تقرير حقوقي مشترك حول تفاقم أزمة حقوق الإنسان في السنوات الخمس الأخيرة.. 13 منظمة تقدم توصياتها للحكومة المصرية قبيل مناقشة سجلها الحقوقي أمام الأمم المتحدة
في 17 ديسمبر 2024، نشرت 13 منظمة حقوقية مصرية تقريرًا مشتركًا حول تفاقم أزمة حقوق الإنسان في مصر خلال السنوات الخمس الماضية. التقرير أقر بتصاعد حدة الانتهاكات الحقوقية وفق استراتيجية ممنهجة، تتشارك فيها كافة مؤسسات الدولة، مما أدى لمزيد من الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تواصل العصف بالمصريين.
استعرض التقرير آليات تجريم السلطات للحقوق المتعلقة بمباشرة العمل السياسي، مسلطًا الضوء بشكل خاص على أحداث الانتخابات الرئاسية 2024، واستهداف منافسي الرئيس السيسي ومؤيديهم. كما فند التقرير مؤشرات تصاعد حدة الانتهاكات في الفترة من نوفمبر 2019 وحتى منتصف العام الجاري، مركزًا بشكل خاص على الانتهاكات المتعلقة بالحق في؛ الحياة ومكافحة الإعدام، الحماية من التعذيب والإخفاء القسري، التجمع السلمي والتنظيم. فضلاً عن حقوق النساء ومكافحة العنف ضد المرأة، والحقوق والحريات الانسانية، وأوضاع حقوق الإنسان في سيناء. بالإضافة إلى أوضاع أماكن الاحتجاز، والانتهاكات بحق اللاجئين، والإخلاء القسري للسكان، و قمع النشطاء المصريين بالخارج.
كما سلط التقرير الضوء على خواء المبادرات الحكومية التي تدعي معالجة الوضع الحقوقي، بينما تستهدف فقط تبييض سجل السلطات المصرية أمام المجتمع الدولي. وحذر التقرير من تدابير نشطة تتخذها الحكومة المصرية مؤخرًا لإضفاء الشرعية على الممارسات والانتهاكات المستمرة طوال العقد الماضي، ومحاولة ترسيخها وتقنينها، مما يبرهن على عدم وجود أي نية لتغييرها أو إصلاحها.
قدم التقرير مجموعة من التوصيات التي اعتبر تنفيذها بمثابة خطوات أولى لمعالجة أزمة حقوق الإنسان في مصر، بداية من التعليق الفوري لعقوبة الإعدام تمهيدًا لإلغائها ووقف تنفيذها فورًا، مرورًا بعدة توصيات تتعلق بمنع الاحتجاز التعسفي وتحسين أوضاع السجون، وصولاً إلى توصيات بتعديلات تشريعية تضمن الحماية من توظيف ترسانة القوانين القمعية للانتقام من المعارضين والزج بهم في السجون ومحاكمتهم بتهم مختلقة. إذ تعتبر مصر الآن الدولة ذات أكبر عدد من السجناء السياسيين بالمنطقة.
المنظمات طالبت الحكومة بإطلاق سراح عشرات الآلاف من سجناء الرأي، ووضع حد لممارسات التعذيب والإخفاء القسري الممنهجة ومحاسبة المتورطين فيها. والسماح للمنظمات الحقوقية المستقلة واللجنة الدولية للصليب الأحمر بتفقد أوضاع السجون. كما طالبت بالتوقف عن ممارسة "إعادة تدوير" المحتجزين على ذمة قضايا جديدة لتمديد فترات احتجازهم، ووضع حد لتوظيف جرائم الإرهاب لاحتجاز المعارضين تعسفيًا بتهم مكررة وبلا أدلة.
أما على مستوى التشريعات؛ فقد أوصى التقرير بإلغاء قوانين مكافحة الإرهاب وقرارات تشكيل المحاكم الاستثنائية والمواد القانونية التي تبيح محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية. فضلاً عن موائمة التشريعات الأخرى، بما في ذلك قانون العقوبات وقوانين الطوارئ، مع المعايير الدولية ذات الصلة. كما شددت التوصيات على ضرورة إلغاء قانون العمل الأهلي رقم 149 لسنة 2019، الذي يصادر استقلال المجتمع المدني. وتعديل القوانين المنظمة للصحافة والاتصالات، وقانون الجرائم الإلكترونية بما يتماشى مع المعايير الدولية. هذا بالإضافة إلى توصية التقرير بإصدار تشريعات تجرم العنف الأسري، وقانون جديد للأحوال الشخصية وفقا للمعايير الدولية بالتشاور مع المنظمات الحقوقية المستقلة، وتشكيل لجنة مستقلة لمكافحة التمييز بين الجنسين، وإصدار قانون موحد لبناء دور العبادة.
كما تطرقت التوصيات لضرورة الامتناع عن اضطهاد الأقليات الدينية والعرقية، ووقف التحريض ضد مجتمع الميم عين. وضمان نزاهة وحرية العملية الانتخابية، بما في ذلك الانتخابات البرلمانية المقررة في وقت لاحق من عام 2025.
جدير بالذكر أن المنظمات قدمت نسخة من هذا التقرير للأمم المتحدة في يوليو الماضي، في إطار الإعداد للدورة الرابعة من الاستعراض الدوري الشامل للملف الحقوقي المصري أمام الأمم المتحدة، والمقرر عقدها في يناير/كانون الثاني 2025.
أعد التقرير: مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، جمعية عنخ، المنبر المصري لحقوق الإنسان، لجنة العدالة، المفوضية المصرية للحقوق والحريات، مركز النديم، الجبهة المصرية لحقوق الإنسان، مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان، منصة اللاجئين في مصر، ايجيبت وايد، مؤسسة دعم القانون والديمقراطية، إلى جانب منظمتين فضلتا عدم ذكر اسميهما خوفًا من الأعمال الانتقامية.