بناء على شكوى مقدمة من مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان ومجموعة حقوق الأقليات الدولية: خبراء في الأمم المتحدة يخاطبون السلطات المصرية بشأن محاكمة متظاهري حق العودة “عسكريا”، وتعويضات المهجرين قسريا، وتطالب بوقف الانتهاكات بحق المدنيين
نشر المقرر الخاص المعني بقضايا الأقليات؛ والفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي؛ والمقرر الخاص المعني بالحق في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات؛ والمقرر الخاص المعني بحقوق الإنسان للنازحين داخلياً والمقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في سياق مكافحة الإرهاب في الأمم المتحدة خطاب مرسل إلى السلطات المصرية في 7 أكتوبر 2024 أعربوا فيه عن قلقهم الشديد إزاء الاستخدام المزعوم للمحاكم العسكرية والملاحقة العسكرية للمدنيين في القضية العسكرية رقم 80 لسنة 2023، وكذلك الافتقار إلى الوصول إلى التمثيل القانوني في انتهاك للحق في المحاكمة العادلة المنصوص عليه في المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
وطالبوا الحكومة اتخاذ جميع التدابير المؤقتة اللازمة لوقف الانتهاكات المزعومة ومنع تكرارها وفي حالة دعم التحقيقات أو الإشارة إلى صحة الادعاءات، لضمان مساءلة أي شخص أو أشخاص مسؤولين عن الانتهاكات المزعومة. وذلك بناءً على شكوى مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان ومجموعة حقوق الأقليات الدولية في يوليو 2024.
لم تقم السلطات المصرية بالرد على الادعاءات والاستفسارات الواردة في خطاب خبراء حقوق الإنسان في الأمم المتحدة في المهلة المحددة بـ 60 يوم من تاريخ إرساله إلى الحكومة المصرية قبل نشر الخطاب على الموقع الإلكتروني للأمم المتحدة. قبل نشر الخطاب بيوم واحد قررت المحكمة العسكرية في الاسماعيلية إحالة القضية رقم 80 لسنة 2023 إلى المحاكمة بعد مرور عام كامل على استمرار وتجديد حبس المتهمين احتياطيا على ذمة القضية.
أعرب خبراء الأمم المتحدة في هذا الخطاب عن قلقهم الشديد أيضًا بشأن الادعاءات المتعلقة بهدم المنازل على نطاق واسع والتي أدت إلى نزوح الآلاف من الأشخاص من المجتمعات البدوية التي تعيش في شمال شرق سيناء، والفشل اللاحق في مناقشة طلبات العودة، وتقديم التعويض وإعادة التوطين المناسب. كما نشعر بالقلق إزاء الاستخدام المفرط للقوة ضد المتظاهرين، واحتجاز المتظاهرين المعتقلين، مما يشير إلى انتهاك الحق في حرية التجمع وتكوين الجمعيات كما هو منصوص عليه في المادتين 21 و22 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي انضمت إليه حكومة مصر، وبالتالي، قد تكون مثل هذه الإجراءات مخالفة لالتزامات جمهورية مصر العربية الدولية في مجال حقوق الإنسان.
وبالإضافة إلى ذلك، أعرب الخبراء عن قلقهم الشديد إزاء مزاعم الاحتجاز التعسفي والاحتجاز المطول قبل المحاكمة كشكل من أشكال العقاب الجماعي وتجريم البدو في سيناء الذين يمارسون حقوقهم في حرية التجمع وتكوين الجمعيات، في انتهاك للمادة 9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
طالب الخبراء الحكومة المصرية في الخطاب بإفادتهم بإيضاحات حول عدد من الانتهاكات الواردة أعلاه، استنادا إلى مسؤولية الخبراء، بموجب التفويضات التي منحها لهم مجلس حقوق الإنسان. وفيما يلي أبرز الإيضاحات التي طلبها خبراء الأمم المتحدة:
- شرح الأسباب الواقعية والقانونية التي تبرر الاعتقال المزعوم، و الاحتجاز السابق للمحاكمة لفترة طويلة في منشأة احتجاز غير رسمية دون إشراف قضائي، والتهم الموجهة إلى الأفراد الأربعة والخمسين المنتمين إلى الأقليات البدوية وكيف تتوافق هذه مع التزامات الحكومة المصرية وفقا للمعاهدات ذات الصلة التي وقعت عليها مصر.
- شرح الأساس القانوني الذي يحكم عمل واختصاصات المحاكم العسكرية لمقاضاة المحتجين المدنيين وكيف تتوافق هذه القوانين مع التزامات الحكومة وفقا للمعاهدات ذات الصلة التي أقرتها مصر.
- تزويدنا بمعلومات عن الخطوات الأخرى التي اتخذتها الحكومة، وفقًا للمعايير الدولية وأفضل الممارسات، فيما يتعلق بأي تحقيق قضائي أو غير ذلك من التحقيقات التي أجريت بشأن مزاعم إطلاق النار على المتظاهرين وضربهم.
- توضيح التدابير التي اتخذت لتحديد البدائل الممكنة لتهجير المجتمعات المتضررة، ولماذا اعتُبر هذا التهجير أمراً لا مفر منه، وما هي التدابير التي اتخذت لضمان تنفيذ التهجير بطريقة تصون حقوق المتضررين في الحياة والكرامة والحرية والأمن والحياة الأسرية وفي ظروف مرضية من السلامة والتغذية والصحة والنظافة.
- إذا كان التهجير أمرا لا يمكن تجنبه، يرجى توضيح إلى أي مدى ناقشت حكومة سعادتكم إمكانية السماح للنازحين، أو جزء منهم، بالعودة، كما طلب بعضهم.
- يرجى توضيح التدابير التي اتخذتها حكومة مصر لضمان عدم تعرض أي شخص إلى التشرد وحصول الجميع على تعويض مناسب عن أي ممتلكات تضررت.
- يرجى توضيح التدابير التي اتخذت أو التي من المقرر اتخاذها لتوفير الحماية والمساعدة للنازحين، بما في ذلك السكن المناسب البديل والمياه والغذاء الأساسي والخدمات الطبية، وغير ذلك من أشكال المساعدة الإنسانية و/أو القانونية.
- يرجى توضيح التدابير التي اتخذت أو التي من المقرر اتخاذها لضمان حلول دائمة للمتضررين، بما في ذلك الوصول إلى سبل انتصاف فعّالة والعدالة لانتهاكات الحقوق التي تعرضوا لها أثناء النزوح.
خلفية:
فشلت الحكومة المصرية حتى الآن في الإيفاء بتعهداتها بإعادة النازحين من السكان الأصليين من القبائل البدوية إلى أراضيهم في شمال شرق سيناء والتي هجرتهم منها السلطات المصرية قسريا خلال العقد الماضي أو التي نزحوا منها بسبب العمليات العسكرية. خلال السنوات الماضية اشتكى السكان من عدم حصول قطاعات واسعة من المهجرين على أية تعويضات بينما اشتكى آخرون من زهد قيمة التعويضات وعدم تناسبها مع حجم الضرر، كما طالب السكان بالعودة الى أراضيهم بعد زوال الارهاب بشكل رسمي، والذي كان سببا اتخذته الحكومة لتبرير عمليات التهجير القسري.
ونتيجة لذلك، نظم أفراد القبائل البدوية احتجاجات واعتصامات متعددة للمطالبة بحقهم في العودة إلى ديارهم. في 26 أغسطس 2023، خلال اجتماع بين قيادات الحراك الشعبي وقائد الجيش الميداني الثاني في مدينة العريش، تم الاتفاق على السماح للنازحين بالعودة إلى أراضيهم في موعد أقصاه 20 أكتوبر 2023. في 20 أكتوبر 2023، وبينما كانوا يتوقعون العودة إلى أراضيهم، أبلغ أفراد من القوات المسلحة المصرية بدو سيناء أنهم لا يستطيعون العودة دون إبداء أية أسباب معقولة.
في 23 أكتوبر 2023، تجمع آلاف النازحين من البدو من قبائل الرميلات والسواركة بالقرب من قرى الوفاق (غرب رفح) والمهدية (جنوب رفح) في شمال سيناء، للاحتجاج سلميًا على رفض القوات المسلحة عودتهم. خلال هذه الاحتجاجات، ردت القوات المسلحة المصرية بإطلاق النار لتفريق المتظاهرين السلميين في قرية الوفاق، وأظهرت لقطات فيديو نشرتها مؤسسة سيناء آنذاك، أفرادا من القوات المسلحة المصرية وهم يطلقون النار لتفريق المتظاهرين. كما قام الجيش باعتقال عدد من المتظاهرين وشن حملة اعتقالات خلال الأيام التالية أسفرت عن اعتقال 54 من السكان المحليين واحالتهم لاحقا للمحاكمة أمام القضاء العسكري بتهم تتعلق بـ التجمهر واستعراض القوة وتخريب سيارات عسكرية.