img
أبرز انتهاكات حقوق المتهمين/ات في القضية 1940 لسنة 2022 أمن دولة

نشرت مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان، اليوم تقريرًا حول: “أبرز انتهاكات حقوق المتهمين/ات في القضية 1940 لسنة 2022 أمن دولة”. يرصد هذا التقرير تعرض المتهمين/ات على ذمة القضية 1940 لسنة 2022، عقب القبض عليهم لانتهاكات حقوقية جسيمة على أيدي السلطات الأمنية والقضائية على رأسها الإخفاء القسري والتعذيب وتكرار قيام نيابة أمن الدولة حبسهم في قضايا جديدة بنفس الاتهامات التى سبق إخلاء سبيلهم منها.

خلفية

في أغسطس 2022، بدأت نيابة أمن الدولة العليا أول تحقيقاتها مع المتهمين على ذمة القضية 1940 لسنة 2022، والذين وصل عددهم إلى ما يقرب من 60 مواطنًا ومواطنة من بينهم موظفين عمومين وأطباء ومحامين ومدرسين ومن هم على المعاش أيضًا، وذلك على خلفية اتهامهم بالانضمام لجماعة إرهابية وارتكاب جريمة من جرائم تمويل الإرهاب وفقا لما زعمت تحريات قطاع الأمن الوطني. واستمرت نيابة أمن الدولة العليا في تجديد حبس المتهمين مرة كل 15 يومًا، حتى استنفذت سلطتها القانونية بعد خمسة أشهر، ثم انتقلت سلطة النظر في أمر مد حبس المتهمين إلى محكمة الجنايات المنعقدة في غرفة المشورة، وتحديدًا أمام دوائر الإرهاب بمركز التأهيل والإصلاح ببدر.

بعد مرور أكثر من عام على ظهورها، ما زالت القضية في مرحلة التحقيق الابتدائي. ومن المفترض أن أهمية هذه المرحلة تكمن في كونها مخصصة لجمع أدلة الإثبات، على أن تقدر هذه الأدلة وتوزن لبيان مدى ملائمتها في إثبات التهمة على المتهم حتى إذا ما طرحت على المحكمة تكون مرتكزة على أسس متينة من الواقع والقانون، حتى تتمكن المحكمة من إنزال صحيح القانون على تلك الوقائع.كما يحقق التحقيق الابتدائي التوازن بين حق الدولة في العقاب على الفعل الذي يخل بأمن المجتمع وبين الحق الدستوري للمتهم في التمتع بحريته الشخصية، وما يستلزم ذلك من ضمانات تمنع جهات التحقيق من التحكم في المساس بحرية المتهم.

"المتهم بريء حتى تثبت إدانته"، قاعدة قانونية تؤكد عليها المادة 96 من الدستور المصري، وهو ما يؤكد أن المتهمين طوال فترات التحقيق والمحاكمة وحتى اللحظة التي تسبق النطق بالحكم عليهم، لا يجب التعامل معهم بوصفهم مدانين، وبالتالي لا  يمكن أن يطبق عليهم أي شكل من أشكال العقوبات.بينما يتحمل المتهمين على ذمة القضية 1940 لسنة 2022 وأسرهم ضريبة الحبس الاحتياطي غير المشروط، والذي لا يستند إلى مبررات قانونية واضحة ودون أدلة يقينية. ما يجعل المتهم أقرب إلى محكوم عليه، دون إدانة قانونية. وهو ما يؤثر على حياته وعمله، وأسرته. 

وثقت مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان حالات 12 متهم على ذمة القضية 1940 لسنة 2022، وهم إما لهم وظائف ثابتة، أو لهم محال إقامة ثابتة ومعلومة ومتواجدون داخل مجتمعهم بشمال سيناء لسنوات طويلة ولم يلاحظ عليهم القيام بثمة أعمال مريبة تهدف لتعطيل الدستور والقانون كما زعمت التحريات. إلا أنه في نهاية الأمر،  تظل كل هذه المبررات غير كافية لجهات التحقيق الممثلة في نيابة أمن الدولة العليا، التي تصر على تجاهلها، فضلًا عن تجاهلها لقائمة الانتهاكات التي وقعت بحق المتهمين، وتستمر في تجديد حبسهم، دون إحالة للمحاكمة، ودون إطلاق سراحهم رغم عدم استكمال التحقيقات.

إعداد التقرير

لإصدار هذا التقرير، أجرت مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان عدد من المقابلات مع أسر ومحامين  12  مواطن من شمال سيناء، متهمين بالانضمام لجماعة الإخوان المسلمين  - المصنفة كجماعة إرهابية -  وارتكاب صورة من صور تمويل هذه الجماعة وفقًا لما جاء بتحريات قطاع الأمن الوطني بالقضية 1940 لسنة 2022 حصر أمن الدولة العليا. 

 يسلط  التقرير الضوء على القضية باعتبارها نموذج متكرر أمام نيابة أمن الدولة العليا. ولأن النيابة لا تسمح للمحامين بالحصول على نسخة من أوراق القضايا المشابهة، أو حتى الاطلاع عليها، .يحاول التقرير أن يضع أقوال المتهمين حسبما جاء على لسان محاميهم، في مواجهة التشريع المصري، بما في ذلك دستور 2014، وقانون الإجراءات الجنائية. ويعرض التقرير الطريقة التي تعاملت بها نيابة أمن الدولة العليا مع أقوالهم وشكواهم خلال التحقيق، حيث تغاضت النيابة عن أقوالهم التي صرحوا من خلالها عما تعرضوا له من انتهاكات، والتي لم تقم النيابة بالتحقيق في أي منها، حتى كتابة هذا التقرير.

أبرز انتهاكات حقوق المتهمين في القضية

أولًا: قبض ثم إخفاء قسري وتعذيب

 القبض إجراء يمس بحق أساسي وهو الحرية الشخصية، لذا حرص الدستور على تقرير هذا المبدأ وحمايته في مادته رقم 54، ووضع القانون ضوابط هذه الحماية بشكل مفصل.ليكون الأصل هو أن القبض إجراء من إجراءات التحقيق. وعليه" لا يجوز القبض على أي إنسان أو حبسه إلا بأمر من السلطات المختصة بذلك قانونا، سواء كان ذلك بأمر جهة التحقيق، أو بمعرفة مأمور الضبط القضائي في حالة التلبس فقط. وفي جميع الأحوال تجب معاملة المقبوض عليه بما يحفظ عليه كرامة الإنسان ولا يجوز إيذاؤه بدنيا أو معنويا. ويجب أن" يُبلغ فوراً كل من تقيد حريته بأسباب ذلك، ويُمكٌن من الاتصال بذويه و بمحاميه فورا، وأن يقدم إلى سلطة التحقيق خلال أربع وعشرين ساعة من وقت تقييد حريته.، على أن يكون لكل من تقيد حريته، ولغيره، حق التظلم أمام القضاء من ذلك الإجراء، والفصل فيه خلال أسبوع من ذلك الإجراء، وإلا وجب الإفراج عنه فورًا".

 تعرض عدد من المتهمين  على ذمة القضية 1940 لسنة 2022، حسب أقوالهم أمام النيابة إلى سلسلة من الانتهاكات، بداية من القبض عليهم دون إذن قضائي مسبب، مرورًا بإخفائهم قسريًا، ثم احتجازهم في مقار احتجاز غير قانونية، وخضوعهم للتحقيق واستجوابهم بشكل غير رسمي، ووصولًا إلى عرضهم على نيابة أمن الدولة بعد فوات المواعيد المقررة قانونا.

بدأت نيابة أمن الدولة تحقيقها لأول مرة مع وليد حسن مراد البصيلي ، موظف بالمعاش (63 عامًا) بتاريخ 11 ديسمبر 2022، حكى البصيلي كيف ألقي القبض عليه من مدينة العريش بشمال سيناء، ليختفي بعدها لما يقرب من 4 شهور، وأوضح أنه احتجز خلال هذه المدة، وتم التحقيق معه بشكل غير قانوني، بأكثر من مقر احتجاز غير رسمي بأكثر من محافظة، قبل ظهوره أمام النيابة.

فوجئت  يوم 14 أغسطس 2022 بقوات من الشرطة راحولي البيت وأنا مكنتش موجود ووقتها كنت عند بنتي وحوالي الساعة 12 صباحا ذهبت لقسم شرطة العريش لاستيضاح الأمر والكلام ده كان  يوم  15 أغسطس 2022، وفضلت قاعد بالقسم لحد الساعة 3 عصرا فوجئت إن الأمن الوطني جه خدني ظللت بالأمن الوطني حتى يوم 13 نوفمبر 2022 وخضعت هناك للتحقيق. سألوني هناك عن علاقتي بالاخوان وأنكرت أي صلة أو علاقة ليا بيهم وبعد كده نقلوني لقسم شرطة ثان العريش وفضلت هناك لغاية 3 ديسمبر 2022  وبعد كده نقلوني إلى مقر قوات الأمن بالإسماعيلية وبعد كده جابوني للتحقيق في نيابة أمن الدولة في القاهرة النهاردة 11 ديسمبر 2022.

 

للتعذيب صور متعددة، منها ما يعتبر إكراها ماديا ومنها ما يعتبر إكراها معنويا والجامع هو تحقق الألم والمعاناة البدنية أو النفسية أو العقلية التي تصيب المتهم من جراء استخدام إحدى  وسائل التعذيب، ومنها الاحتجاز في مقرات غير قانونية وغير خاضعة لإشراف السلطات المختصة. والتعذيب بكل صوره وأشكاله جريمة لا تسقط بالتقادم، حسب المادة 52 من الدستور، إلا أن النص الدستوري لم يحمي محمد دسوقي العبد دسوقي (موظف بشركة المياه)، حيث حكى للمُحقق بنيابة أمن الدولة عند عرضه عليه، أنه تعرض للإخفاء القسري لفترة تناهز أربعة أشهر، تعرض خلالها لتعذيب بدني. قال الدسوقي أنه فوجئ يوم 19 سبتمبر 2022 بقوات الأمن تقتحم منزله بمدينة العريش، حيث ألقي  القبض عليه بعد تفتيش منزله دون أن تظهر له القوة القائمة بالقبض عليه، إذن ضبط أو تفتيش. ثم تحفظت على جميع الهواتف المحمولة الموجودة بالمنزل. أضاف الدسوقي أثناء التحقيق معه أنه بعد القبض عليه تم اصطحابه إلى مقر الأمن الوطني بالعريش، حيث تم التعدي عليه وتجريده من ملابسه وتقييده من يديه بقيود حديدية، قبل إرساله إلى "السجن المركزي"، وذلك حتى مثوله أمام النيابة عند التحقيق معه بتاريخ 5 ديسمبر 2022.

حدد قانون تنظيم السجون على سبيل الحصر مقرات الاحتجاز القانونية والخاضعة للإشراف القضائي، ورغم أنه لم يرد من بينها مقرات الأمن الوطني فضلا عن أنه لا يوجد أي قرار منشور بالجريدة الرسمية يفيد بتخصيص إحداها كمقر احتجاز، وعليه لا تخضع مقرات الأمن الوطني للرقابة القضائية. ورغم تشابه أقوال أعداد كبيرة من المتهمين على ذمة قضايا مختلفة، والتي تفيد باحتجازهم لفترات متفاوتة بمقرات الأمن الوطني بمحافظات مختلفة، لم تتحرك أي من جهات التحقيق، ولم تلتفت لأي من  من أقوال المتهمين فيما يخص تعرضهم للإخفاء القسري، واحتجازهم في مقرات غير قانونية وكذا تعرضهم للإيذاء البدني والنفسي، ولم يخطر ببال أي من القائمين على التحقيق، أن يأخذوا في حسبانهم احتمالية بطلان ادعاءات الجهات القائمة على الضبط.

ثانياً: تدوير

تضم القضية 1940 لسنة 2022، عددًا من المتهمين الذين تم التحقيق معهم وحبسهم على ذمة القضية، مباشرة بعد صدور قرارات بإخلاء سبيلهم لاتهامهم باتهامات مشابهة على ذمة قضايا أخرى، بمعنى آخر، تعرض عدد من المتهمين في القضية لممارسة "التدوير". حيث امتنعت وزارة الداخلية من تنفيذ قرارات قضائية تقضي بإخلاء سبيل عدد من منهم، وأبقت عليهم محتجزين بمخالفة القانون قيل أن يعود قطاع الأمن الوطني بعرضهم من جديد على نيابة أمن الدولة العليا، والتي قررت حبسهم احتياطًا على ذمة القضية.

قال محمد سلامه زريق  للنيابة أنه تم إلقاء القبض عليه بتاريخ 27 يوليو 2022 وظل محتجزا بالأمن الوطني، حتى تم عرضه في سبتمبر 2022 على نيابة العريش ليصدر بعد ذلك  قرار من المحكمة بإخلاء سبيله  في 26 سبتمبر 2022 بكفالة خمسة آلاف جنيه. أوضح زريق أنه رغم دفع الكفالة لم يتم تنفيذ قرار المحكمة، وظل محتجزًا بشكل غير قانوني حتى عرض على نيابة أمن الدولة العليا بتاريخ 15 مارس 2023، والتي أمرت بحبسه احتياطيًا على ذمة القضية 1940 لسنة 2022.  وهو نفس الأمر الذي حدث مع إبراهيم عبد الحليم محمد،  والذي قال بالتحقيقات أنه قبض عليه بتاريخ 3 أغسطس 2022 وظل محتجزا بالأمن الوطني حتى تم عرضه في سبتمبر 2022 على نيابة العريش، ثم صدر قرار المحكمة بإخلاء سبيله في 26 سبتمبر 2022 بكفالة خمسة آلاف جنيه ولم يتم تنفيذ قرار المحكمة بشكل حقيقي واحتجز بشكل غير قانوني حتى عرض على نيابة أمن الدولة العليا بتاريخ 15 مارس  2023 .

بالنظر إلى حالة كل من محمد سلامة زريق، وإبراهيم عبد الحليم محمد، لا يمكن القول سوى أن هناك تجاهل واضح لقرارات القضاء، وعدم تنفيذها بشكل حقيقي مما يفقدها حجيتها من الناحية القانونية ويبرهن على أننا أمام حالة اعتقال تعسفي بعيدا عن الحبس الإحتياطي الذي نص عليه القانون أنه وحال حبس المتهمين على ذمة القضية الأولى كان سبب القبض عليهم وجود إذن من النيابة العامة مبني على تحريات للأمن الوطني، وجاء قرار المحكمة بإخلاء سبيلهم لعدم اطمئنان المحكمة لتلك التحريات، فتقوم السلطة  بحبسهم مرة أخرى استنادا على تحريات مشابهة ولكن على ذمة قضية جديدة برقم جديد أمام نيابة أخرى، يصبح السؤال هنا، لأي تحريات نطمئن؟ ولماذا كل هذا التعنت؟

ثالثاً: حبس احتياطي دون مبرر

ينظم القانون أحكام الحبس الاحتياطى، ومدته، وأسبابه، ونصت الفقرة الثانية من المادة 134 من قانون الإجراءات الجنائية على شروط محددة.على سبيل الحصر حتى يصدر أمر الحبس الاحتياطي على نحو يصادف صحيح القانون وهم إذا كانت الجريمة في حالة تلبس، ويجب تنفيذ الحكم فيها فور صدوره، أو في حال الخشية من هروب المتهم، أو خشية الإضرار بمصلحة التحقيق أو بالمجني عليهم أو الشهود أو العبث بالأدلة والقرائن المادية، توقي الإخلال الجسيم بالأمن والنظام العام أو لعدم وجود محل إقامة ثابت ومعروف في مصر.

مازال وليد البصيلي البالغ من العمر 63 عامًا، محبوسًا احتياطيًا، على ذمة القضية 1940 لسنة 2022، وخلال فترة حبسه المستمرة منذ ما يزيد عن عام كامل، استمرت شكواه من صعوبة الرؤية، ووافقت نيابة أمن الدولة على الطلب الذي قدمه محامي البصيلي بعرضه على استشاري رمد في يناير 2023، بينما تم تنفيذ الطلب بالفعل بعدها بشهرين كاملين في مارس 2023، ثم تم تشخيص حالته بعدها بشهر آخر ليعرف أنه مصاب بالمياه البيضاء وانفصال بالشبكية في أبريل 2023، وأخيرًا،  تم تمكينه من إجراء العملية الجراحية اللازمة لحالته في 7 يونيو 2023، أجرى البصيلي العملية الجراحية في عينه بعد خمسة أشهر من الموافقة على طلب عرضه على الطبيب، وهو ما تلاه عدد آخر من الإجراءات والطلبات، ورغم وضعه الصحي، استمر تجديد حبسه احتياطيًا دون وجود سبب حقيقي يستلزم تقييد حريته أثناء مرضه.

خسر مصطفى عبد الرحمن رفاعي والذي يمتهن المحاماة، ما يقرب من نصف وزنه بعد ما يقرب من 9 أشهر من الاختفاء القسري، إلى جانب ما يزيد عن عام من الحبس الاحتياطي، وعلمت أسرته أنه انتقل إلى المستشفى مرتين إثر إصابته بذبحة صدرية. رفاعي سبق وأجرى عملية قسطرة على قلبه قبل إلقاء القبض عليه بعام ونصف، والآن لا يستطيع الحصول على الأدوية التي اعتادها بسبب كونها مستوردة، حيث تصادرها إدارة سجن القناطر المودع به، في كل مرة تستطيع أسرته زيارته، من ناحية أخرى لا تتمكن أسرته المستقرة بشمال سيناء، زيارته بسجنه بالقاهرة الكبرى بانتظام، بسبب طول المسافة.

المفترض أن الهدف من الحبس الاحتياطي هو ضمان سلامة التحقيق الذي استمر منذ فترة زمنية  سمحت للسلطات المختصة بإجراء تحقيقاتها وجمع أدلتها، ويذكر أنه خلال تلك الفترة لم يتم تقديم أي أدلة جديدة ضد أي من المتهمين، بينما مازال حبسهم احتياطيًا مستمرًا. 

لم يتم القبض على أي من المتهمين على ذمة القضية 1940 لسنة 2022 متلبسا بثمة جريمة معاقب عليها قانونا. ومن ناحية أخرى، لا يتمتع أي من المتهمين بأي نفوذ أو سلطة تمكنهم من العبث بالأدلة أو التحقيقات التي هي في حوزة النيابة العامة، وهي الأمينة على الدعوى العمومية، ولا يملك المتهمون التأثير على الشهود في القضية، والذين هم ضباط قطاع الأمن الوطني الذين يقومون بتحرير محاضر التحريات وجمع المعلومات عن المتهمين، والتي لا ترقى لأن تكون أدلة إدانة يعتد بها وحدها في حالة الإحالة للمحاكمة، ولابد معا من أدلة أخرى تعززها حتى يصح بها إسناد الاتهام للمتهم. وعليه لن يكون من المنطقي استمرار حبس المتهمين احتياطيًا بدعوى خشية العبث بالأدلة، في الوقت الذي لم يعرض على المتهمين أية قرائن مادية تؤكد الاتهامات المنسوبة إليهم، تفيد بانضمامهم لأي جماعة وانخراطهم في هيكلها التنظيمي أو مشاركة أي منهم في عمل من أعمالها.

خاتمة وتوصيات

أكد  المشرع على ضرورة حياد المحقق في مرحلة التحقيق الابتدائي، وأهمية  أن يكون متجردا من أية مؤثرات أو أهواء، فلا يكون مندفعا نحو الإدانة بغير دليل. وحياد المحقق يفرض عليه ألا يكون طرفا من أطراف القضية، فإذا كان طرفا القضية هما الإتهام والدفاع، فيتعين على المحقق أن يقف على مسافة واحدة من هذين الطرفين. وهو الأمر الذي لن يتحقق دون الفصل بين سلطتي الاتهام والتحقيق.

ما جرى مع المتهمين من انتهاكات، يثير الكثير من الأسئلة حول حيادية جهة التحقيق في القضية 1940 بسنة 2022،  ورغم إمكانية القول بأن المخالفات جائزة الحدوث من الجهة القائمة على الضبط ، إلا أنه يظل من غير المتصور أن تغض النيابة النظر عنها،في ظل ما تعلن عنه السلطات المصرية من احترامها الكامل للدستور والقانون، وأنه يجري محاكمة المتهمين وفقا لضمانات المحاكمة القانونية العادلة التي نصت عليها المعاهدات والمواثيق الدولية. بينما تجاهلت النيابة  أقوال المتهمين في القضية حول  تعرضهم للإخفاء القسري، والتعذيب لإجبارهم على الاعتراف بوقائع لم يرتكبوها.
وعليه تطالب مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان النيابة العامة بالآتي:

أولًا: إخلاء سبيل كافة المتهمين على ذمة القضية، والذين لم تتم مواجهتهم حتى الآن بأي دليل يستدعي استكمال التحقيقات بعد مرور ما يزيد عن العام على التحقيق معهم، ناهيك عن عدم وجود مبررات حقيقية تستدعي حبسهم احتياطيًا وفقًا للقانون.

ثانياً: مراجعة أقوال المتهمين في القضية 1940 لسنة 2022، بهدف التحقيق فيما قدموه من إفادات حول وقائع التعدي عليهم، والتي حسب القانون تعتبر جرائم لا تسقط بالتقادم، تستوجب التحقيق مع المسئولين عنها، مثل القبض دون مسوغ قانوني، إلى جانب الإخفاء القسري والاحتجاز بمقرات احتجاز غير قانونية، والتعذيب.

ثالثاً: على النيابة العمل مع أعضائها على تفعيل نص المادة 42 من قانون الإجراءات الجنائية، والتحرك بشكل جاد لزيارة السجون العامة والمركزية الموجودة في دوائر اختصاصها وذلك لمراقبة أوضاع المحتجزين، والتأكد من عدم وجود محتجزين بصفة غير قانونية.

 



الكلمات المفتاحية