img
داعش يذبح قبطيين اثنين في جلبانة غربي سيناء، جريمة جديدة في سجل متخم بالاضطهاد الديني للأقليات
05 سبتمبر 2022

التقرير متوفر بـEnglish


​​​​​​​لندن - 5 سبتمبر 2022
قالت مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان اليوم أن معلومات ومقابلات وكذلك مقاطع فيديو حصلت عليها بشكل حصري تؤكد أن مُسلّحين ينتمون لتنظيم "ولاية سيناء" التابع لداعش على الأرجح قد قاموا بذبح رجل مسن ونجله يوم الإثنين الموافق 29 أغسطس 2022 في منطقة جلبانة غربي سيناء على خلفية اعتناقهما للديانة المسيحية.

في واقعة اضطهاد ديني جديدة تمثل استمراراً لنمط الانتهاكات القائمة على المعتقد في سيناء، أقدم تنظيم داعش على قتل مدني مسيحي يدعى سلامة وهيب موسى 70 عام، ونجله هاني سلامة وهيب 39 عام. تؤكد المعلومات التي حصلت عليها المؤسسة من خلال المقابلات التي أجرتها مع اثنين من سكان المنطقة وأحد أقارب الضحايا، أنه من الواضح والقطعيّ أن القتلى لم يشكلوا تهديدًا على عناصر تنظيم داعش، بل كانوا مدنيون غير منخرطين بالنزاع ولم يتخلوا عن حصانتهم كمدنيين التي تقرها القوانين الناظمة للنزاعات، وأن عملية القتل جرت على أساس هويتهم الدينية. وبالتالي تشكل عمليات قتلهم انتهاكا خطيرا لقواعد القانون الدولي الإنساني، وبشكل يشبه عمليات قتل أخرى مماثلة وثقتها منظمات دولية ومحلية في شمال سيناء في السنوات الماضية.
قال أحمد سالم، المدير التنفيذي لمؤسسة سيناء لحقوق الإنسان:

إن أعمال القتل والإخفاء القسري ضد المسيحيين لا يمكن وصفها سواء بالمعايير القانونية والدستورية المصرية، أو بالمعايير الدولية، إلا كقتل على الهوية الدينية مارسته جماعات مسلحة ضد أفراد مجتمع ديني بهدف التخلص من أفراد ذلك المجتمع  وإرهابهم ولا يمكن التهوين من شأنه واعتباره مجرد عمل فردي أو عمل إجرامي عادي.

 ووفقا لشهادة أدلى بها أحد أقارب الضحايا لفريق المؤسسة:

عم سلامة وهاني ابنه اصلا عايشين في مدينة القنطرة غرب في محافظة الاسماعيلية،  بس أرضهم في جلبانة في سيناء، يوم الحادثة كانوا رايحين زي العادي يشوفوا الأرض ويشتغلوا شوية، وكانوا راحوا مرة قبلها يوم الجمعة 26 أغسطس 2022 عشان يطمنوا على المزرعة بعد ما أحداث جلبانة حصلت بين الجيش والارهابيين ورجعوا عادي محصلش حاجة. يوم 29 أغسطس 2022 هاني كان متفق مع مراته يكلمها الساعة 8 مساءً يطمنها على نفسه وكان ناوي يرجع الصبح القنطرة غرب هو والمقدس سلامة. لما اتصال هاني اتأخر مراته اتصلت بيه، المكالمة اتفتحت لكن محدش رد عليها وبعدين الموبايل اتقفل خالص. مرات هاني قلقت فاتصلت بجيرانه في المزرعة والناس اللي كانت رايحه معاهم، فالجيران راحوا على المزرعة وفضلوا ينادوا على عم سلامة وهاني محدش رد فخافوا ومشيوا.

 

 وأضاف:

​​​​​​​قلقنا جدا وقررنا نتحرك ، فروحنا بلغنا في تمركز عسكري للجيش جنوب منطقة جلبانة وهما اتصلوا بلغوا عمليات الجيش. بعد كدة جانا اتصال من جهاز الأمن الوطني والجيش كمان لكن الوقت كان متأخر فقالوا لنا مش هنقدر نتحرك جوا جلبانة دلوقتي لأن الوقت اتأخر و ممنوع المداهمات بليل علشان العبوات الناسفة، لكن كان في ضابط اسمه "إ. ن." وهو ضابط جسور اخد قوة من العساكر وقرر يروح على البيت في جلبانة على مسئوليته الشخصية وراح معاه كمان ناس من عيلتنا عشان يوصلوه البيت. لما وصلوا بيت عم سلامة كانت أقفال البيت مفتوحه وأقفاص المانجو محطوطه جوا البيت لكن مكنش فيه حد، فالظابط قال انه مش هيقدر يدخل جوا المزرعة بالليل والأفضل ننزل الأرض الصبح عشان العبوات الناسفة. 

​​​​​​​الصبح يوم 30 أغسطس راح اثنين من عيلتنا بيت عم سلامة في جلبانة ووصلوا بدري لكن ملقيوش عم سلامة وهاني في البيت،  فمدخلوش الأرض وقرروا ينتظروا الجيش يوصل علشان أكيد حصلهم حاجة. لما الجيش وصل دخلوا المزرعة ولقيوا عم سلامة وهاني مرميين تحت شجرة مانجو كبيرة أيديهم مربوطة ورا ضهرهم ورجليهم كمان متربطة. واضح من التعذيب اللي في جسم هاني انه مندبحش زي ابوه على طول وأنه حاول يقاوم لإن جسمه كان كله طعنات وتعذيب. أنا مش قادر انسى الموقف وعيال هاني بيعيطوا قدامي طول الوقت، اللي قتلوهم دول شياطين ماشيين على الأرض، راجل كبير عجوز معملش حاجة، مسن محدش رحم سنه، دبحوهم من غير رحمة على طريقة دبح المسيحيين في ليبيا، هما مش مفصول راسهم عن جسمهم لكن مدبوحين من الوريد للوريد، لكن برجع أقول الشهادة مش ببلاش ولولا الناس دي مكنش هيكون في شهداء وهما حالهم دلوقتي احسن مننا احنا المعذبين لفراقهم. عايز أحملكم أمانة أنا عندي أرض هناك لو حصل لي أي حاجة اكتبوا عني وانشروا صورتي.

 

لاحقا نشرت إيبارشية الاسماعيلية بيانا بتاريخ 31 أغسطس 2022 حول الواقعة قالت فيه أن الضحيتين وجدا مذبوحين في مزرعتهم في منطقة العمليات في جلبانة، وتم استلام جثتيهما من مستشفى أبو خليفة للطوارئ التابعة لمدينة القنطرة غرب، وتمت الصلاة عليهما بكنيسة مار مرقس بنفس المدينة مساء الثلاثاء 30 أغسطس 2022.

يؤكد الدستور المصري على الحق في الحياة بالمادتين 59 و60 معتبراً أن "الحياة الآمنة حق لكل إنسان، وتلتزم الدولة بتوفير الأمن والطمأنينة لمواطنيها، ولكل مقيم على أراضيها". وأن "لجسد الإنسان حرمة، والاعتداء عليه، أو تشويهه، أو التمثيل به، جريمة يعاقب عليها القانون".

كما يضع القانون الإنساني الدولي حماية واضحة للمدنيين بشكل عام من الاستهداف في النزاعات، منها ما ورد في المادة 3 المشتركة في اتفاقيات جنيف بحظر "الاعتداء على الحياة والسلامة البدنية، وبخاصة القتل بجميع أشكاله" للمدنيين والأشخاص العاجزين عن القتال. كما أفرد للأقليات حماية خاصة في عدد من الاتفاقيات، فعلى سبيل المثال: جاء في إعلان الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن القضاء على جميع أشكال عدم التسامح والتمييز بناء على الديانة أو المعتقد، فإن حرية اعتناق الدين والتعبير عن المعتقد الديني وغير ذلك محمي ويمنع الإكراه في ذلك، كما جاء في الميثاق العربي لحقوق الإنسان الذي أقره مجلس جامعة الدول العربية في عام 2004 بعدم جواز حرمان أي شخص من حقوقه بسبب عرقه أو لونه أو جنسه أو لغته أو دينه أو رأيه السياسي أو أصله القومي أو الاجتماعي.

قالت مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان:

​​​​​​​ باعتبـار أن تنظـيم داعـش مجموعـة مســلحة فإنهـا ُملَزمـة بأحكـام المـادة 3 المشــتَركة في اتفاقيات جنيف والقانون الدولي العرفي، وقـد انتهكـت هـذه المجموعـة التزاماتهـا تجـاه المدنيين والأشخاص غيـر المقـاتلين، وهـو مـا يصـل إلـى حـد جـرائم الحـرب. وفـي المنـاطق التــي أقــام فيهــا تنظــيم داعــش ســيطرته الفعليــة قــام التنظــيم بصــورة منهجيــة بإنكــار حقــوق الإنسان والحريات الأساسية، وفي سياق هجومه على السكان المدنيين ارتكـب جـرائم ضـدالإنسانية.

خلفية:

يعيــش المدنيون، بمــا فـيهم الأقليات الإثنية والدينية الذين ظلوا في المنـاطق الـــتي تســـيطر عليهـــا داعـــش في حالـــة مـــن الرعـــب. ويصـــف الضـــحايا والشـــهود الهاربين دون اختلاف بيـنهم كيـف تعرضـوا للأعمـال الـتي أرعبت السـكان وهدفت إلى إسـكاتهم. تعرضت الأقليات الدينية في سيناء للعديد من أنماط الانتهاكات، التي ارتفعت وتيرتها عقب الإطاحة بالرئيس الأسبق محمد مرسي في يوليو 2013، لتصل إلى ذروتها بعد ظهور تنظيم داعش في سيناء عام 2014. 

شكل استهداف المسيحيين على الهوية الدينية نمطاً بارزاً من الانتهاكات التي يمارسها تنظيم داعش في سيناء. وقد تنوعت هذه الانتهاكات بين القتل والاختطاف وتفجير وإغلاق دور العبادة والتهجير القسري، دفعت الاعتداءات المتتالية مسيحيي مدينتي رفح والشيخ زويد إلى الهجرة، مع اندلاع النزاع المسلح عام 2013، إلى مدينة العريش، قبل أن ترتفع حدة استهداف المسيحيين مع نهاية يناير 2017، الأمر الذي دفع الأسر المسيحية بالعريش للهجرة منها لمدن القناة والدلتا.

دفعت عمليات الاستهداف المتكررة للمسيحيين في سيناء إلى انتهاجهم لسلوك لا يعبر عنهم، حيث حرص كثير من المدنيين المسيحيين الذين عادوا إلى مدينة العريش بعد هجرتهم السابقة عام 2017 على التواري عن الأنظار، وغالباً ما تضع السيدات والفتيات أغطية الرأس لغرض التخفي عن أعين المسلحين ومنع تمييزهن عن المسلمات، في ظل الطابع العام الذي اعتادت عليه السيدات في العريش بوضع الحجاب على رؤوسهن أو تغطية وجوههن بالنقاب، في السابق لم تكن السيدات المسيحيات قد اعتدن على تغطية رؤوسهن بالحجاب قبل التهجير الذي حصل للمكون المسيحي، إلا أن المضايقات والتهديدات الأمنية، اضطرتهم لاعتماد هذا الأسلوب في التخفي.

شهدت الشهور الماضية استمرار الاستهدافات القائمة على الديانة، حيث شهدت مناطق غرب سيناء موجة جديدة من الاستهدافات من تنظيم الدولة ضد المسيحيين، أسفرت عن مقتل مدنيين مسيحيين اثنين خلال الربع الأول من عام 2021 وأربع حالات اختطاف ووثقت حالتين منها في فيديو، تأتي هذه الأحداث في ظل تقاعس حكومي واضح في حماية المسيحيين أو القيام بواجبها الأمني في محاولة الإفراج عنهم، ما يعيد إلى اﻷذهان الهجمة البشعة التي تعرض لها المسيحيين والتي أدت إلى هجرتهم قسراً من مدينة العريش في فبراير 2017، بعد تعرض بيوتهم للحرق وخطف وقتل بعضهم.

 



الكلمات المفتاحية


أخر المواضيع
الأعلى مشاهدة