img
تقرير رصدي: تعزيزات إسرائيلية قرب الحدود المصرية – مايو 2025
02 مايو 2025

شهدت الحدود المصرية – الإسرائيلية خلال الشهور الأخيرة تحولات ملحوظة في طبيعة الانتشار العسكري الإسرائيلي، تم رصدها وتوثيقها بصريًا من قبل مصادر خاصه لمؤسسة سيناء لحقوق الإنسان، وتشمل هذه التحركات زيادة استخدام الوسائل التكنولوجية الجوية للمراقبة، وتعزيز المواقع الدفاعية بدبابات قتالية بدلًا من العربات الخفيفة التي كانت مستخدمة سابقًا.

تأتي هذه التحركات في ظل قيام الجيش الإسرائيلي بإنشاء منطقة خيام كبيرة في رفح الفلسطينية، تقع بين محوري فيلادلفيا وموراج، وعلى بعد مئات الأمتار فقط من الحدود المصرية. ووفقًا لتصريحات رسمية إسرائيلية، فإن المنطقة يتم تسويقها كـ “منطقة إنسانية مؤقتة” مخصصة لاستقبال نازحين من مناطق القتال في قطاع غزة.

في المقابل، صدرت خلال الشهور الماضية عدة تصريحات من مسؤولين عسكريين وسياسيين إسرائيليين تزعم أن مصر قامت بنشر قوات وأسلحة “أكثر من المتفق عليه” في بعض مناطق سيناء، دون الرجوع الكامل للآليات المشتركة في الاتفاقية. هذه التصريحات تلمّح أحيانًا إلى أن مصر استغلت الظروف الأمنية في شمال سيناء لمحاربة الإرهاب كغطاء لتوسيع انتشارها العسكري بما يتجاوز التنسيق مع إسرائيل.

 

أولًا: تكثيف المراقبة الجوية – مناطيد مراقبة ثابتة:

تم رصد منطاد استطلاع ثابت (Aerostat Surveillance Balloon) بالقرب من منطقة القصيمة بوسط سيناء، مقابل موقع حدودي إسرائيلي. ويُلاحظ في الصور الجوية أنه:

ثابت الارتفاع: يُربط بكابل أرضي ويُحلق على ارتفاع يتراوح بين 300 إلى 1000 متر.

يُشبه نظام Sky Dew، الذي يستخدمه الجيش الإسرائيلي: هذا النوع من المناطيد مخصص بشكل أساسي لمهام الإنذار المبكر والرصد الجوي، حيث يُزود برادارات متقدمة قادرة على اكتشاف وتتبع التهديدات الجوية مثل الطائرات المسيّرة أو الصواريخ منخفضة التحليق.

​​​​​​​الدلالة العسكرية:
استخدام هذا النوع من الأنظمة يشير إلى تعزيز قدرات المراقبة الجوية الإسرائيلية في المناطق الحدودية، ويدل على رفع مستوى التأهب لمواجهة تهديدات محتملة من الجو، وليس بالضرورة لمراقبة الأفراد أو المركبات الأرضية، إذ لا يُستخدم Sky Dew عادةً في مهام الرصد الأرضي المباشر. ويعكس رفعًا لمستوى المراقبة والرصد الاستخباراتي في المناطق الحدودية المقابلة لسيناء.

وتجدر الإشارة إلى أن الجيش الإسرائيلي كرّر خلال الأيام الأخيرة ادعاءاته بإحباط محاولات تهريب أسلحة وذخائر من سيناء إلى داخل إسرائيل عبر طائرات مُسيّرة (درونز)، من بينها محاولتان خلال أسبوع واحد في نفس المنطقة وبنفس الأسلوب.

ففي يوم 29 أبريل، أعلن الجيش أنه أسقط طائرة مسيّرة قادمة من الأراضي المصرية، كانت تحمل عشرة أسلحة من نوع M16، في منطقة لواء فاران. وفي اليوم التالي، الخميس 1 مايو، قال في بيان صحفي إنه "أحبط محاولة لتهريب أسلحة من سيناء إلى إسرائيل عبر طائرة مسيّرة انطلقت من الأراضي المصرية، وتم إسقاطها في نفس المنطقة، وكانت تحمل عشرة أسلحة من نوع M16".

وهو ما يفسّر على الأرجح تكثيف هذا النمط من المراقبة الجوية الثابتة والمستمرة في هذا المحور.

 

ثانيًا: تحصينات رملية ميدانية و تمركز دبابات قتالية

وثّقت المؤسسة عبر عدة مقاطع مصورة حصلت عليها، وجود دبابات إسرائيلية متمركزة خلف تحصينات رملية في مواقع حدودية. ويُلاحظ أن هذه المواقع كانت قبل الحرب الأخيرة تنتشر فيها عربات جيب خفيفة، فيما جرى قبل عدة شهور استبدالها بدبابات، في مؤشر على رفع درجة الاستعداد، على الأرجح كجزء من خطة تحصين دفاعي ضد احتمالات تصعيد أو اختراق حدودي، خاصة في ظل استمرار العمليات العسكرية في قطاع غزة.​​​​​​​​​​​​​​

 

ثالثًا: السياق القانوني – اتفاقية كامب ديفيد

تنص اتفاقية كامب ديفيد الموقعة عام 1979 على ترتيبات أمنية دقيقة في سيناء، تقضي بوجود مناطق منزوعة أو محدودة التسليح على جانبي الحدود، مع تحديد دقيق لمستوى القوات المسموح بها في كل منطقة. أي تعزيزات إسرائيلية عسكرية قرب الحدود، خصوصًا استخدام دبابات أو زيادة في نشاط المراقبة الجوية الموجه نحو الأراضي المصرية، قد يُنظر إليها كمخالفة لروح الاتفاقية أو كتحدٍّ للترتيبات الأمنية القائمة.

هذا الرصد يثير أسئلة حول مدى التزام الطرف الإسرائيلي بالتوازنات المنصوص عليها، ويدعو إلى ضرورة مراجعة ميدانية محايدة من أطراف دولية معنية، مثل قوة المراقبة متعددة الجنسيات (MFO) العاملة في سيناء

خاتمة:

تشير هذه التحركات العسكرية، التي تشمل تعزيز الرصد الجوي ورفع كفاءة الرد الأرضي عبر الدبابات، إلى تصعيد غير معلن في الجاهزية الإسرائيلية على الحدود مع سيناء. ويتزامن ذلك مع توتر إقليمي واسع في قطاع غزة وتحركات داخل سيناء، بالإضافة إلى تبادل الاتهامات الضمنية بين الجانبين المصري والإسرائيلي بشأن خرق ترتيبات كامب ديفيد، ما  يؤشر على تراجع الثقة المتبادلة وتحول الحدود إلى ساحة اختبار جديدة للاتفاقية التاريخية.



الكلمات المفتاحية


مقالات متعلقة