاريخ 19 يونيو 2021 بعد فترة اختفاء قسري دامت لمدة شهر، حيث قضت أيامها الأولى  في مقر الأمن الوطني بمدينة الإسماعيلية ثم  نقلت إلى مقر الأمن الوطني بمدينة العريش حتى تاريخ ظهورها وعرضها أمام نيابة الإسماعيلية على ذمة القضية 424 لسنة 2021.

 

قررت نيابة الاسماعيلية استمرار حبس هند أربعة أيام علي ذمة التحقيق، ووفقا لأحد المحامين الذين حضروا التحقيق مع هند فإن أسئلة النيابة تمحورت حول أشقائها الثلاثة الذي قتلوا خلال عام 2017  أثناء قتالهم ضمن صفوف داعش في سيناء. بعد مرور  أيام من عرض هند أمام نيابة الاسماعيلية صدر قرار بإخلاء سبيلها بتاريخ 23 يونيو 2021. لكن السلطات المعنية بتنفيذ قرار إخلاء سبيلها امتنعت عن تنفيذ قرار النيابة. علمت أسرة هند انها ظلت محتجزة بشكل غير رسمي لمدة أربعة أشهر في قسم أول العريش، ثم جرى نقلها الى مكان مجهول بتاريخ 26 أكتوبر 2021 وبقيت قيد الاختفاء القسري. لم تعلم أسرة هند أي شئ عن مصيرها بعد ذلك، حيث أنكرت جميع المقرات الرسمية التي ذهبت إليها أسرة هند أنها في حوزتهم بينما قال لهم أحد الضباط في قسم أول -الذي كانت هند مختفية قسرا به لمدة أربعة أشهر- "أنهم قاموا بتنفيذ أمر النيابة وأخلوا سبيلها من محيط القسم وأنهم غير مسئولين عن هربها من أهلها".

 

 حصلت أسرة هند على معلومة غير رسمية بأنها موجودة في قسم القنطرة التابع لمحافظة الاسماعيلية، تأكدت هذه المعلومة من عدة أشخاص تم الإفراج عنهم مؤخرا قالوا بأنهم قابلوها داخل القسم. توجهت أسرة هند إلى قسم القنطرة الذي أنكر تماما وجود هند وأكدوا عدم وجود اسمها في القوائم الرسمية للمتهمين الموجودين داخل القسم. لاحقا بتاريخ 2 نوفمبر 2021 علمت الأسرة بشكل غير رسمي أيضا أنه تم نقل هند للمرة الثالثة إلي قسم أبو صوير بالإسماعيلية حيث احتجزت بالقسم لمدة يوم واحد قبل ترحيلها وعرضها على نيابة أمن الدولة بالقاهرة بتاريخ 3 نوفمبر 2021 بمحضر ضبط حديث علي ذمة قضية جديدة تحمل رقم 1935 لسنة 2021، بتهمة الانضمام لجماعة ارهابية. علمت مؤسسة سيناء من خلال أحد المحامين أن هند قالت في التحقيقات أمام النيابة أنها تعرضت خلال 6 أشهر من الاحتجاز غير الرسمي للتعذيب والضرب والصعق بالكهرباء في مناطق حساسة من جسدها.


قررت النيابة حبس هند احتياطيا على ذمة القضية ونقلت إلى سجن القناطر للنساء. بعد مرور 15 يوما على ظهور هند أمام النيابة قام أحد أفراد أسرتها بزيارتها، أثناء الزيارة أشارت هند أنها تعرضت للتعذيب والضرب المبرح أثناء فترة احتجازها غير القانوني، وأن التحقيقات أثناء التعذيب كانت تدور حول  أحد أقاربها وأشقائها الذين انخرطوا ضمن أحد التنظيمات المسلحة في سيناء وقتلوا أثناء الحرب خلال عامي 2016-2017، وأنهم أيضا قاموا بسؤالها عن زوجها المعتقل منذ عام 2004 في القضية المعروفة إعلاميا بقضية تفجيرات طابا، حيث أخبرتهم هند أنه لم يحصل على حكم حتى الآن بعد إلغاء حكم الإعدام الصادر بحقه وأنه قيد الحبس الإحتياطي منذ ما يقرب من عشر سنوات وإنه لا يعلم شيئا عن هذه القضية وأنها ليس لها علاقة بأي شخص منضم إلى التنظيمات مسلحة أو يقوم بأعمال عنف.

 

لاحقا وبعد مرور 6 أشهر من الحبس الاحتياطي على ذمة القضية وتحديدا بتاريخ 14 إبريل 2022، حصلت هند على إخلاء سبيل بتدابير احترازية بقرار من غرفة المشورة المنعقدة في محكمة الجنايات الدائرة الثالثة إرهاب، إلا أنها مازالت تواجه مصير مجهول فمنذ لحظة حصولها علي إخلاء سبيل حتى لحظة كتابة السطور لا تعلم أسرتها مكان احتجازها، حيث امتنعت الجهات الأمنية المعنية بتنفيذ قرار إخلاء السبيل عن إطلاق سراحها وقامت باحتجاز هند في مكان غير معلوم. 

 

تطالب اسرة هند الجهات الأمنية بإعلان مكان احتجازها وتناشد السلطات بعودتها إلي أبنائها الأربعة حيث أنها عائلهم الوحيد منذ اعتقال والدهم في عام 2004.  كما تحمل الأسرة السلطات الأمنية مسئولية سلامة هند بعد معرفتهم بتعرضها للتعذيب واحتجازها في ظروف غير إنسانية.

 

الواقعة الثانية 

وثق الفريق القانوني بالمؤسسة بتاريخ 17 إبريل 2022 ظهور المتهم "حسين سويلم سلامة" 55 عاما من سكان محافظة جنوب سيناء، على ذمة القضية رقم 400 لسنة 2022، بعد فترة اختفاء قسري لمدة  86 يوما، حيث ألقي القبض على حسين بتاريخ 21 يناير 2022.

 

علمت المؤسسة نقلا عن أحد المحامين أن حسين قال خلال التحقيقات أمام النيابة بأنه يعمل في أرض في وادي رأس سدر بالإضافة إلى عمله في محجر خاص، كما أفاد بأنه ليس له علاقة بأية أحداث عنف أو أحداث سياسية، وأن علاقته بالسياسة تقتصر على مشاركته في الانتخابات التي جرت عقب ثورة يناير وأنه قام منح صوته للمرشح الرئاسي السابق أحمد شفيق، كما أنه في أول انتخابات بعد ثورة 30 يونيو قام بإعطاء صوته للرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي وقام أيضا بالمشاركة في الانتخابات البرلمانية، وتابع أنه فقط يصلي ويصوم لكن ليس له ارتباط بأية تنظيمات أو جماعات إسلامية أو إرهابية.

وفي تفاصيل إلقاء القبض عليه قال حسين إنه قبض عليه بتاريخ 21 يناير 2022 برفقة أخيه أثناء مرورهم بسيارتهم على كمين تابع لقوات الداخلية في منطقة "الصعايدة" بالقرب من مدينة رأس سدر بجنوب سيناء أثناء توجههم لزيارة شقيقهم الأصغر،  وأضاف أن الشرطة قامت باصطحابه بمفرده إلى مقر الأمن الوطني في رأس سدر ولا يعلم إذا ما تم الإفراج عن شقيقه أو انه ما زال قيد الاحتجاز. قامت النيابة بتوجيه تهمتي الانضمام وتقديم دعم لوجستي لجماعة إرهابية لحسين وواجهته بالأحراز التي ارفقتها جهة الضبط بمحضر الاتهام وهي عبارة عن طبنجة وسلاح رشاش. أنكر حسين معرفته بهذه الأحراز وأنكر حيازته لها أو رؤيتها قبل هذه اللحظه. وقررت النيابة استمرار حبسه 15 يوما على ذمة التحقيقات.

 

الواقعة الثالثة

وثق الفريق القانوني بالمؤسسة بتاريخ 18 إبريل 2022، ظهور "محمد قناوي عبدالعزيز" 55 عاما، على ذمة القضية رقم 400 لسنة 2022 بعد فترة اختفاء قسري دامت 69 يوم.

 

علمت المؤسسة نقلا عن أحد المحامين أن محمد أفاد في التحقيقات أمام النيابة أنه جرى إلقاء القبض عليه بتاريخ 9 فبراير 2022 من كمين معدية سرابيوم بمحافظة الإسماعيلية، حيث طلب منه أمين شرطة ضمن قوات الشرطة المتواجدة في الكمين البطاقة للتحري عنه فحدثت مشادة بينهم بسبب رفضه الانتظار لأن زوجته مريضة. احتجزته قوات الشرطة داخل غرفة هو وزوجته ثم طلبوا من زوجته المغادرة وقاموا بترحيله إلى مديرية أمن الإسماعيلية، وظل هناك إلى أن تم عرضه على النيابة.

قال محمد أثناء التحقيق أمام النيابة: " أنا مليش علاقة بالسياسة ولا أي جماعات ومشاركتش في أي أحداث لكن وأنا في أمن الدولة الباشا حقق معايا وقالي انت على تواصل مع التكفيريين وبتمولهم بالفلوس، وانا قلت له إن دي فلوس جمعية عاملها لأنه كان معايا ٢٥٠٠ جنيه وكنت راكب عربية سوزوكي بتاعتي ولكن الرخصة مش باسمي".

 

وجهت النيابة لمحمد تهمتي الإنضمام وتمويل تنظيم ولاية سيناء بينما أنكر هو التهم الموجهة إليه، فقررت النيابة حبسه احتياطيا 15 يوم على ذمة التحقيقات.

 

الواقعة الرابعة 

رصد الفريق القانوني بالمؤسسة ظهور 10 متهمين أمام نيابة أمن الدولة العليا بالقاهرة خلال الفترة من 6 إلى 18  إبريل 2022، على ذمة القضية 400 لسنة 2022.  تعنتت النيابة في إعطاء المتهمين حقوقهم القانونية ولم تسمح بحضور أي من السادة المحامين معهم أثناء التحقيقات رغم تواجدهم في مقر النيابة، كما لم تسعى لانتداب أحد المحامين للحضور معهم. وفيما يلي أسماء المتهمين:

1- أحمد فؤاد أحمد محمد سليم 28 عام، ظهر أمام النيابة بتاريخ 16 إبريل 2022.

2- محمد حمدان سالم حمدان،  ظهر أمام النيابة بتاريخ 13 إبريل 2022.

3- أحمد علام على الحنفي 34 عام،  ظهر أمام النيابة بتاريخ 13 إبريل 2022.

4- سلامة سليم سليمان سليم 28 عام،  ظهر أمام النيابة بتاريخ 9 إبريل 2022.

5- سمير محمد عواد زيد،  ظهر أمام النيابة بتاريخ 12 إبريل 2022.

6- طارق أحمد سالم،  ظهر أمام النيابة بتاريخ 6 إبريل .2022

7- محمد أحمد حسين محسن،  ظهر أمام النيابة بتاريخ 14 إبريل 2022.

8- موسي عبدالله سليم سالم 21 عام،  ظهر أمام النيابة بتاريخ 16 إبريل 2022.

9- يسري عبدالعزيز محمد سليمان 24 عام،  ظهر أمام النيابة بتاريخ 9 إبريل 2022.

10- عيد عياد محمد كامل 45 عام،  ظهر أمام النيابة بتاريخ 10 إبريل 2022.


 

التحليل القانوني

 استطاع الفريق القانوني بالمؤسسة أن يرصد ثلاث انتهاكات قانونية تعرض لها سيدة و12 متهم خلال شهر إبريل 2022 ، حيث باشرت جهات التحقيق المصرية التحقيق مع سيدة بعد تعرضها لفترة اختفاء قسري ، كما قررت محكمة جنايات القاهرة إخلاء سبيلها وذلك على خلفية اتهامها بالانضمام لجماعة إرهابية" ولاية سيناء" واعتناقها لأفكار تكفيرية وفقا لما ورد بتحريات قطاع الأمن الوطني، إلا أنها تعرضت للاختفاء القسري مجددا. 

 

وبالنظر إلى ما أقره المتهمون أمام جهة التحقيق ووفقا للشهادات التي حصلت عليها المؤسسة من ذوي الضحايا فإنه بلا شك يحمل العديد من الانتهاكات والتجاوزات التي تعد جرائم في نظر القانون المصري فضلا عن مخالفتها لأبسط القواعد والضمانات الإجرائية التي أوجب القانون المصري مراعاتها خاصة في مرحلة التحقيق الإبتدائي .

 

أولا: احتجاز الأشخاص المقبوض عليهم دون إذن من السلطات القضائية المختصة، ولفترات زمنية تتجاوز مدة الاحتجاز القانونية.

 

نصت المادة 54 من الدستور المصري على أن " الحرية حق طبيعي وهى مصونة لا تمس وفيما عدا حالة التلبس  لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأي قيد  إلا بأمر قضائي مسبب يستلزمه التحقيق ويجب أن يبلغ فورا كل من تقيد حريته بأسباب ذلك ويحاط بحقوقه كتابة ويمكن من الاتصال بذويه و بمحاميه فورا ، وأن يقدم إلى سلطات التحقيق خلال أربع وعشرين ساعة من وقت تقييد حريته.

ونصت المادة 36 من قانون الإجراءات الجنائية المصري على أنه " يجب على مأمور الضبط القضائي أن يسمع فورا أقوال المتهم المضبوط وإذا لم يأت بما يبرئه يرسله فى مدى اربع وعشرين ساعة إلى النيابة المختصة . ويجب على النيابة العامة أن تستجوبه في ظرف أربع وعشرين ساعة ثم تأمر بالقبض عليه أو إطلاق سراحه ."

 

ونصت المادة 40 من ذات القانون على أنه " لا يجوز القبض على أي إنسان أو حبسه إلا بأمر من السلطات المختصة بذلك قانونا ، كما تجب معاملته بما يحفظ عليه كرامة الإنسان ولا يجوز إيذاؤه بدنيا أو معنويا ."

ثانيا: الأماكن التي تم احتجازهم فيها حسب ما قرروا به فيه تحقيقات النيابة العامة غير آدمية وتعرضوا فيها للضغط المعنوي والمادي، كما أن هذه المقرات  غير خاضعة لإشراف النيابة العامة وغير منصوص عليها في قانون تنظيم السجون وتعديلاته. 

 

ثالثاً: احتجاز الأشخاص المقبوض في أماكن احتجاز غير رسمية وغير خاضعة للرقابة القضائية.

نصت المادة 41 من قانون الإجراءات الجنائية المصري على أنه " لا يجوز حبس أي إنسان إلا فى السجون المخصصة لذلك .

ولا يجوز لمأمور أي سجن قبول أي إنسان إلا بمقتضى أمر موقع عليه من السلطات المختصة ولا يبقيه بعد المدة المحددة بهذا الأمر ."

ونصت المادة 42 من ذات القانون على أنه " لكل من أعضاء النيابة ورؤساء ووكلاء المحاكم الابتدائية زيارة السجون العامة والمركزية الموجودة فى دوائر اختصاصهم والتأكد من عدم وجود محبوس بصفة غير قانونية ولهم أن يطلعوا على دفاتر السجن وعلى أوامر القبض والحبس وأن يأخذوا صورا منها وأن يتصلوا بأي محبوس ويسمعوا منه أي شكوى يريد أن يبديها لهم وعلى مدير وموظفي السجون أن يقدموا لهم كل مساعدة لحصولهم على المعلومات التي يطلبونها."

نصت المادة 1 مكرر من قانون تنظيم السجون المصري رقم 396 لسنة 1956 على أنه " يودع كل من يحجز أو يعتقل أو يتحفظ عليه أو تسلب حريته على أي وجه في أحد السجون المبنية في المادة السابقة أو أحد الأماكن التي يصدر بتحديدها قرار من وزير الداخلية وتسري عليها جميع الأحكام الواردة في هذا القانون على أن يكون حق الدخول فيها المنصوص عليه في المادة 85 للنائب العام أو من ينيبه من رجال النيابة العامة بدرجة رئيس نيابة على الأقل ."

 

رابعاً: تعمدت جهة التحقيق عدم تمكين دفاع المتهمين من الاطلاع على التحقيقات وما بها والأدلة التي تستند إليها في إصدار قرارها بحبس المتهمين حتى يتسنى له الرد عليها وتناولها في دفاعه بالرد والتعقيب

 

حيث أن المتهمين العشرة  في الواقعة الثالثة لم يحضر معهم محام، ولم تسعى جهة التحقيق للإتصال بذوي المتهمين وممثلهم القانوني بل اكتفت بالديباجة المقررة والتي تفيد أنها أرسلت أحد مندوبيها لمقر نقابة المحامين فوجدت النقابة مغلقة في حين أن التحقيقات مع المتهمين تتم من الساعة الواحدة حتى الساعة الثالثة وهو وقت تعج فيه نقابة المحامين بالمحامين مما يعد التفافا من جهة التحقيق على حق المتهم في حضور محام معه جلسات التحقيق على النحو الذي أوجبه الدستور والقانون .

 

نصت المادة 125 من قانون الإجراءات الجنائية  على أنه " يجب السماح للمحامي بالإطلاع على التحقيق في اليوم السابق على الاستجواب أو المواجهة مالم يقرر القاضي غير ذلك .وفي جميع الأحوال لا يجوز الفصل بين المتهم ومحاميه الحاضر معه أثناء التحقيق ."

 

نصت المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه " لا يجوز للمحقق في الجنايات وفي الجنح المعاقب عليها بالحبس وجوبا أن يستجوب المتهم أو يواجهه بغيره من المتهمين أو الشهود إلا بعد دعوة محاميه للحضور عدا حالة التلبس وحالة السرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة على الذي يثبته المحقق فى المحضر. وعلى المتهم أن يعلن اسم محاميه بتقرير لدى قلم كتاب المحكمة أو إلى مأمور السجن أو يخطر به المحقق كما يجوز لمحاميه أن يتولى هذا الإعلان أو هذا الإخطار . وإذا لم يكن للمتهم محام أو لم يحضر محاميه بعد دعوته وجب على المحقق من تلقاء نفسه أن يندب له محاميا. و للمحامي أن يثبت في المحضر ما يعن له من دفوع أو طلبات أو ملاحظات ."

 

ولعل المشرع المصري كفل حق الاستعانة بمحام لأي متهم أو مجنيا عليه كما أنه قد كفل للمتهم الحق في اختيار محاميه ولا يحق لسلطة التحقيق أن تتدخل في اختياره ، فإن اختار المتهم محاميا وأعلن عن اسمه وأخطر المحقق به فليس أمام جهة التحقيق إلا أن تستجيب لطلبه . كما أن حق الدفاع لا يرتبط بمرحلة معينة من مراحل التقاضي بل إنه يبدأ من مرحلة جمع الاستدلالات مرورا بالتحقيق الابتدائي وانتهاءاً بالتحقيق النهائي الذي تجريه المحكمة وهو التحقيق المعول عليه ومرحلة المحاكمة برمتها .

 

هذا وإذا كان المشرع قد استثنى حالتين على وجوب حضور محام مع المتهم أثناء مرحلة التحقيق الإبتدائي و المعروفتين بحالتي التلبس والخوف من ضياع الدليل إلا أنه لا يجوز الاحتجاج بهما في مثل هذه الحالة لعدة أسباب:

 

1- أن المتهمين قُبض عليه قبل عرضهم على النيابة العامة بمدة وبالتالي لم يكونوا متلبسين بجريمة، بل إن القبض عليهم كان بناءا على معلومات وتحريات ثم أذنت النيابة للقائمين بالتحري بالقبض عليهم وبالتالي فإن واقعة القبض عليهم مختلفة تماما عن التلبس الذي نص عليه المشرع كحالة متى توفرت جاز لسلطة التحقيق مباشرة إجراءات التحقيق في غيبة الدفاع .

 

2- أن المتهمين قبض عليهم بناءا على تحريات، ونتيجة هذه التحريات في حوزة مجريها، وهي عبارة عن معلومات يستحيل ضياعها ولا يخشى من مرور الوقت عليها أن تتغير أو  أن تزول آثارها  وبالتالي تستدعي حالة السرعة البدء في التحقيق دون حضور محام وبالتالي فلا يجوز لسلطة التحقيق الاعتذار بتوافر الحالتين اللتين تجيزان لها البدء في التحقيق دون حضور محام مع المتهمين وإنما كان يتعين عليها انتداب محام للحضور معهم وتمكينهم من الاتصال بأهلهم وذويهم .


 

مما تقدم يتضح كيف تعاملت جهات التحقيق مع المتهمين وكيف تجاهلت ما أقروا به في التحقيقات من وقائع احتجازهم دون إذن قضائي مسبب لمدد متفاوتة وكبيره وكيف تعاملت مع ما تعرضوا له خلال هذه الفترة من انتهاكات بالمخالفة للدستور المصري وقانون الإجراءات الجنائية والضمانات التي كفلها في مرحلة التحقيق الإبتدائي .


 

انتهاكات تنظيم ولاية سيناء التابع لداعش

إصابة طفل ومدني برصاص مسلحي داعش خلال هجوم مسلح في بئر العبد

رصد فريق المؤسسة بتاريخ 1 إبريل 2022  إصابة طفل ومدني برصاص مسلحي تنظيم داعش أثناء هجوم مسلح للتنظيم في قرية الهميصه. وفي التفاصيل،  شهد مساء السبت في تمام العاشرة مساء قيام 3 عناصر مسلحين تابعين لتنظيم داعش بالتسلل إلى قرية الهميصه الواقعة جنوب غرب مدينة بئر العبد، وقاموا باقتحام منزل " حسن أبو معالي العقيلي" وهو أحد أبناء قبيلة العقايلة، والذي ينتمي لأحد المجموعات القبلية الموالية للجيش.

​​​​​​​
حاول المسلحون اختطاف حسن وارغامه على الذهاب معهم لكنه قاومهم وحاول الوصول الى سلاحه الشخصي، فبادره المسلحون  بإطلاق النار عليه أمام عائلته ليموت على الفور، بينما أصيب خلال الهجوم نجله " أبو بكر" البالغ من العمر 5 سنوات بإصابات خطرة في منطقة البطن كما أصيب ابن عمه "ضيف الله العقيلي" في قدمه، والذي تصادف وجوده في المنزل لحظة الهجوم. بعد مرور ساعة على الهجوم جرى نقل المصابين إلى المستشفى لتلقي العلاج.

 

في اليوم التالي للهجوم تبنى تنظيم داعش العملية عبر معرفاته الرسمية، وأشار التنظيم في البيان أنهم استهدفوا عنصرا من عناصر "المليشيات الموالية للجيش المصري" وقاموا بقتله واغتنام سلاحه، الا ان التنظيم تجاهل في روايته الرسمية أي ذكر لاصابة المدنيين على يد عناصره أثناء الهجوم.

​​​​​​​
​​​​​​​اختطاف وقتل مدنيين في بئر العبد

تمثل حالات الاختطاف للمدنيين نمطاً متكرراً من الانتهاكات المتفشية بكثرة في شبه جزيرة سيناء، وقد اعتاد تنظيم داعش على اختطاف المدنيين وتغييبهم لفترات زمنية طويلة ضمن أعمال ممنهجة يهدف من خلالها لفرض هيمنته ومعاقبة كل من يعتبره يقف إلى جانب السلطات المصرية. جدير بالذكر أن مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان كانت قد وثقت خلال عام 2021 العديد من حالات اختطاف وقتل لمدنيين على يد داعش بذريعة قيامهم بتقديم خدمات للجيش، حيث يعتبر مسلحو التنظيم أن أي خدمة أو مساعدة للقوات الأمنية هي بمثابة أعمال عدائية له، ومنها العمل في مشاريع إنشاءات أو مصانع تابعة للجيش وكذلك نقل المدنيين للمؤن والوقود لأفراد الجيش في الكمائن العسكرية في بعض المناطق الملتهبة. فعلى سبيل المثال وثقت المؤسسة خلال شهر فبراير 2022 اختطاف خمسة عمال مدنيين بحجة عملهم في مشاريع تابعة للجيش المصري.

 

وثق فريق مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان بتاريخ 6 إبريل 2022، قيام عناصر مسلحة تابعة لتنظيم داعش باختطاف ثلاثة من أهالي قرية مصفق الواقعة شرق مدينة بئرالعبد شمال سيناء. ووفقا لشهود العيان من سكان القرية فإن حوالي 10 عناصر مسلحة داهمت قرية مصفق في صباح يوم الأربعاء الموافق 6 إبريل بينما انتشر عدد آخر من المسلحين عند مداخل القرية، تجول المسلحون داخل القرية و داهموا عددا من منازل المطلوبين لديهم وقاموا باختطاف ثلاثة مدنيين هم: محمد عايد ابو مليح، إبراهيم عايد أبو مليح و حسن أبو حسين. 
​​​​​​​التقى فريق المؤسسة بأحد أقارب حسن أبو حسين لمعرفة تفاصيل ما جرى، قال:

الحاج حسن راجل كبير وملوش علاقه باللي بيحصل لا بيتعاون مع الجيش ولا المسلحين. هو ممكن يدعي ربنا يطهر الأرض من الإرهاب علشان الناس تعاود أراضيها وزعلان على وضع سيناء، لكن لا بيتعاون ولا بيكلم حد.  ده راجل كبير عنده 60 سنة هيتعاون ازاي ولا يمسك سلاح إزاي يحارب إرهابيين!، اللي حصل إن يوم الاربعاء الساعه 6 الصبح فيه مسلحين طلعوا على بيت محمد وإبراهيم ياخدوهم بالقوة، فالناس الكبيرة بتصلي الفجر وبتضل صاحيه، لما صار فيه صوت عالي خرج لهم الحاج حسن يسأل في إيه، قاموا قالوله اركب يا حاج وأخدوه معاهم، لكن هما لا خبطوا عليه ولا سألوا عنه ولا كانوا عايزينه هو خرج يشوف ايش صاير فأخدوه. 

 وأضاف:

إحنا سمعنا عن أكثر من راجل اتاخد وبعدين المسلحين سابوهم، فعندنا أمل يسيبوه، هما لا كانوا عايزينه ولا هو ليه علاقه بحد في الجيش. إحنا كل اللي عايزينه يسيبوا الناس في حالها، الناس سايبه أرضها وشقا عمرها وقاعدين في عشش مش عارفين يعيشوا والإرهابيين يدبحوا فيهم ويصوروا، والله حرام يقتلوهم كده ونلاقي جثث الناس في الشوارع ولا ما تلقى جثة اصلا عشان تدفنها.  ويسيبوا المنطقه اللي بيخرجوا منها مليانه ألغام تنفجر في أطفال ولا شباب صغير لسه بيدرس ولا نسوان مش حرام ده ؟  مفيش حد سايب اهالى سيناء يعيشوا ولا معتبرينهم بني أدمين، حقوق إيه اللي بتتكلموا عليها؟ لو سألتي الناس دي تعرف حقوق الإنسان ؟.

  أكمل الشاهد حديثه قائلا:

الناس عايزه بيت يناموا فيه ولا سقف يسترهم، الناس عايزة تعيش من غير ما حد ياخدها تحري ولا يموت المرضى على المعديات وهما سايبينهم بالساعات متكدسين زي البهايم، لا تعرف بيتحروا عن إيه، والله الناس عايزة تعيش بس.

بعد مرور 6 أيام على واقعة الاختطاف وتحديدا بتاريخ 12 إبريل 2022 أطلق التنظيم سراح أحد المختطفين الثلاثة وهو الحاج "حسن ابو حسين" بينما ظل مصير الشقيقين محمد وابراهيم عايد أبو مليح مجهولا. 

لاحقا عاد التنظيم مرة أخرى بتاريخ  22 إبريل 2022 ليعلن رسميا تبنيه واقعة اختطاف المدنيين الثلاثة عبر مجلة النبأ التابعة له وتحديدا في العدد رقم 335. قال التنظيم أن عناصر تابعة له قامت بإقتحام قرية مصفق شرقي بئر العبد الواقعة على الطريق الدولى نهار يوم الأربعاء 6 إبريل 2022، وأنهم انتشروا بداخلها لفترة من الوقت داهموا خلالها منزلين لمطلوبين وأسروا ثلاثة أفراد، وقالوا أنهم قاموا بقتل اثنين منهم بسبب نشاطهم فيما أسموه "المليشيات الموالية للجيش المصري" وأطلقوا سراح الثالث مشيرين إلى أنه ثبت عدم تورطه بالتعاون مع قوات الجيش. ولم تتمكن المؤسسة من معرفة ما إذا كان الشقيقين القتلى منخرطين ضمن أحد المجموعات القبلية المسلحة الموالية للجيش أم لا.


​​​​​​​اجبار مدنيين على دفع فدية بعد اختطافهم مقابل إطلاق سراحهم

وثق فريق المؤسسة خلال شهر أبريل قيام تنظيم ولاية سيناء التابع لداعش بإطلاق سراح 3 مدنيين مختطفين لديه بعد إجبار أسرهم على دفع فدية مالية كبيرة. وكانت المؤسسة قد وثقت بتاريخ 15 فبراير 2022 قيام تنظيم داعش باختطاف 3 عمال مدنيين من منطقة المغارة بوسط سيناء، وهم: وليد فتحي سيد أحمد الحلو، عمرو خالد عبد العاطي و محمد سامي، واخفائهم قسريا لمدة شهرين تقريبا. قامت المؤسسة بنشر تفاصيل الواقعة وشهادة أحد أقارب الضحايا في تقريرها حول انتهاكات حقوق الإنسان التي جرت في شهر فبراير الماضي. 

 

التقى فريق المؤسسة في فبراير الماضي مع "وائل الحلو" شقيق المختطف "وليد فتحي سيد أحمد الحلو" قبل تحريره لاحقاً، لمعرفة تفاصيل ما جرى آنذاك، قال: "وليد عمره  46 سنة مقيم في مدينة السنبلاوين بمحافظة الدقهلية، كان بيشتغل من سبع سنين مع مقاول في شمال سيناء، المقاول كان ماسك شغل للجيش بس وليد كان بيشتغل علي عربيته نقل كان بيورد لهم مايه و إمدادات غذائية في واحد من مشاريع القوات المسلحة. يوم الحادثة كان وليد في الشغل ومعاه ابنه "آدم" عمره 7 سنين، طلع عليهم مسلحين واخدوا وليد وسابوا عربيته بس أخدوا عربية واحد تاني زميله، آدم ابن وليد شاف المنظر من الخوف استخبى تحت العربية، وزميل وليد في الشغل هناك هو اللي رجعهولنا. عملنا بلاغ باختطافه في مركز السنبلاوين ورفضوا يعملولنا محضر وقالوا طالما اتخطف في العريش سافروا العريش اعملوا محضر هناك، حاولنا نسافر العريش قالوا لازم تصريح أمني علشان يسمحوا لكم تدخلوا شمال سيناء لأنكم مش مقيمين هناك، يعني حتي بلاغ بأنه مخطوف مش عارفين نعمله ولا في حد بيدور عليه ولا بيعرفنا حاجة، إحنا راضيين بقضاء ربنا بس نعرف هو عايش ولا ميت ولو عايزين فدية يتواصلوا معانا احنا موبايلاتنا مفتوحة أربعة وعشرين ساعة ونشرنا أرقامنا على الفيسبوك، عملنا مناشدات لكل اللي نقدر نناشدهم ومفيش ولا جهة أمنية كلمتنا ولا عارفين نعمل حاجة".

​​​​​​​ ولمعرفة تطورات الموقف، التقى فريق المؤسسة مرة أخرى في مارس الماضي مع وائل الحلو، والذي قال إنه تلقى اتصالا من شخص مجهول قال انه ينتمي لتنظيم الدولة الإسلامية، تحدث معه عبر أرقام الهاتف التي قام بنشرها على منصات التواصل الاجتماعي وطلب منه فدية لإطلاق سراح شقيقه وقدرها مليون جنيه بينما سمحوا له بالتحدث لثوان معدودة مع شقيقه المختطف للتأكد أنه ما زال على قيد الحياة، خلال المكالمة القصيرة للغاية صرخ وليد وهو يبكي:  "أنا تعبان وبتعذب خلصوني وخرجوني من هنا"، ثم انتهت المكالمة.

 قال وائل أنه فشل في التفاوض معهم حول تخفيض المبلغ المالي المطلوب، وإنهم ردوا على محاولة التفاوض بتهديده: "يا تدفع وتخلص يا هنخلص عليه وتشوف صورته على النت".  وأضاف أن عناصر التنظيم ظلوا على تواصل مستمر حتى يوم 9 مارس 2022 وأنه أخبرهم في ذلك التوقيت أنه اقترب من جمع الأموال المطلوبة لتحرير شقيقه.

وعند سؤال وائل عن دور السلطات المصرية في تحرير شقيقه، قال وائل أنهم قاموا بإبلاغ الشرطة وقت معرفتهم بواقعة الاختطاف كما تحدثوا ايضا مع النائب أحمد العوضي عضو مجلس الشعب عن محافظة الدقهلية، والذي وعدهم بتتبع الرقم ومحاولة القبض على الخاطفين. وأضاف وائل أنه برغم الوعود الكثيرة التي تلقاها ببذل جهود كبيرة  للعثور على شقيقه وإلقاء القبض على الخاطفين، فإن أيا من ذلك لم يحدث "محدش عملنا أي حاجه ولا الحكومة ساعدتنا بفلوس ولا حتى دوروا على المخطوفين زي ما بيقولوا، دول بطلوا يردوا علينا  احنا. مدير المباحث في قسم السنبلاوين رفض يعملنا محضر حتى نثبت فيه أنه اتخطف وطلب مننا نعمل المحضر في المكان اللي اتخطف فيه ولما حاولنا نروح نعمل محضر في سيناء ماوفقوش يطلعوا لينا تصريح أمني عشان نقدر ندخل سيناء، وناشدنا النائب احمد راضي ورفض يساعدنا بأي مبلغ وقال لنا أنهم إن شاء الله هيسيبوه و انهي المكالمه".

رصدت المؤسسة بتاريخ 8 إبريل 2022، اطلاق سراح اثنين من المدنيين الثلاثة المختطفين وهم كلا من: عمرو خالد عبد العاطى ومحمد سامى بينما لم ترد أي أخبار عن مصير وليد الحلو. تواصل فريق المؤسسة مرة أخرى مع شقيقه وائل، والذي قال لنا أنهم قاموا بالتحدث مع عناصر التنظيم قبل 3 أيام واخبروهم أن المبلغ ينقصه 200 ألف جنيه، وطلبوا منهم الانتظار قليلا للانتهاء من تجهيز الفدية كاملة كما طلبها التنظيم. قال وائل أن الأسرة تعيش أجواء قلق بالغ بعد إطلاق سراح زملائه الآخرين، وخوفهم من إلحاق الأذى بشقيقهم بسبب عدم قدرة الأسرة على توفير المبلغ المطلوب كاملا حتى الآن.

علمت المؤسسة لاحقا ان الأسرة قامت بدفع الفدية كاملة للتنظيم والذي أخبرهم انه سيطلق سراح شقيقهم خلال أيام، وهو ما تحقق بالفعل حيث رصدت المؤسسة بتاريخ 26 إبريل 2022 إطلاق سراح وليد الحلو بعد اختطافه واخفائه لمدة شهرين من قبل تنظيم داعش.

استطاع فريق المؤسسة بتاريخ 10 مايو 2022 في عقد مقابلة مع أحد المختطفين الثلاثة المحررين من قبضة داعش، في محاولة لتوثيق تفاصيل معاناتهم خلال الفترة التي قضوها في قبضة التنظيم. تنشر المؤسسة في هذا التقرير جزء محدداً من شهادة المختطفين المخلى سبيلهم بناء على طلبهم وحفاظا على سلامتهم ​​​​​​​قال:

اتخطفنا يوم 15 فبراير من منطقة المغارة في وسط سيناء، اللي خطفونا كانوا 9 مسلحين دخلوا علينا بأسلحة رشاشة وخطفونا، الغريب انهم مروا على كمينين للجيش قبل ما يوصلوا لينا ماعرفش عدوا ازاي، دي يتسأل فيها الجيش ازاي يسيب عربية فيها إرهابيين وأسلحة تعدي وتدخل منطقة مشاريع تبع الجيش ومحدش يضرب عليهم رصاصة! حاولنا نلفت نظر الكمين القريب مننا وشافنا بس ما اتحركش رغم أنه كان على مسافة 200 متر، يعني كان ممكن ينقذنا، ده كل 300 متر فيه كمين وعربيات واقفين منظر بس!​​​​​​

 وأضاف:

أخدونا احنا التلاته وأول ما أخدونا غمونا ومابقيناش شايفين حاجه معرفناش الطرق اللي مشينا فيها ولا روحنا فين، بس كانوا كل شويه يعدوا على ناس تبعهم ويتكلموا ويكملوا الطريق، ده حصل  تقريبا 3 أو 4 مرات. وصلنا مكان وغالبا كان جبل، قعدونا في عشش واحنا متغميين. عرفت من خلال الأصوات تقريبا ان اللي حققوا معانا كانوا غير اللي خطفونا سألونا بنشتغل مع الجيش ليه؟ وليه بتشتغلوا معاهم وانتم عارفين أن الجيش مرتدين رغم اننا نشرنا تحذيرات عن عقاب اللي هيشتغل مع الجيش؟ و أسئلة تانية من النوع ده. انا الحقيقه عملت نفسي مش فاهم وقعدت أقولهم إن ده أكل عيش والجيش أخد مشاريع البلد كلها طيب نشتغل فين ولا نأكل عيالنا ازاي؟ قالولنا انتوا بتشتغلوا علشان تأكلوا عيالكم وتجيبوا فلوس حرام، ورغم ان احنا بنقتلكم وبردو مش بتتعظوا، فإحنا هناخد الفلوس اللي جمعتوها و هتفضلوا مرميين هنا. طبعا فتشوا موبايلاتنا واتأكدوا أننا عمال مش بنتعاون مع الجيش أو بنبلغ عن اي حد وأخدوا الموبايلات. وطلبوا فدية 5 مليون من كل واحد فينا، بعد كده اتخفضت لمليون لما اتفاوضوا مع اهالينا. احنا التلاته اتعذبنا حتى من غير سبب لأنه معترفناش بحاجة ولا هما لقوا حاجة تديننا في التليفونات لأننا مجرد عمال، كانوا بيضربونا بالجنازير واتعورنا جامد وجسمنا اتبهدل، واحنا التلاته خرجنا بعد البهدلة دي لما أهالينا دفعوا الفلوس.

بالنسبة للصلاة محدش اجبرنا عليها لأن احنا اساسا بنصلي،  وبالنسبه للأكل كان مرة واحدة في اليوم وأكل معفن مايتاكلش مش عارف حتى هو عبارة عن ايه، والمايه كانت مايه مالحة ماتتشربش. كانوا مانعين حلاقة او قص اللحية وكان ممكن تقص الشنب بس بالمقص او تشيله عادي لكن الشعر واللحية ممنوع نقصهم فكنا كلنا شبه بعض، لو فكرنا نهرب الجيش كان هيقتلنا ويفتكرنا إرهابيين علشان شكلنا بقى شبهم بسبب طول شعرنا ولحيتنا. وطبعا مكنش فيه حمام ولا أي أماكن مجهزة،  كان مسموح لنا نبعد حوالي 20 متر علشان الحمام وده لازم يكون خلال النهار، وبالليل كان ممنوع حد يتحرك. الطيارة اللي بدون طيار "الزنانة" دي ولا ليها اي لازمه،  كانوا بيبقوا عارفين انها جايه قبل ما توصل ب 2 كيلو  من صوتها، وهما بيثبتوا مش بيتحركوا وأماكنهم مليانه شجر حتى مش بيستخبوا ولا في أنفاق ولا أي حاجه من اللي بنسمع عنها قاعدين عادي ومش بيتحركوا وخلاص. كنا حاسين باليأس وكنت بحلم بكوابيس انهم هيقتلونا وأهلي هيشوفوا فيديو لحظة قتلي على النت زي ما حصل مع غيري، انا قولت احنا هنموت هنا محدش هيدفع ولا هيخرجنا خاصة اننا قعدنا فترة طويلة.

 يحظر القانون الإنساني الدولي أعمال الاختطاف والاختفاء القسري الممنهجة، وينص إعلان الأمم المتحدة بشأن الاختفاء القسري، المعتمد بالإجماع، على أن الاختفاء القسري يشكل انتهاكًا لجملة من الحقوق منها الحق في الاعتراف بالشخص أمام القانون، والحق في الحرية والأمن الشخصي، والحق في عدم إخضاعه للتعذيب، والمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطة من الكرامة وأنه ينتهك الحق في الحياة أو يشكّل تهديدًا خطيرًا له، كما اعتبره النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية بأنه "جريمة ضد الإنسانية".

 



الكلمات المفتاحية


مقالات متعلقة