بيان صحفي: لجنة الطفل بالأمم المتحدة تنصف أطفال سيناء، وتدعو مصر لإتاحة وصول المنظمات الدولية إلى شمال سيناء
لندن ـ 11 يونيو 2024
قالت مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان اليوم إن الملاحظات الختامية والتوصيات التي أصدرتها لجنة حقوق الطفل التابعة للأمم المتحدة في 30 مايو الماضي ضمن أعمال دورتها السادسة والتسعين، تعقيبًا على مناقشة مصر تقريريها الخامس والسادس حول مدى التزامها بتنفيذ اتفاقية حقوق الطفل، في جلستين منفصلتين عقدتا يومي 13 و14 مايو الماضي في جنيف، يعد خطوة هامة في الطريق الصحيح نحو توثيق ومحاسبة الانتهاكات التي تقع في شمال سيناء منذ سنوات بلا رادع.
وكانت مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان قد قدمت الى اللجنة تقريرين منفصلين في يوليو 2023 وأبريل 2024 يوثقان إخفاق السلطات المصرية في تنفيذ عدد من مواد اتفاقية حقوق الطفل والبروتوكول الاختياري للاتفاقية المتعلق بإشراك الأطفال في النزاعات المسلحة. كما نشرت مؤسسة سيناء أيضا في أبريل 2024 تقريرا حول الهجمات ضد الحق في التعليم في شمال سيناء خلال العقد المنصرم، قدم التقرير أدلة دامغة حول تورط القوات الحكومية المصرية في إستخدام 49 منشأة تعليمية لأغراض عسكرية وتدمير 73 منشأة أخرى دون مبرر قانوني. وثقت مؤسسة سيناء أيضا بشكل دامغ في تقرير صدر في أغسطس 2023 استخدام الجنود الأطفال ضمن صفوف المليشيات القبلية المسلحة الداعمة للجيش في شمال سيناء في حربها ضد عناصر تنظيم "ولاية سيناء" التابع لداعش، ما ترتب عليه قيام الحكومة الأمريكية بإدراج نظيرتها المصرية لأول مرة في قائمة الحكومات التي تستخدم الجنود الأطفال في العمليات العسكرية في التقرير السنوي للاتجار بالبشر الصادر في 15 سبتمبر 2023 عن الحكومة الأمريكية.
قال أحمد سالم، المدير التنفيذي لمؤسسة سيناء لحقوق الإنسان:
نبغي على السلطات المصرية أن ترى في ملاحظات وتوصيات الأمم المتحدة فرصة لتصحيح المسار بشكل جاد، من أجل حماية أطفال سيناء وتعزيز فرصهم في التعليم واللعب والتطلع نحو مستقبل أفضل، بما يشمل معاقبة كل من سهل أو تواطئ في تجنيد الأطفال في معارك عسكرية، وكذلك إجراء تحقيقات شفافة ومستقلة في مسألة استخدام المدارس لأغراض عسكرية أو تدميرها.
جاء الاستعراض الدوري للجنة حقوق الطفل التابعة للأمم المتحدة لملف مصر، ضمن أعمال دورتها السادسة والتسعين، والتي شاركت فيها مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان بتقريرين حول الانتهاكات التي طالت حق أطفال شمال سيناء في التعليم وكذلك تجنيد الأطفال، تضمنا أدلة واضحة على تفشي انتهاكات ممنهجة برعاية السلطات المصرية. وثقت مؤسسة سيناء قيام السلطات المصرية بمخالفات واضحة لاتفاقية حقوق الطفل والقانون الدولي الإنساني.
حدد "مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة" تجنيد الأطفال أنه واحد من ستة انتهاكات خطيرة ضد الأطفال في أوقات الحرب. يحظر القانون الدولي لحقوق الإنسان تجنيد أو استخدام الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 18 عام، ويعتبر استخدام الأطفال دون 15 عاما جريمة حرب يُساءل القائمين عليها دوليا.
حدد القانون المصري سن ثمانية عشر عامًا كحد أدنى للتجنيد الإجباري في القوات المسلحة، وذلك التزاماً بالمادة 3 (2) من البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل فيما يتعلق باشتراك الأطفال في النزاعات المسلحة، وهي الاتفاقية التي صادقت عليها مصر عام 2002. وعلى الرغم من أن ذلك التجنيد محظور وفق نص القانون 127 لسنة 1980 بشأن الخدمة العسكرية والوطنية في مصر، والذي ينص على أن سن التجنيد الإجباري يبدأ بعد إتمام الثامنة عشر. ومع ذلك، قامت العديد من الميليشيات المسلحة القبلية في شمال سيناء باستخدام الجنود الأطفال في العمليات القتالية واللوجستية تحت إشراف وتشجيع ودعم رسمي من قبل قوات الجيش المصرية.
وعلى صعيد التجنيد الطوعي، وبالرغم من إصدار مصر إعلانًا في 6 فبراير 2007 ينص على أن أقل سن للتجنيد الطوعي هو 16 عامًا، إلا أن القوات المسلحة المصرية خالفت هذا الإعلان وظلت تعلن رسميًا في الأعوام 2017 و2020 و2021 و2023 أن الحد الأدنى لسن التجنيد الطوعي هو 15 عامًا.
وتبنت اللجنة الأممية في توصياتها العديد من النقاط التي أوردتها مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان في تقاريرها المقدمة إلى اللجنة أو التي نشرتها خلال العامين الماضيين. قدمت هذه التقارير أدلة دامغة على الانتهاكات بناء على مقابلات مع السكان المحليين وزيارات ميدانية لقرى سيناء وصور الأقمار الصناعية ووثائق حكومية مسربة أو مفتوحة المصدر و مواد مصورة من الأرض، نشرتها لاحقا في قواعد بيانات مفتوحة المصدر، لتوفير قدر من المعرفة والمعلومات لصناع القرار وأصحاب المصلحة والباحثين والصحفيين.
وقد أعرب خبراء لجنة حقوق الطفل بالأمم المتحدة عن قلقهم البالغ إزاء التقارير التي تتحدث عن الاستخدام العسكري للمدارس، وكذا الهجمات على المدارس، و تجنيد واستخدام الأطفال من قبل الجماعات المسلحة غير التابعة للدولة في شمال سيناء. وقدمت اللجنة هذه التوصيات إلى الحكومة المصرية وحثتها على الالتزام بها:
أولا: منع تجنيد الأطفال واستخدامهم في الأعمال العدائية من قبل الجماعات المسلحة غير التابعة للدولة، وكشف واستئصال ما يتم الإبلاغ عنه باستمرار من تجنيد واستخدام الأطفال في الأعمال العدائية في شمال سيناء، وضمان الإفراج الفوري عن الأطفال الضحايا ونزع سلاحهم وإعادة تأهيلهم وإعادة إدماجهم. وتجنيدهم ولم شملهم مع عائلاتهم.
ثانيا: حظر انضمام الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 18 عاماً إلى القوات المسلحة والنظر في رفع الحد الأدنى لسن التجنيد الطوعي في القوات المسلحة إلى 18 عاماً.
ثالثا: ضمان عدم استخدام المدارس في شمال سيناء كقواعد عسكرية، وتوفير حقوق الأطفال في شمال سيناء، بما في ذلك الحق في التعليم، من خلال إصلاح وإعادة بناء المدارس التي تضررت أو دمرت أثناء أعمال العنف المسلح، والنظر في المصادقة على "إعلان المدارس الآمنة".
رابعا: إتاحة الوصول إلى مؤسسات الرصد، بما في ذلك الدولية، إلى أراضي شمال سيناء، وإجراء تحقيقات وملاحقات قضائية بشأن تجنيد الأطفال واستخدامهم، وكذلك في مزاعم التعذيب والاختفاء القسري للأطفال في شمال سيناء.
ترحب مؤسسة سيناء بتوصيات لجنة حقوق الطفل في الأمم المتحدة الموجهة إلى الحكومة المصرية، وتعتبرها إقرار أممي غير مسبوق، بوقوع انتهاكات ممنهجة ضد المدنيين في سيناء خلال النزاع المسلح بين عامي 2013 و 2023، لطالما سعت السلطات المصرية لنفي وقوعها من الأساس للتنصل من مسؤولياتها، وهو ما اتضح بشكل جلي في التقرير الحكومي المصري الذي قدمته مصر في فبراير الماضي للرد على قائمة المسائل التي طرحها خبراء اللجنة في سبتمبر 2023، وكذلك في ردود أعضاء الوفد المصري أثناء مناقشة ملف مصر في الجلسة الرئيسية التي عقدت في جنيف الشهر الماضي.
تطالب مؤسسة سيناء الحكومة المصرية بالاستجابة العاجلة لتوصيات لجنة حقوق الطفل وفي مقدمتها السماح لمنظمات حقوق الإنسان والمنظمات الدولية ذات الصلة بزيارة شمال سيناء وتمكينها من إجراء تحقيقات مستقلة حول الانتهاكات التي وقعت خلال العقد المنصرم.