img
أدلة جديدة حول مقتل شاب مصري في غارة إسرائيلية داخل الأراضي المصرية
28 ديسمبر 2024

Available in English

حصلت مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان على أدلة إضافية دامغة تؤكد ما كشفت عنه يوم الثلاثاء الماضي، حول واقعة مقتل جهاد يوسف أبو عقله، البالغ من العمر 18 عامًا، ظهر يوم السبت 21 ديسمبر 2024، نتيجة غارة جوية إسرائيلية شنتها طائرة حربية من طراز من F-16I Sufa، كانت تتعقب مسيّرة حوثية في منطقة العجراء جنوب رفح، لكن صاروخا أطلقته سقط بالقرب من سيارة كان يستقلها جهاد وتسببت شظاياه في مقتله وتحويل جسده إلى أشلاء.

 

لم تقم  السلطات المصرية بأي إجراءات - ولو صورية - للتحقيق  في الواقعة  حيث جرى دفن أبو عقله دون مُعاينة أو تحقيق ودون إصدار شهادة وفاة، في محاولة للتعتيم الحكومي. وعلى الرغم من مرور ستة أيام على مقتل أبو عقله، تواصل الحكومتان المصرية والاسرائيلية التزام الصمت التام حيال الواقعة، دون أي تصريحات رسمية حول ملابساتها، بالتزامن مع تعرض مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان وموظفيها خلال الأيام الماضية لحملة تشويه إلكترونية ممنهجة بواسطة صفحات محسوبة على الحكومة المصرية. 

حصلت المؤسسة ضمن تحقيقها في الواقعة على  مقاطع مصورة حصرية للطائرة الحربية الإسرائيلية أثناء تواجدها داخل الأراضي المصرية، حيث تمكن مختبر التحقيقات الرقمية بالمؤسسة من تحديد مواقع تحليقها الجغرافية من خلال صور الأقمار الصناعية مفتوحة المصدر، ومقارنتها بالمنازل والأشجار التي تظهر في منطقة التقاط الفيديو. كما زارت المؤسسة موقع سقوط الصاروخ وجمعت أدلة ميدانية من بينها بقايا تعود للصاروخ والسيارة التي أصيبت بأضرار وتوفي داخلها أبو عقله. كما تنشر للمرة الأولى صورة شخصية  له، ولسيارته، قبل وبعد عملية الاستهداف. كما تنشر المؤسسة شهادات مسجلة صوتية أدلى بها للمؤسسة شاهد عيان، وآخر لأحد أقارب الضحية.​​

فيديو يستعرض الأدلة التي حصلت عليها المؤسسة ضمن تحقيقها

تمكن مختبر التحقيقات الرقمية في مؤسسة سيناء من تحديد الموقع الجغرافي لسقوط الصاروخ الاسرائيلي في الإحداثيات التالية [  31° 2'40.80"N 34°18'1.38"E  ]، والذي يقع في منطقة العجراء جنوب رفح، ويبعد عن خط الحدود الدولية الفاصلة بين مصر واسرائيل مسافة 2.7 كم. تسبب الصاروخ في إحداث حفرة في الأرض، إضافة الى تناثر قطع معدنية مطلية باللون الأبيض تعود لسيارة الضحية، وهو نفس لون السيارة التي كان يستقلها جهاد في الصور التي حصلت عليها المؤسسة.

 

​​​​​​​صورة لسيارة الضحية قبل وبعد الاستهداف

كما تمكن المختبر من استخراج الرقم التسلسلي المحفور على جزء من بقايا الصاروخ، والبحث عنه في قواعد بيانات عسكرية مفتوحة المصدر،  ليتضح أن الصاروخ أمريكي الصنع.​​​​​​​

​​​​​​​صورة لمطابقة الرقم التسلسلي المحفور على بقايا الصاروخ بقاعدة بيانات عسكرية

شاركت مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان صورا لبقايا الصاروخ مع خبير عسكري متخصص في الطيران الحربي، والذي أكد في مقابلة مع المؤسسة، أن الصاروخ من طراز AIM-9 أمريكي الصنع، وهو من فئة الصواريخ جو - جو، مما يتوافق مع فرضية أن الصاروخ لم يكن يستهدف سيارة الضحية بالضرورة، وإنما كان يستهدف هدفا آخر في الجو لكنه لم يُصب الهدف وسقط بالقرب من سيارة أبو عقلة. وأضاف إن الصاروخ يتميز بجناح للتوجيه و"روليرون" يمنع انحرافه، وهو أحد الصواريخ التي تستخدم لتذخير طائرات F-16I Sufa التى تظهر في اللقطات المصورة. وأضاف أن قاعدة بيانات وزارة الدفاع الأمريكية تشير الى أن إسرائيل قد تسلمت شحنات من صواريخ AIM-9 عدة مرات خلال السنوات الماضية، ما يؤكد امتلاكها لهذا النوع من الصواريخ.
 

صورة ارشيفية لصاروخ أمريكي من طراز AIM-9 مقارنة ببقايا الصاروخ الذي أصاب الضحية

 


​​​​​​​وكان نفس الخبير العسكري قد أكد لمؤسسة سيناء في وقت سابق في مقابلة مع المؤسسة أن الطائرة المنفذة للهجوم تابعة لجيش الدفاع الاسرائيلي وليست مصرية، استنادًا إلى عدة معطيات فنية. حيث أشار إلى أن  طائرات F-16I Sufa بتمويهها الصحراوي المميز الذي يُستخدم لتلائم بيئة العمليات في المناطق الصحراوية، مما يجعلها أقل وضوحًا عند الطيران على ارتفاعات منخفضة. يتكون هذا التمويه عادة من ألوان البيج والبني الفاتح، وهو تصميم خاص بسلاح الجو الإسرائيلي وغير مستخدم في القوات الجوية المصرية، وهو نفس التمويه الذي ظهر على الطائرة في الصور التي حصلت عليها المؤسسة. وأضاف أن طائرة F-16I Sufa هي نسخة معدلة من الطائرة الأمريكية F-16، ومصممة خصيصًا لتلبية احتياجات إسرائيل. أكد الخبير أن الطائرة التي تظهر في الصور التي حصلت عليها المؤسسة مزودة بخزانات وقود خارجية مميزة تُعرف باسم Conformal Fuel Tanks (CFTs)، وهو أحد أهم التعديلات التي تميز F-16I Sufa ليناسب العمليات طويلة المدى التي يجريها سلاح الجو الإسرائيلي.

صورة تظهر بعض العلامات الأرضية المميزة في منطقتي العجراء والبرث، داخل الأراضي المصرية والتي ظهرت في مقطع الفيديو لملاحقة طيارة اسرائيلية من طراز F16 i Sufa لمسيرة حوثية


للاستماع الى جزء من مقابلة أحد أقارب الضحية مع مؤسسة سيناء: 
*** تم إخفاء بعض الكلمات في الشهادة لعدم كشف هوية الضيف حفاظا على سلامته 

الزنانة بتاعة اليمن دي، وهو بيضرب في الزنانة وضرب الولد على العربية، استشهد علطول مات. الصاروخ وقع على العربية علطول مات. مراحش مستشفى علطول دفناه، محدش عمل تصريح لأن دفنوه علطول محدش راح على المستشفى، هو ابن *** هو يعني مش غريب عني، أبوه *** لزم. لا والله معييش صورة ليه والله معلش لو قدرت اتوصل لصوره ليه هجيبهالك، هو عنده ١٨ سنة، لسه شباب والله، أه والله صغير خالص وراجل محترم جدا. واللي ضربوه يهود، مش مسيرة الطراد الكبير ده، اللي ضربوه اليهود مش المصرية اليهود اللي ضربوه، وبعد ما ضربوه راحوا مكانهم، رجعوا اسرائيل آه.

 

للاستماع الى جزء من مقابلة أحد شهود العيان مع مؤسسة سيناء:

بالنسبة للشهيد جهاد أبو عقله، أما بالنسبة للضربة أو أي استفسار عنها أنا كنت حاضر كل حاجة. هو الطيران الحربي بتاع اسرائيل، هو كان بيطارد في مسيرة، طيارة مسيرة، تمام، وهو بيطارد فيها جهاد ابو عقله كان ماشي على الطريق، يعتبر في قرية بس قرية صغيرة شوية، والصاروخ ضربوه، والصاروخ هذا تقريبا انه حراري، مشي عاد راح تجاه العربية، مطبش في العربية نفسها، طب جنبها، والشظايا طبن في العربية.

 

​​​​​​​علمت المؤسسة من مصادر ذات صلة أن أسرة الضحية لا تزال تتعرض لضغوط أمنية للتكتم على الواقعة، وأن هذه الضغوط زادت حدتها عقب انتشار خبر مقتل جهاد مما اضطر الأسرة لإلغاء مراسم العزاء. تتمثل أبرز هذه الضغوط في التلويح باستخراج جثة الضحية من أجل تشريحها، بدلا من معاينتها فورا بعد الوفاة ثم التصريح بالدفن، وهو ما يضيف عبء نفسي على الأسرة لمخالفته قيم وأعراف قطاع كبير من المجتمع المحلي، إضافة إلى التهديد بمصادرة السيارة التي تضررت بشدة نتيجة القصف، ومعاقبة  أي شخص يتحدث مع أي جهة اعلامية او حقوقية. 

 

روايات شهود العيان من سكان سيناء على خروقات القوات الإسرائيلية للحدود المصرية بشكل متكرر ليست جديدة. فمنذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في أكتوبر 2023 شهدت المنطقة نشاطا عسكريا إسرائيليا أدى في بعض الأحوال لسقوط مصابين وقتلى.  في 22 أكتوبر 2023، أعلنالمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أن دبابة تابعة لهم أصابت موقعا مصريا بالقرب من الحدود عن طريق الخطأ، ونجم عن ذلك إصابة عناصر من الجيش المصري في أحد أبراج المراقبة.. كما أسقطت طائرة اسرائيلية مسيرة يمنية بالقرب من مدينة نويبع جنوب سيناء في 22 أكتوبر 2023. وفي 27 مايو 2024 فتح جنود إسرائيليون النار على عناصر من الجيش المصري مما أدى لمصرع جندي على الأقل. 

 

قالت مؤسسة سيناء إن حادث مقتل أبو عقله هو حلقة في سلسلة من الانتهاكات الإسرائيلية، تنبع من العجرفة المعتادة لقوات الجيش الإسرائيلي التي تنتهك أبسط مبادئ حقوق الإنسان وقوانين الحرب في قطاع غزة منذ ما يزيد عن العام بلا حساب، ارتكبت خلالها القوات الإسرائيلية جرائم ضد الإنسانية وجريمة الإبادة الجماعية وقطعت المساعدات الإنسانية عن الوصول لمئات الآلاف من السكان. وإنه إن كان من الطبيعي ألا تحقق إسرائيل في جريمة قتل مدني مصري في الأراضي المصرية على خلفية الحرب الدائرة، فإنه  ينبغي على السلطات المصرية أن تفتح تحقيقا شفافا ومستقلا، وتقديم التعويض المادي الملائم لأسرة القتيل، مع التأكيد على حق المواطنين في معرفة الحقيقة من خلال إعلان نتائج التحقيق والإجراءات المتخذة لحماية المدنيين ومنع تكرار تلك الحوادث.



الكلمات المفتاحية