img
انتهاكات الأسبوع الثاني من شهر ديسمبر في سيناء

الملخص:

وثقت المؤسسة في هذا الأسبوع قيام عناصر من تنظيم ولاية سيناء بقتل مواطن في بئر العبد والاعتراف بمسؤوليته عن مقتل مدني آخر في وقت سابق بمزاعم تتعلق بالتعاون مع القوات الأمنية ضد عناصر التنظيم، إضافة إلى العثور على جثة مدني كان قد اختطف على يد التنظيم في 2020.07.24. كما قتل مدني مسن على يد القوات الأمنية في الشيخ زويد.

و للوقوف على تفاصيل ما جرى، قابلت مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان 5 من السكان المحليين، حيث كشفت شهاداتهم تفاصيل الوقائع التي جرت في شمالي سيناء.

تفاصيل الانتهاكات

أ- انتهاكات السلطات وقوات إنفاذ القانون المصرية 

قتل خارج نطاق القانون في مدينة الشيخ زويد

2020.12.08

قُتل مدني مسن في الستين من عمره، يدعى "الحج سلامة أبو العبد أبو هويشل، 68 عام"، بإطلاق نار صدر من قوة تابعة للجيش تتمركز في ميدان الشيخ زويد بالقرب من مركز شرطة الميدان.

وفي تفاصيل الحدث، روى أحد السكان المحليين الذين سمعوا أصوات إطلاق الرصاص وذهبوا للمستشفى: "تقريبا في حدود الساعة 6 الصبح يوم 8 ديسمبر لما سمعنا صوت رصاص جاي من شرق، ناحية القسم.. احنا متعودين على صوت الرصاص من كل الكماين ليل ونهار.. مكناش نعرف أن الرصاص هذا موت الحج سلامة غير من الناس بعد ما نقلوه للمستشفى".

وأضاف قائلا: "العرب أغلبها طلعت على المستشفى فلقينا الحج سلامة ميت ومتغطي ببطانية وعايزين يودوه مشرحة مستشفى العريش علشان إجراءات الدفن هذا اللي بيحصل مع كل حالة وفاة بالرصاص".

و يضيف الشاهد: "الحاج سلامة تقريبا 68 عام، من عيلة الهواشلة اللي بتسكن في الشيخ زويد، هو راجل كان بيشتغل تاجر زمان ومع تقدمه في السن أصابه المرض وقلة السمع، يعني مبيسمعش وحتى عقله تأثر، وكان بيطلع أوقات على الوحدة الصحية الموجودة في طرف ميدان الشيخ زويد اللي قدام قسم الشرطة، الميدان متمركز فيه قوات جيش بتفتش العربيات، والميدان ممنوع المشي فيه ومغلق من عام 2013 بعد انفجار عربية مفخخة والمحلات فيه مغلقة لكن بيسمحوا بمرور العربيات اللي رايحة او جاية من العريش بعد التفتيش، طبعا الوحدة الصحية موجودة في الميدان وبيسمحوا للناس تروح لها من شارع فرعي وبتفتح الساعة 8 الصبح.. لكن الحج سلامة علشان راجل غلبان طلع بدري حتى أهله مش عارفين كان رايح وين بعد الساعة ستة الصبح بعد انتهاء ساعات الحظر اللي بتبدأ من 7 بعد المغرب حتى 6 الصبح".

أحد المدنيين القاطنين بالقرب من ميدان الشيخ زويد، قال لفريق مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان: "العساكر بتوع الجيش لما شافوا الحج سلامة رايح على الوحدة ظلوا ينادوا عليه اثبت عندك اثبت عندك.. وواضح أن الحج ما بيسمع فضل ماشي أطلقوا الرصاص في الهواء ولما فضل ماشي أطلقوا عليه الرصاص.. مات في الحال وطلبوا إسعاف و نقلوه لمستشفى الشيخ زويد"

ويكمل حديثه: "الميدان مرعب اصلا، القسم محاط بالدبابات والسواتر الإسمنتية والقناصة منتشرين فوق السطح وتحت في الميدان عربيات الجيش منتشرة والعساكر معاهم سلاح دايما مصوب على العربيات الماشية على الرغم أنها بيتم تفتيشها 4 مرات قبل ما يسمحوا لها بالسير فى الميدان، كمان منظر الخراب في المباني حوالي الميدان مش فارق عن اللى بنشوفه في سوريا، دمار شامل للعمارات والمحلات".

تحدثنا الى شاهد آخر من السكان المحليين، وهو موظف بالقطاع الصحي في المدينة، عن الإجراءات التي تتم في حالات مقتل أو إصابة مدنيين برصاص سلطات إنفاذ القانون، قال لنا: "بعد نقل الجثة لمستشفى العريش طبعاً لازم يسفروها محافظة بورسعيد علشان الطبيب الشرعي مبييجيش العريش والموضوع هذا بيستغرق وقت ويكلف فلوس لنقل الجثة لبورسعيد و اعادتها، للحصول على تصريح بدفن الجثة.

 طبعا مفيش اتهامات الملفات بتروح النيابة وما بنعرف ايش بيصير بعدين غير أن الناس بتجيب صور المحاضر علشان تقدم على تعويض مالي بعدين لأهل المتوفي والاتهام بيقيد في السجلات الرسمية ضد مجهول".

يتضح من الشهادات أن فعل إطلاق النار تجاه الرجل المسن مقصود، وكان بنيّة القتل وليس التعويق لحين التثبت من خطورة الشخص، إضافة إلى أن هيئة الرجل الصحية وكبر سنه يشيران بوضوح إلى أنه لم يكن يشكل تهديداً للقوات العسكرية، ورغم ذلك فقد استخدمت تجاهه القوة المميتة فوراً، في مخالفة لمبدأ "التناسب" الذي أشار إليه القانون الدولي الإنساني، والذي يحدد شرعية فعل ما حسب احترام التوازن بين الهدف والوسيلة والطريقة المستخدمة لبلوغه وعواقب الفعل.

وفي هذه الواقعة بالتحديد، ووفقاً لسياق الحدث وظروف وقوعه فإن الضحية لم تكن تشكل تهديداً، وكان من المتاح استخدام طُرق أخرى في تعويق تقدمه وتحذيره غير إطلاق النار بقصد القتل، مما يجعل هذه الحادثة في مصاف القتل العمد خارج نطاق القانون.

وبينما تستلزم أعمال القتل التي تقع على أيدي قوات إنفاذ القانون المصرية خارج أحوال النزاع المسلح وجوب فتح تحقيق فوري، إلا أن مؤسسة سيناء لم تسجل اتخاذ السلطات لمثل هذه الإجراءات، بل تَعمدُ إلى تضيع حق الضحية بتقييد الواقعة ضد مجهول، مما يحرم الضحية أو ذويه من أية حقوق تتناسب مع الحادثة إضافة إلى حماية المسؤولين عنها من أية مساءلة قضائية. تخضع أعمال القتل التي ترتكبها القوات الأمنية والعسكرية في خارج نطاق الأعمال القتالية إلى مبادئ الأمم المتحدة الأساسية بشأن استخدام القوة والأسلحة النارية، وهي قواعد صارمة ومُلزمة تفرض صراحة وجوب احترام الحق في الحياة.

ب- انتهاكات تنظيم ولاية سيناء التابع لداعش

1- مقتل مدني بعد اختطافه على يد التنظيم في بئر العبد

2020.12.10

عثر الأهالي داخل مزرعة على جثة المواطن "محمد حسن سالم شبانه"، والذي كان قد اختطف على يد مسلحي داعش في تاريخ 2020.07.24 أثناء مروره عبر ارتكاز أمني أقامه التنظيم بالقرب من قرية "قاطية"، ووفقاً لأحد أقارب الضحية الذين التقت بهم مؤسسة سيناء في يوليو 2020، فإن "محمد حسن سالم" اعتقله التنظيم بعد أن طلب منه المسلحين إبراز بطاقته الشخصية، وعندما رأوا فيها أنه كان في السابق يعمل موظفاً مدني في وزارة الداخلية اعتقلوه وصادروا سيارته، وقد وثقت مؤسسة سيناء تفاصيل الواقعة في تقريرها لشهر يوليو.

لا يُعرف السبب المباشر الذي أدى إلى وفاة "محمد"، فالجثة خالية من آثار التعذيب أو إطلاقات النار، إلا أن من المرجح أنه قضى نحبه نتيجة لعدم تناوله لدوائه بعد اختطافه على يد التنظيم إضافة إلى الظروف الصعبة التي مر بها أثناء الاختطاف.

 

تحدثنا إلى شاهد عيان من السكان المحليين بقرية قاطية عن تفاصيل واقعة العثور على الجثة التي جرى نقلها لاحقاً إلى مستشفى بئر العبد العام، قال لنا: "أثناء وجود جارنا في مزرعته، لاحظ وجود مكان تم حفره وردمه مرة ثانية في حجم القبر، لاحظ المكان لأن لون التربة مختلف، تسرب الشك لنفسه واستدعى مجموعة من الجيران كنت أنا واحد منهم، قمنا بالحفر داخل القبر فوجدنا جثة الحاج محمد الله يرحمه".

عرفنا أن الجثة للحاج محمد مباشرة لأن شكل الجثة متغيرش كتير، ومكانش فيه أي آثار تعذيب أو رصاص، يبدو أن الحاج محمد متحملش ظروف اختطافه وهو مريض سكر وضغط واعتقد أنه مات لأنه مكانش بياخد دواءه".

تبرز جريمة اختطاف "محمد" كأنموذج لأفعال تنظيم داعش الذي لا يحترم القوانين الناظمة للنزاعات غير الدولية بتقصده استهداف المدنيين تحت أي ذريعة، فالضحية غير منخرط في أي نشاط عسكري، وظيفته السابقة في وزارة الداخلية كانت في دور مدني غير أمني. تضع هذه المعطيات فعل الاختطاف جريمة تضاف إلى سجل من الانتهاكات التي يرتكبها تنظيم ولاية سيناء في حق المدنيين.
 

2- قتل خارج نطاق القانون في بئر العبد

2020.12.14

أقدم تنظيم ولاية سيناء التابع لداعش على قتل المواطن "جمعة محمد سليمان"، وذلك بعد أقل من أسبوع على اختطافه من منطقة "سهل الطينة نمرة 4". ووفقاً للبيان الذي نشره التنظيم في موقع تويتر، فإن "جمعة" جرى إعدامه بمزاعم التعاون مع القوات الأمنية في الإيقاع (قتل) 3 عناصر من التنظيم.

إضافة لذلك، فقد اعترف التنظيم بمسؤوليته عن قتل المواطن "صقر المسعودي" أمام منزله في قرية "جلبانه" التابعة إداريا لمحافظة "الإسماعيلية" في تاريخ 2020.10.31، باعتباره شريكا مع القتيل السابق في الإيقاع بمقاتلي التنظيم، وفقا لما ورد في جريدة "النبأ" الصادرة عن داعش. وقد وثقت مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان تفاصيل واقعة اغتيال المسعودي ونشرتها في النشرة الحقوقية لشهر أكتوبر.

 

أجمعت اتفاقيات جنيف المعنية بالنزاعات المسلحة في المادة 3 المشتركة على حظر "الاعتداء على الحياة والسلامة البدنية، وبخاصة القتل بجميع أشكاله" للمدنيين، واعتبرت الاتفاقيات الأربع أن "القتل العمد" للأشخاص المحميين يمثل انتهاكا جسيما، كما أشارت صراحة جميع الاتفاقيات المعنية بحقوق الإنسان إلى عدم جواز "الحرمان التعسفي من الحق في الحياة". يُعد تنظيم ولاية سيناء التابع لداعش، أحد أطراف النزاع في سيناء، وينطبق عليه المبادئ والقواعد التي أقرتها المعاهدات الدولية المعنية بالنزاعات الدولية وغير الدولية.



الكلمات المفتاحية


مقالات متعلقة