img
منظمات حقوق الإنسان المصرية تدين تصريحات الرئيس الأمريكي بشأن تهجير الفلسطينيين من غزة
30 يناير 2025

​​​​​​​قالت سبع منظمات حقوقية مصرية اليوم   إن تصريحات الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، التي أدلى بها يوم السبت، 26 يناير 2025، والتي اقترح فيها نقل أكثر من مليون فلسطيني من قطاع غزة إلى دول  أخرى بما في ذلك مصر والأردن، هي تصريحات خطيرة تنافي القوانين الدولية، و بمثابة تحريض على التطهير العرقي وجرائم الحرب، وتكرس من كون الولايات المتحدة شريك في الجرائم الإسرائيلية في حربها في غزة.

تأتي هذه التصريحات بعد مرور أكثر من 15 شهرًا من حرب الإبادة الجماعية التي تشنها  إسرائيل على قطاع غزة، والتي أسفرت عن مقتل وإصابة عشرات الآلاف من المدنيين، جُلهم من النساء والأطفال، وتدمير البنية التحتية للقطاع بشكل شبه كامل. وبدلًا من أن تتركز الجهود الدولية على إعادة الإعمار، وتقديم الإغاثة العاجلة للمدنيين الذين يعانون من الجوع والتشريد وانهيار الخدمات الأساسية، يدعو الرئيس الأمريكي إلى مضاعفة معاناتهم عبر تهجيرهم قسرًا من أرضهم، وإهدار حقوق الفلسطينيين في تقرير المصير وإنشاء دولتهم،  وهي الحقوق التي  تكفلها المواثيق الدولية وقرارات الأمم المتحدة.

وعقب تصريحات ترامب، سارع بعض المسؤولين الإسرائيليين إلى الترحيب بها، كاشفين عن رغبة الحكومة الإسرائيلية الحالية، أو على الأقل جزء كبير منها، في استمرار عمليات التطهير العرقي وجرائم الحرب التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي بلا رادع على مدار أشهر.

إن الدعوة إلى تهجير سكان غزة تتعارض مع المبادئ الأساسية للقانون الدولي، بما في ذلك اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، التي تحظر النقل القسري الجماعي أو الفردي للأشخاص من مناطق سكناهم إلا في حالات استثنائية ولصالحهم. كما أن هذا المقترح يتنافى مع قرارات الأمم المتحدة التي تؤكد على حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم. أكدت قرارات الأمم المتحدة موقفا ثابتا من القضية الفلسطينية، الداعي إلى حل الدولتين على أساس حدود 1967، مع ضمان حقوق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم وإقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية. كما شددت قرارات الجمعية العامة ومجلس الأمن على عدم قانونية أي تغييرات ديموغرافية قسرية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وعلى رأسها القرار 194، الذي يكفل حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم وتعويضهم عن الأضرار التي لحقت بهم.

قالت المنظمات الموقعة على البيان إن أي ترحيل لسكان غزة لن يكون فقط مجرد استمرار لجرائم الاحتلال الإسرائيلي المستمرة منذ ٧٥ عاما، وإنما واحدة من أكبر جرائم التطهير العرقي في العالم أجمع منذ الحرب العالمية الثانية. 

إن تهجير الفلسطينيين من غزة سيؤدي إلى كارثة إنسانية وحقوقية واسعة النطاق، إذ يعني اقتلاع مئات الآلاف من الأفراد من جذورهم، وتدمير نسيجهم الاجتماعي والاقتصادي، وتعريضهم للعيش في ظروف قاسية دون ضمانات للعودة.، والإجبار  على العيش في أوضاع غير مستقرة أيا كان المكان الذي ينتهون إليه، وبالتأكيد ستكون لتلك المخططات آثارا بالغة الخطورة على مستقبل السلام في المنطقة بأسرها، وعلى السلم والامن الدوليين. إن الخِفة التي تُطلق بها تلك التصريحات من المتطرفين داخل إسرائيل أو من زعماء غربيين تنم، ليس فقط عن انعدام الأخلاق وتجاهل القوانين الدولية، وإنما عن جهل شديد بتاريخ هذا الصراع القائم في الأساس بسبب أطول احتلال استيطاني في العصر الحديث، القائم على نظام فصل عنصري وآلة حرب إجرامية، وعن عدم اكتراث بمستقبل الملايين من البشر داخل وخارج منطقة الشرق الأوسط. 

تؤكد المنظمات الحقوقية الموقعة على هذا البيان أن مسؤولية مصر، ودورها التاريخي في الصراع العربي الإسرائيلي واتساقا مع موقفها الحالي، يحتم على السلطات المصرية العمل على ضمان حرية التعبير والتضامن مع الشعب الفلسطيني. وتشدد المنظمات على أهمية إسقاط جميع الاتهامات الموجهة ضد النشطاء المتضامنين مع القضية الفلسطينية خلال الشهور الماضية، وإخلاء سبيل المحبوسين منهم على خلفية مواقفهم أو أنشطتهم التضامنية. 

على مدى العقود السبعة الماضية، تعرض الفلسطينيون لعمليات تهجير قسري متكررة، بدءًا من نكبة 1948 التي شهدت طرد أكثر من 750,000 فلسطيني من أراضيهم، مرورًا بنزوح 1967 الذي أجبر مئات الآلاف على مغادرة منازلهم، وصولًا إلى التهجير القسري المستمر في الضفة الغربية والقدس. كل هذه التهجيرات تمت تحت ذرائع مختلفة، أبرزها أنها ستكون "مؤقتة"، ولكن الواقع أثبت عكس ذلك، حيث لم يتمكن معظم اللاجئين الفلسطينيين من العودة إلى وطنهم حتى اليوم.

 تؤكد المنظمات الموقعة على هذا البيان على ضرورة أن تقود دول الجوار، وخاصة مصر والأردن، وباقي الدول العربية، التصدي الحازم لتلك المخططات الإجرامية، كما تدعو كافة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة لاتخاذ موقف قاطع وحاسم لرفض تصريحات ترامب وما ينطوي عليها من مقترحات تتجاهل القوانين الدولية، وتهدد استقرار المنطقة، وتقوض مفاهيم القانون وحقوق الإنسان، التي تآكلت بالفعل عالميا بسبب المعايير المزدوجة للولايات المتحدة ودول أخرى كبرى في دعمها العسكري والدبلوماسي للإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين، التي شهدها العالم على مدار شهور على الشاشات وفي وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة بالمقارنة بمواقف تلك الدول ضد جرائم الحرب الروسية في أوكرانيا. إن أي قرارات من هذا القبيل ستكون لها آثار وخيمة على الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي، إذ يشاهد العالم إنفاذ شريعة الغاب بالسلاح والابتزاز اللا أخلاقي، بدلا من حماية القوانين والحقوق. وإذا كانت أكبر دولة في العالم تدعم ذلك المنطق، فإن هذا يفتح أبوابا من الويلات وشرور لا يُغلق.  

في هذا السياق، تطالب المنظمات الموقعة الحكومة المصرية بضرورة العمل على ضمان الوصول العاجل للمساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، وبدء جهود إعادة الإعمار بشكل فوري لتعزيز صمود الشعب الفلسطيني على أرضه. كما تشدد المنظمات على أهمية إعفاء مواد إعادة الإعمار من أي رسوم، بما يضمن تدفق الدعم الإنساني دون عوائق، مما يسهم في تعزيز قدرة الفلسطينيين على مواجهة تداعيات الحرب ورفض مخططات التهجير القسري التي تهدف إلى اقتلاعهم من وطنهم.

إن النمط المتكرر لعدم التزام السلطات الإسرائيلية وبعض الحكومات الغربية التي تقدم الدعم غير المشروط لها، بالوعود والمواثيق الدولية الممنوحة للفلسطينيين، سواء فيما يتعلق بحق العودة أو بوقف الانتهاكات بحقهم، يعكس سياسة مستمرة من التجاهل والإنكار للحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني. هذا النهج لا يهدد فقط حقوق المتضررين المباشرين، بل يساهم أيضًا في تقويض الاستقرار الإقليمي، وتعزيز الشعور العام بالإفلات من العقاب في كافة أرجاء العالم.

الموقعون: 

1- مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان

2- مؤسسة حرية الفكر والتعبير

3- المبادرة المصرية للحقوق الشخصية

4- مركز النديم

5- الجبهة المصرية لحقوق الإنسان

6- منصة اللاجئين في مصر 

7- إيجيبت وايد لحقوق الإنسان



الكلمات المفتاحية