img
مصر: آلاف الإحالات لدوائر الإرهاب حيث تغيب ضمانات المحاكمات العادلة وتنعدم الثقة في استقلال القضاء
12 مايو 2025

Available in English​​​​​​​

بدأت مطلع مايو الجاري جلسات المحاكمات في القضايا التي أحالتها نيابة أمن الدولة العليا إلى دوائر الإرهاب خلال الأشهر الثمانية الماضية. إذ أقدمت السلطات المصرية على إحالة 186 قضية على الأقل تضم أكثر من 6 آلاف متهم إلى المحاكمة أمام دوائر الإرهاب، الأمر الذي ينذر بإصدار أحكام جماعية ترسخ لغياب سيادة القانون وتعمّق فقدان الثقة في منظومة العدالة، جراء محاكمات تفتقر للحد الأدنى من ضمانات المحاكمة العادلة. وفيما تؤكد المنظمات الموقعة أدناه على ضرورة الإفراج عن جميع السجناء السياسيين المحتجزين على ذمة هذه القضايا بسبب آرائهم السياسية، تطالب المحكمة بضمان احترام معايير المحاكمة العادلة وحقوق جميع المتهمين في هذه القضايا، وعلى رأسها الحق في الدفاع، والحق في علانية الجلسات، وافتراض البراءة، واحتساب فترات الحبس الاحتياطي ضمن أي أحكام تصدر بحقهم. كما تطالب بالسماح لممثلي منظمات المجتمع المدني المحلية والدولية، إلى جانب وسائل الإعلام، بحضور الجلسات ومتابعتها لضمان الشفافية والمساءلة.

لقد سبق وعبّرت جهات حقوقية دولية ومحلية عن قلقها البالغ إزاء طبيعة المحاكمات أمام دوائر الإرهاب، مشددًة في تقاريرها ومطالبها على ضرورة ضمان احترام هذه المحاكم للمعايير الدولية. كما رصدت منظمات حقوقية الآثار المدمرة للتوسع في دوائر الإرهاب على الحق في المحاكمة العادلة، وعلى استقلال القضاء ذاته.

هذا التوسّع غير المسبوق في إحالة القضايا لـ دوائر الإرهاب، يأتي ضمن مناورة سياسية تهدف إلى التحايل على المطالب المتزايدة، من قبل جهات أممية ودولية، بإنهاء الاستخدام التعسفي للحبس الاحتياطي كعقوبة، والإفراج عن المحتجزين على خلفية قضايا سياسية. وبدلاً من معالجة السلطات المصرية لجوهر الأزمة عبر تدابير قانونية تضمن العدالة والحرية، ووقف الملاحقات الأمنية الانتقامية للمعارضين، قررت السلطات إحالة آلاف المحتجزين السياسيين إلى المحاكمة أمام دوائر الإرهاب، حيث تنعدم ضمانات المحاكمة العادلة، ضمن منظومة قضائية يشوبها التسيس، غير مهيّأة من حيث القدرة الاستيعابية أو البنية الإجرائية لنظر هذا الكم من القضايا. الأمر الذي يؤثر بشكل مباشر على مسار العدالة، ويُفرغ عملية التقاضي من مضمونها الحقوقي ويقوّض جهود الإصلاح القضائي المطلوبة.

تشهد المحاكمات أمام دوائر الإرهاب انتهاكات جسيمة، بما في ذلك حرمان المتهمين من التواصل المباشر مع محامييهم، وعدم الأخذ بشكوى المتهمين من التعذيب و الاختفاء القسري،  والاعتماد بشكل حصري على "تحريات" الأمن الوطني لإصدار أحكامها، إضافة إلى تقييد الحضور العلني، وغياب الرقابة المستقلة من قبل الإعلام والمجتمع المدني. هذا النهج لا يعكس فقط تجاهلًا صارخًا للمعايير الدولية، بل يمثّل تقويضًا ممنهجًا لمفهوم سيادة القانون في مصر، ويكرّس مناخًا عامًا من الخوف والإفلات من المساءلة.

وإذ نعرب عن قلقنا العميق إزاء كثافة الإحالات لهذه الدوائر، فإننا نطالب السلطات المصرية بما يلي:

  1. ضمان حق جميع المتهمين في محاكمة عادلة ومستقلة وعلنية، وفقًا لما تنص عليه المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي صدّقت عليه مصر. والمادة 96 من الدستور المصري التي تنص على أن "المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية عادلة."

  2. الإفراج عن جميع المحتجزين على خلفية قضايا سياسية واحتساب فترات الحبس الاحتياطي السابقة لهم قبل المحاكمة، التزامًا بالمعايير الدولية التي تحظر استخدام الحبس الاحتياطي كعقوبة مقنّعة، ووفقًا لتوصيات الفريق الأممي العامل المعني بالاحتجاز التعسفي.

  3. وقف إحالة القضايا ذات الطابع السياسي إلى دوائر الإرهاب، بما يتماشى مع الحق في المحاكمة العادلة  المنصوص عليه في الدستور المصري (المادة 96)، وتوصيات اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بالأمم المتحدة.

  4. تمكين منظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام من مراقبة الجلسات، تعزيزًا لمبدأ الشفافية وامتثالًا للحق في المحاكمة العلنية، وفق المادة 14 (1) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

  5. الامتناع عن استخدام القضاء كأداة للعقاب السياسي، بما يتعارض مع مبدأ فصل السلطات المنصوص عليه في الدستور المصري (المادة 184)، ويمسّ بشكل مباشر ثقة المواطنين في النظام القضائي ويقوّض الأسس الديموقراطية.

 

المنظمات الموقعة: 

  1.  المنبر المصري لحقوق الإنسان 

  2. الجبهة المصرية لحقوق الإنسان

  3.  مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان

  4. مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان 

  5. المبادرة المصرية للحقوق الشخصية 

  6. مؤسسة حرية الفكر والتعبير

  7. إيجيبت وايد لحقوق الإنسان

  8. المفوضية المصرية للحقوق والحريات

  9. مركز النديم 

  10. مؤسسة دعم القانون والديمقراطية

  11. منظمة عنخ 



الكلمات المفتاحية