img
أوقفوا مخططات التهجير حول ميناء العريش لمصلحة الجميع
12 مارس 2022

البيان متوفر بـEnglish

قالت مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان اليوم إن قرارا أصدره حديثا رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي بتحديد ما يناهز 542 فدان من الأراضي في مدينة العريش، كأراضي من أعمال المنفعة العامة، تابعة للقوات المسلحة، يعني عمليا ابتلاع المزيد من أراضي المنطقة وتهجير وشيك لآلاف الأسر في المنطقة، ضمن مخططات غامضة ومُجحفة للجيش أفرغت شمال سيناء من الآلاف من السكان في السنوات القليلة الماضية، تحت غطاء من المبررات التي لا تراعي الضمانات اللازمة للتهجير القسري وفقا للقانون الدولي لحقوق الإنسان. 

صدر القرار الرئاسي الذي يحمل رقم 465 لسنة 2021 ونشرته الجريدة الرسمية في 16 أكتوبر 2021 دون تقديم أي تفسيرات، بنقل تبعية ميناء العريش ونزع ملكية الأراضي المحيطة بالميناء اللازمة لأعمال التوسعة لصالح القوات المسلحة المصرية. وتقول الحكومة إن إفراغ تلك المنطقة مطلوب لتطوير ميناء العريش، بينما يقول الأهالي والخبراء أن الحكومة المصرية لم تحترم نصوص الدستور والقانون المصري وإن ثمة حلول أخرى عديدة لم تدرسها أو تأخذها بعين الاعتبار. 
 

قال أحمد سالم مدير مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان:

إن على الحكومة المصرية أن تتوقف عن مخططاتها الهادفة إلى تفريغ منطقة ميناء العريش من سكانها، حيث أن الجيش قام بالفعل بتهجير عشرات الآلاف من سكان شمال سيناء تحت مبررات كانت في كثير من الأحيان جوفاء، بل حملت في الواقع المعاناة والتشريد والبطش للسكان المهجرين، في ظل مناخ من القمع الواسع وعدم إجراء أي حوار مجتمعي مع السكان أصحاب الشأن حول القرارات التي تمس حياتهم.


​​​​​​​اشتمل قرار السيسي على خريطة توضح إن المنطقة المراد إخلائها - بعد إعادة تخصيصها لتصبح ملكا للقوات المسلحة - تقع على نحو 542 فداناً تحيط بميناء العريش. راجعت مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان الخريطة والإحداثيات المرفقة بالقرار، المنشور بالجريدة الرسمية عدد 41 مكرر (أ) في 16 أكتوبر 2021، ووجدت إن المنطقة المخطط إخلائها ستشمل عدة  أحياء سكنية في مدينة العريش. ويعني القرار عمليا أن المنتفع المادي الأول من مشروع تطوير الميناء هو القوات المسلحة، برغم إن القرار الجمهوري يُسند مسائل التمويل والتنفيذ والإدارة إلى الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس. وهي من الهيئات الاقتصادية ذات الطبيعة الخاصة.  ويفتح ذلك الباب واسعا للفساد في غياب أي رقابة مستقلة أو حقيقية على الأعمال ذات النفع الاقتصادي المرتبطة بالقوات المسلحة. ومنذ يناير 2014 آلت أصول ميناء العريش بما في ذلك أرصفة الميناء وأغلب أراضيه وكذلك إدارة الميناء لوزارة الدفاع بدلا من هيئة موانئ بورسعيد وفقا لقرار أصدره الرئيس المؤقت عدلي منصور.

قرار السيسي رقم 465 لسنة 2021  صدر كتعديل لقرار رئاسي سابق رقم 330 لسنة 2019، بتاريخ يوليو 2019، والذي كان ينص على أن المنطقة المراد إخلائها حول ميناء العريش تقع على نحو 371 فداناً فقط، أي أن قرار السيسي الجديد في أكتوبر 2021 قد زاد من مساحة المنطقة المراد إخلائها بنسبة تصل الى 46%، وتقدر المؤسسة أن عدد السكان المحليين الذين ستنزع ملكية منازلهم وأراضيهم ب 25 ألف نسمة (6000 أسرة). 

تظهر صور فوتوغرافية حصلت عليها المؤسسة، و كذلك صور الأقمار الصناعية، إن قوات الجيش المصري قد أشرفت على بناء سلسلة من الجدران، بارتفاع نحو 6 أمتار، تطوق المنطقة المحددة في القرار 465، كما أظهر تحليل المؤسسة إن الشروع في بناء تلك الجدران قد سبق صدور القرار بأشهر.
​​​​​​​

وكانت مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان قد حذرت في بيان نشرته مطلع عام 2021 من نوايا لدى الحكومة المصرية بتوسعة إجراءات نزع الملكية في منطقة ميناء العريش، وقالت أن الحكومة على ما يبدو لن تلتزم بتلك الإحداثيات المحددة في القرار 330 لسنة 2019 فقط بل ستوسع خطط التهجير إلى خارج الإحداثيات الموضحة، وهو ما تأكد مؤخرا بعد صدور قرار السيسي رقم 465 لسنة 2021.

يحظر الدستور المصري في المادة 63 "التهجير القسري التعسفى للمواطنين بجميع صوره وأشكاله" ويعتبر مخالفة ذلك "جريمة لاتسقط بالتقادم." ويحظر القانون الدولي لحقوق الإنسان عمليات التهجير القسري بشكل صارم إلا في حالات استثنائية وبضمانات عديدة خالفتها جُلها أو كلها الحكومة المصرية. 

وأدت مخططات الحكومة لتهجير محيط ميناء العريش إلى انتقادات من نواب في البرلمان، واحتجاجات وتظاهرات نادرة في شمال سيناء رصدتها مؤسسة سيناء وغيرها من المنصات في الشهور الماضية، حيث تجمع السكان تلقائيا أكثر من مرة للاحتجاج على عملية ترقيم البيوت تمهيدا لهدمها وإخلائها، ونشرت مؤسسة سيناء سابقا فيديوهات لبعض تلك الاحتجاجات.كما قام بعض الأهالي بتعليق لافتات رافضة لإزالة منازلهم بالإضافة لتدشين وسوم على منصات السوشيال ميديا رفضا للمخططات.
 

وانتقد أحد المسئولين الحكوميين الحاليين في قطاع النقل البحري في لقاء سابق مع مؤسسة سيناء، شريطة عدم ذكر اسمه، قرار إخلاء منطقة ميناء العريش. وقال المسؤول:

إن الحل الأكثر جدوى على المستوى الاستراتيجي، هو بناء ميناء جديد خارج التكتل السكني لمدينة العريش، حيث يوجد في شمال سيناء قرابة 200 كم سواحل غير مستغلة، خصوصا المنطقة غرب مدينة الشيخ زويد أو غرب مدينة العريش وهي مناطق واعدة جداً يمكن ربطها بسهولة بشبكة طرق تجارية تربط الميناء بمنطقة الصناعات الثقيلة في وسط سيناء، كما أن إنشاء ميناء جديد سيجنب الحكومة تكاليف التعويضات التي ستسددها للمتضررين. 

  وأضاف:

​​​​​​​​​​​​​​إنشاء ميناء جديد سيوفر فرصة حقيقة لإنشاء الميناء وفق معايير قياسية فيما يخص المستوى التشغيلي، والسعة التخزينية، وإمكانية إعادة ترتيب مواقع الخدمات أو التوسعات المستقبلية وهي اعتبارات صعب تحقيقها ومراعاتها في الميناء الحالي الذي أنشئ عام 1987 كميناء صيد قبل صدور قرار جمهوري 221 لسنة 1996 بتحويله لميناء تجاري. 

ويتفق ذلك الرأي مع ما قدمه عدد من أعضاء مجلس النواب المصري عن شمال سيناء في طلب إحاطة قدموه في 2019. 


​​​​​​​وفي أحدث لقاء جمع محافظ شمال سيناء اللواء محمد عبد الفضيل شوشة مع عدد كبير من أهالي منطقة الميناء، في 19 فبراير 2022، ونقل بعض الحاضرين مقاطع فيديو مصوّرة منه على منصة فيس بوك، واجه المحافظ معارضة شرسة من الحاضرين، وظهر اللواء شوشة في الفيديو وهو يقول:

"الرسالة وصلت إن الناس لا تريد التعويضات وتريد أن تتمسك بأرضها. أنا سأنقل هذا الكلام [للقيادة السياسية].

وقال أحد الأهالي المتضررين عقب اللقاء وهو يقف إلى جوار المحافظ في الفيديو، إن المحافظ سيعرض "البدائل المقترحة لنقل الميناء لمكان جديد." كما نقل النائب في مجلس النواب عن محافظة شمال سيناء رحمي بكير صورا من نفس الاجتماع في بيان على صفحته في فيس بوك، وقال فيه إن الأهالي رفضوا التعويضات وتمسكوا بمنازلهم.

لكن وفيما يبدو أن لقاءات المحافظ مع الأهالي هي مجرد محاولات لكسب الوقت، والحكومة عازمة على المضي قدما في عمليات الإخلاء القسري للسكان بمحيط ميناء العريش. محافظ شمال سيناء نفسه وعقب مرور عدة أيام على لقاءه مع الأهالي ووعوده بنقل رفضهم مغادرة منازلهم مع عرض مقترحات بديلة لمشروع تطوير الميناء على الحكومة، صرح في لقاء مع إذاعة شمال سيناء أن:

مشروع الميناء هو مشروع قومي، واحنا كلنا سمعنا الرئيس وهو بيتكلم عن المشروعات دي امبارح، وأكد سيادته ان لما يكون فيه مشروع بيفتح شريان جديد للحياة لازم هيكون فيه إزالات للمنازل، وأنا بناشد المواطنين ان الموضوع ده للمصلحة العامة، هيئة عمليات القوات المسلحة شكلت لجنة من أكتر من 12 جهة متخصصة لبحث المقترحات الاربعة البديلة لإنشاء الميناء في منطقتين شرق العريش ومنطقتين غرب العريش، لكن في ضوء حجم العمليات اللي تم تنفيذ أكثر من 50% من أعمالها ومخطط لها انها تنتهي ويتم افتتاحها في نهاية العام".


​​​​​​​يحظر كلا من القانون الدولي لحقوق الإنسان (المنطبق في حالة السلم) والقانون الدولي الإنساني (المنطبق في حالة الحرب) التهجير القسري وهدم المنازل بشكل عام إلا في حالات استثنائية محددة مثل تأمين السكان من مخاطر بيئية محدقة أو هجمات مسلحة. على أن القانون الدولي لا يجيز للحكومات اللجوء للتهجير القسري إلا كملاذٍ أخير، إذا لم تتوافر أي حلول أخرى، وفي إطار ضمانات صارمة تشمل التناسبية والمعقولية والشفافية والنقاش المسبق مع السكان المحليين ودراسة كافة الحلول والبدائل الأخرى. وفي حالة استحالة تفادي التهجير ينبغي على الحكومات أن تقدم التعويضات العادلة، بطريقة شفافة، وبشكل مُسبق، قبل عملية الإخلاء، كما ينبغي أن يُخطر السكان قبل الإخلاء بفترات معقولة (أسابيع على الأقل) وأن تساعدهم الحكومة في إيجاد سكن بديل ملائم، وكذلك إيجاد عمل ومصدر رزق بديل وضمان استمرارية التعليم بالنسبة للأطفال.

كما ينص القانون الدولي على أن الأرض لا يمكن تعويضها بالمال فقط وإنما بأرض بديلة بنفس الخصائص تحافظ على حياة السكان وعاداتهم وتقاليدهم إلى أقصى درجة ممكنة. كما يتطلب القانون الدولي أن تسمح الحكومات للسكان بالعودة لديارهم فور أن يكون ذلك ممكنا. بالنسبة للتهجير القسري تحت ذريعة التنمية والتطوير العمراني أو الاقتصادي فبالإضافة لجميع الضمانات السابقة، ينبغي على الحكومات أن تدرس الحلول الأخرى الرامية إلى التطوير وهو مالم يحدث في الحالة المتعلقة بميناء العريش.

​​​​​​​وبشكل عام، وخلال عمليات التهجير القسري المتصاعدة منذ 2013 التي قام بها الجيش في شمال سيناء، لم تراعِ القوات المسلحة أي من تلك المعايير بشكل كبير. ويتخوف سكان منطقة الميناء بالتحديد من أن يكون مصيرهم مماثل لمئات العائلات التي هجرها الجيش دون تعويضات أو مع تعويضات مُجحفة لا يمكن الطعن عليها أمام أي محكمة أو من خلال أي عملية قضائية مستقلة كما يُوجب القانون الدولي.
​​​​​​​قال سالم:

قام الجيش المصري منذ 2013 بتهجير عشرات الآلاف من سكان سيناء وهدم منازلهم تحت دعوى تأمين المنطقة، والآن هو قاب قوسين أو أدنى من تهجير آلاف آخرين بحجة التطوير بدلا من دراسة البدائل الكثيرة المتاحة ونقاشها مع أصحاب الشأن الأول: أهالي سيناء أنفسهم. إذا كان الهدف هو التنمية لصالح أهالي سيناء فعلى الحكومة إشراكهم والاستماع لهم.


للمزيد من التفاصيل والتحليل القانوني اقرأ بالأسفل

1- خلفية عن عمليات الهدم في شمال سيناء: 

مدينة العريش عاصمة محافظة شمال سيناء والحاضرة المدنية لها، والتي تحتضن الكتلة السكانية الأكبر، 192,472 نسمة وفقا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عام 2017، تعرضت، مثل غيرها من مناطق شمال سيناء، خلال السنوات الماضية، لإجراءات حكومية تسببت في تهجير آلاف السكان المحليين، أبرز هذه الإجراءات تمثلت في قرار رئيس الجمهورية باقامة منطقة عازلة حول مطار العريش والذي تسبب في هدم مئات المنازل وتجريف آلاف الأفدنة من الأراضي الزراعية التي كانت تمثل مصدر دخل وفرص عمل لقطاع كبير من السكان. إضافة إلى تقطيع أوصال المدينة وحصارها داخل جدار أسمنتي ضخم يشبه الجدار الحدودي مع قطاع غزة، يعزل الكتلة السكانية داخل المدينة عن ظهيرها الزراعي والصناعي بعد إغلاق المنطقة الصناعية جنوب غرب المدينة بسبب الحرب على الإرهاب.

​​​​​​​
وشكلت إجراءات العقاب الجماعي خلال العملية الشاملة سيناء 2018 التي مارسها الجيش ضد السكان عبئا إضافيا على السكان المهجرين والمشردين، أو الذين بقوا في أراضيهم، حيث تم منع الصيادين من أهالي العريش من ممارسة مهنتهم ومصدر رزقهم، رغم السماح للصيادين من سكان المحافظات الأخرى بالصيد على سواحل العريش في قرار تمييزي صدر من وزير الدفاع. كما مثل قرار الحكومة بإنشاء ثلاث محاور طرق جديدة في قلب المدينة والذي شرعت الحكومة في تنفيذه بالفعل في فبراير2021 - ولازالت أعمال الإنشاء بها مستمرة - صدمة جديدة للسكان المحليين، حيث تم وضع علامات على مئات المنازل المزمع هدمها، وهو المشروع الذي قال محافظ شمال سيناء في لقاء إذاعي في إبريل 2021 إن فكرته تعود إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي شخصيا. 

وتشكل الانتهاكات الجسمية التي وقعت خلال عمليات التهجير القسري لأهالي مدينتي رفح والشيخ زويد هاجسا كبيرا لأهالي العريش، إذ إن مئات العائلات المهجرة منذ 2014 لم تحصل على التعويضات حتى الآن أو حصلت على تعويضات غير مُجزية. 
ومن ناحية أخرى، تسيطر أجهزة القوات المسلحة، وخاصة الهيئة الهندسية، على مشروعات التطوير والبناء في شمال سيناء بشكل كامل إذ لا يبدو إن أي شركات أخرى مدنية تقوم بأي مشروعات هناك. ورصدت تقارير إعلامية كيف تسند القوات المسلحة تلك المشروعات إلى شركات أخرى من الباطن مما يفتح الباب على مصراعيه للفساد. 

وربطت بعض وسائل الإعلام المُقربة من جماعات المُعارضة بين مشروع الميناء وبين ما يُعرف بصفقة القرن أو الجهود المصرية الإسرائيلية لتسكين الأوضاع لسكان قطاع غزة المُحاصر عن طريق متنفس اقتصادي في شمال سيناء يُشرف عليه الجيش المصري.

2- المزيد من التحليل القانوني: 

بالإضافة لتجريم التهجير القسري في الدستور المصري، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، فهناك العديد من القوانين التي لا يبدو أن السلطات المصرية قد راعتها خلال التخطيط للمشروع بما في ذلك قانون البيئة ولائحته التنفيذية على سبيل المثال. لكننا نتوقف عند القانون الأساس الذي يؤسس لأمور نزع الملكية والتعويضات.

ينص قانون 10 لسنة 1990 بشأن "نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة" على أن يُرفق بأي قرار حكومي بشأن نزع الملكية مذكرة تشرح "المشروع المطلوب تنفيذه موضحا بها قيمة التعويض المبدئي الذي يجب إيداعه بحساب الجهة القائمة بإجراءات نزع الملكية" وذلك خلال 6 أشهر من صدور قرار نزع الملكية. كما ينص القانون ذاته على أن تُنشر المذكرة تلك في الجريدة الرسمية. 

وهذا يعني أنه كان ينبغي على الرئيس السيسي أو من يفوضه أن ينشر في الجريدة الرسمية مذكرة إيضاحية خلال 6 أشهر من صدور قرار نزع الملكية في يوليو 2019، أي بحد أقصى يناير 2020، على أن تشرح المذكرة مشروع تطوير الميناء، وما اتخذ بعين الاعتبار من دراسات وإجراءات، كما كان ينبغي أن تحدد المذكرة المبلغ المبدئي المخصص للتعويضات للقوات المسلحة أو الجهة الحكومية التي تتولى مسؤولية نزع الملكية. وبحسب القانون 10 لسنة 1990 يؤول المبلغ المخصص للتعويضات للجهة المسؤولة عن إجراءات نزع الملكية ويودع في حسابها البنكي من طرف الجهة التي تطلب نزع الملكية. 

ولم توضح أي من قرارات السيسي بخصوص ميناء العريش من هي الجهة المسؤولة عن نزع الملكية تحديدا إذ يُمكن أن تفهم نصوص القرارات على أن القوات المسلحة هي الجهة الطالبة لنزع الملكية حيث آلت ملكية الأراضي لها بموجب قرار السيسي 2019 وأن الجهات المحلية التابعة للوزارات المختصة هي المسؤولة عن نزع الملكية. لكن السكان في شهادات وفيرة أدلوا بها في عمليات إخلاء قسري سابقة ولاحقة قد قالوا إن ضباطا من القوات المسلحة كانوا حاضرين مع لجان حصر المنازل ورفع المساحة. على أن التعويضات في عمليات إخلاء قسري سابقة في سيناء كانت تصدر من المجالس المحلية لمدن رفح والشيخ زويد والعريش.

وأدى غياب تلك المذكرة الإيضاحية والمعلومات الرسمية إلى التضارب والمخاوف بشأن غياب التعويضات أو عدم ملائمتها. خصوصا مع تضارب تصريحات محافظ شمال سيناء اللواء عبد الفضيل شوشة في عدد من الاجتماعات واللقاءات مع الأهالي وتصريحات أخرى له رسمية بشأن شروط المستحقين للتعويضات وقيمتها. وينص قانون 10 لسنة 1990 على أن تُحسب التعويضات وفقا لأسعار السوق في وقت نزع الملكية مضافا عليها 20% بحد أدنى. 

وفي 8 فبراير 2022 أصدر المركز الإعلامي لمجلس الوزراء بيانا مقتضبا - وفقا لمحافظ شمال سيناء - ذكر فيه إن التعويضات في مشروع ميناء العريش ستتم قبل البدء في عملية الإخلاء، وذكر البيان إن التعويضات تشمل بدائل بينها "حصول المواطن على تعويض مادي عادل عن سعر الأرض والمبنى، أو الحصول على وحدات سكنية بديلة توفرها المحافظة بمنطقة الريسة، أو قطعة أرض بمساحات 120متراً بمنطقة الريسة." ولم يذكر البيان ماهية التعويض العادل أو آلية احتسابه.

3- المزيد من شهادات السكان: 

التقى فريق مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان بعدد من السكان المحليين المهددين بنزع ملكية منازلهم في منطقة العريش. وتورد مؤسسة سيناء هذه الشهادات بالأسفل على لسان المتحدثين مع تعديل بعض البيانات الشخصية بغية تجهيل هوية المتحدث.

السيدة ل.ح

أنا عندي 40 سنة من سكان حي الريسة، أنا وجوزي تعبنا وشقينا عشان نشتري أرض، إحنا ناس بسطاء جوزي تعب واتغرب سنين بيشتغل، وكنت أصبره واقوله معلش هنشتري أرض نبنيها وتتجمع فيها ونرتاح، والله اكتر من ١٠ سنين غربه وأنا لوحدي. اشترينا الأرض من ٤ سنين ولسه والله ما بنينا فيها بيت، وكنا بنقول خلاص خطوتين ونخلص من الشقى، شوفنا القرار فوضنا أمرنا لله، قعدت أقول الحمد لله. جوزي اتنقل المستشفى من حسرته، أخدوا شقى عمره والله عشر سنين غربه بيحرم نفسه ويضيق علينا علشان الأرض ولما قولتله اصبر نشوف التعويضات قالي التعويضات ملاليم للأراضي اللي مش مبنية. طيب المينا ولا المواطن الغلبان يعني يموتونا علشان يبنوا مينا! 
نواب شمال سيناء قدموا للحكومة مقترحات بأماكن تانية لبناء ميناء جديد اترفضت كلها، طالما فيه اماكن تانيه تنفع ما يسيبونا في حالنا، ده أهالي سيناء تعبوا والله ضاقت بيهم الارض، احنا طول عمرنا بنعاني ومن ٢٠١٤ ضاقت علينا اوي وكل شويه يقولوا مشروع التنمية في سيناء، بنموها لمين؟"

السيدة و.م

أنا عندي فوق الخمسين سنة،  أم وجدة، كان حلمي كله مكان نتجمع فيه أنا وأولادي وأحفادي، جوزي كان طبيب ومتوفي، جمعت ميراثي وميراث ابني وعملنا عمارة جميلة دورين ليها حديقة زرعاها كلها فواكه، وعايشين فيها تسع أفراد. اتفاجأنا بالقرار لا نعرف امتي ميعاد الاخلاء ولا ايه اللي هيحصل ولا حد كلمنا علي التعويضات ولا عارفين هنروح فين، هنبقي اسرة مشردة والله ما عندنا مكان نروح له، احنا لا عمرنا ما اخدنا حاجة من الدولة حتى ولادي لما اتخرجوا متوظفوش في الحكومة وابني اتغرب عشا يشتغل، العمارة دي تجميع ورثي ودهبي وغربة أبني سنين وشقاه، احنا اقل من أن أي مسئول يتواصل معانا يفهمنا هنعمل ايه وتعويضات ايه اللي بيتكلموا عليها، ده أهالي رفح بقالهم ٨ سنين محدش عبرهم طيب ولا حد عاين ولا عمل حصر ولا أي حاجة وفي الاخر يقولوا الدولة بتعوض تعويضات عادلة هتديني مليون جنيه اللي دفعتهم؟
طيب لو عوضونا بعد ٨ سنين زي أهالي رفح انا اسيب بيتي الجميل واخد اولادي واحفادي ونروح فين؟ انا مرتب ابني ٤ آلاف جنيه بيصرف علينا، يدفع ايجار منين؟ نواب عماله تتكلم والدولة مش هتاخد بكلامهم، الدولة هتعمل اللي عايزاه وشايفاه في صالحها مين هيتوجع مين هينداس مش فارقه، الغريبة اني كنت عاشقة لبلدي لكن بيموتونا، احنا اتحولنا لعجزه وما نقدرش نقدم شكوى ولا نفتح بوقنا، احنا شكوتنا لله".

السيدة ر. ع 

انا من العريش ومقيمة في حي  الريسة من سنة 2008 وزوجى عايش في المنطقة دي من سنة 1982 وهو أصغر واحد فى أخواته فما بالك إخواته الكبار 65 سنة فى الريسة، يعني احنا اصحاب الأرض مش الدولة. احنا متضررين بس كل اللي أحنا عايزينه عايزين النواب يوصلوا صوتنا، احنا لو مشينا من الريسة نروح فى مكان آمن محدش يمشينا منه مرة تانية، لأن جيرانا اللي فى الريسة، كانوا أصلا من رفح وبعدين اتهجروا واشتروا فى الشيخ زويد وبعدين اتهجروا واشتروا فى الريسة وبعد قرار الرئيس بتاع حرم المينا دى هتكون تالت مرة يتنزع ملكيتهم منهم، وإحنا مش عايزين يحصل معانا كده، عايزنهم يقولوا على الأماكن إلى هما مش عايزنها علشان حرام نتعب ونشقى عمرنا يروح تانى مرة وراء مرة. ياريت المسؤولين يتكلموا معانا، حضرتك جت لجنة حصر من المحافظة وحصرت البيوت ومعاهم ناس من الجيش، وأخدوا مقاس البيوت وصوروا كل البيوت من بره ومن جوه ولغاية دلوقتى منعرفش حاجة عن التعويضات، انا سألت اللجنة وقت لما حصروا بيتي عن معاد التعويضات وقيمتها قالوا مش عارفين والمعلومات سرية، اللجنة جت لي في شهر مارس تقريبا سنة 2021 وكانت من موظفين من مجلس المدينة ومعاهم ناس من الجيش ومن قسم أول (شرطة العريش) ومهندسين من مديرية الإسكان، إحنا عددنا ٧ أفراد عايشين في بيت مش كبير والدولة قيمت البيت ومعندناش مكان تاني نروح له لو طردونا،،منعرفش التعويض اللي هيدوه لينا يكفي نشتري بيه بيت نعيش فيه ولا زي ما حصل مع اهل رفح والشيخ زويد".



الكلمات المفتاحية