img
أبرز الانتهاكات الحقوقية التي جرت في سيناء بالأسبوع الثاني من شهر يوليو

الملخص:

تزاحمت ظروف الحياة الصعبة والنزوح القسري في العبث بمصير عدد من العوائل النازحة من "رفح" واستقرت للإقامة والسكن على أطراف محافظة "الإسماعيلية"، إذ وثقت مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان تعرض بيوتهم لحملات هدم دون مراعاة لظروفهم الإنسانية القاسية.

 

تفاصيل الانتهاكات:

2020.07.14

نفذت الجهات المختصة التابعة لمحافظة "الإسماعيلية" حملة إزالات للبيوت والهياكل البسيطة الواقعة في منطقة "7 كيلو" التابعة لها، والتي يقطنها مئات الأسر النازحة قسرًا من مركز "رفح"، شمالي سيناء.

أوضح أحد أهالي مركز "رفح" لمؤسسة سيناء لحقوق الإنسان، أن هذه الحملة التي رافقتها قوة أمنية، أزالت البيوت بدعوى أنها شيّدت في منطقة غير مصرح بها، وأن تصنيفها قانونًا هي أراضي زراعية وليست سكنية، مشيرًا إلى أن عمليات الهدم شملت البيوت الخالية والمحلات التجارية، ومنح ساكنو البيوت مهلة لتوفيق أوضاعهم وفقًا للقانون، وهو أمر مستحيل تنفيذه إداريًا ما لم تتدخل السلطات العليا في ذلك.

وهو ما دفع المحامي من "رفح"، "أحمد العسكري"، لكتابة مناشدة وجهها إلى رئاسة الجمهورية يطلب فيها اتخاذ قرار يسمح بتوفيق أوضاع النازحين نظرًا لظروفهم الاستثنائية.

أحد هؤلاء النازحين تحدث في مقابلة مع مؤسسة سيناء: أن عدد الأسر التي نزحت من مركز رفح واستقرت في تلك المنطقة يبلغ عددها نحو 700 أسرة، بما يعادل 3000 مواطن تقريبًا، وبيّن أن القوة الأمنية التي رافقت الحملة قامت بتوقيف عدد من الأهالي، وحررت في حقهم محاضر تعدي وتجاوز على الأراضي الزراعية، دون الأخذ في عين الاعتبار ظروفهم بالغة الصعوبة، وما سببه ذلك لهم في استمرار معاناتهم التي بدأت منذ أن هدمت بيوتهم في "رفح" و أرغموا على الرحيل منها. وأضاف بأن البيوت التي شيّدوها في هذه المنطقة مكونة من هياكل بسيطة، بعضها يسمى محليًا بـ"العشش"، وأخرى تتكون من سقوف معدنية "ألواح صاج"، وهو ما يشير إلى حالة الفقر والعوز التي تعيشها هذه العوائل، مشيرًا إلى أن هذه المنطقة محل الحادثة ورغم أنها مصنّفة على أنها أراضي زراعية، إلا أنها غير مستغلة زراعيًا وهو ما جعلها رخيصة الثمن نسبيًا قياسًا بالمناطق الأخرى. وختم حديثه بالقول: "ما ذنب أطفالنا أن يبدؤا حياتهم من هدم إلى هدم، ومن نزوح إلى آخر، سواء في رفح أو بالإسماعيلية".

وحسب شاهد عيان من السكان المحليين، فإن وجهاء من أهالي "رفح" تدخلوا متوسطين لدى الجهات المختصة في "الإسماعيلية" لوقف عمليات الهدم والإفراج عن المحتجزين، وهو ما حدث فعلًا، إلا أن سيف الإزالة لا يزال قائمًا مع كل حملة موسعة يتم إطلاقها دون أي تقدير لظروف النازحين.

اشتكى أحد النازحين من المعاملة غير المنصفة واللاانسانية التي يواجه بها النازحون من مناطق شمال سيناء، إذ كشف أن حملة الإزالة هذه هي عقاب جماعي للمرة الثانية السكان السابقين لـ"رفح"، موضحًا أن هناك العديد من العوائل التي تقطن معهم في المنطقة وضعوا كل مدخراتهم وما يملكون في تأسيس هذه البيوت ومن بعد هدمها اصبحوا مشردين تماما، وتساءل باستغراب: "هل القانون يلاحقنا فقط دون غيرنا"؟! 

وقد سجّل فريق الرصد والتوثيق بمؤسسة سيناء لحقوق الإنسان وقوع حملات هدم وإزالة سابقة لذات الخلفية، شملت مناطق النازحين في "أبو طفيلة" و"الكيلو 17" في محافظة الإسماعيلية، وقد جرت بأوقات متفرقة في شهر أكتوبر من العام 2018 و2019، وكذلك خلال شهري فبراير ويوليو من العام الجاري.

وفقاً لآخر إحصائية للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء عام 2016، فإن مركز "رفح" الحدودي يضم نحو 77,206 نسمة، موزعين على 11 قرية، وهي "أبو شنار، والمطلة، والحسينات، والخرافين، والوفاق، والطايره، والمهدية، ونجع شبانة، وجوز أبو رعد، والكيلو 21، والبرث". جميع هذه القرى تخلو تمامًا من السكان عدا الأخيرة.

وتم ترحيل سكان المنطقة العازلة التي تمتد لمسافة 5 كم داخل عمق الأراضي المصرية و تحاذي الحدود المشتركة مع قطاع غزة، قامت الحكومة بصرف تعويضات مالية لبعض المدنيين المهجرين بينما لم يتقاضى معظمهم أية تعويضات بعد رحيله بخمس سنوات رغم وعود الحكومة المصرية ، بينما رحل بقية السكان الذي لا يقيمون داخل حدود المنطقة العازلة بسبب سقوط القذائف والإطلاقات العشوائية وانقطاع سبل الحياة الكريمة في المنطقة بعد اشتداد الاشتباكات بين الجيش المصري و"داعش" وتحوّل مناطق سكناهم إلى ساحة حرب، ولم يخصص لهؤلاء أية تعويضات مالية.

يُعد النزوح القسري من شمال سيناء أحد أبرز الظواهر المأساوية فيها، وقد نتج بعد معاناة بالغة الشدة عاشها السكان المحليون جراء الصراع العنيف والانتهاكات الجسيمة لحقوقهم، وحرمانهم من أبسط مقومات الحياة. بموجب المبادئ التوجيهية التي أعدتها الأمم المتحدة بشأن "التشريد الداخلي"، فإن على الحكومة المصرية التزام قانوني بمعاملة "المشردين داخليًا" على "قدم المساواة التامة، بنفس ما يتمتع به الأشخاص الآخرون في البلد من حقوق وحريات بموحب القانون الدولي والمحلي. ويجب ألا يميّز ضد هؤلاء الأشخاص في التمتع بأي من هذه الحقوق والحريات"، كما أشار المبدأ الثالث من هذه الوثيقة إلى: "تقع على عاتق السلطات الوطنية، في المقام الأول وفي نطاق ولايتها، واجب ومسؤولية توفير الحماية والمساعدة الإنسانية للمشردين داخلياً".

كما أشارت هذه الوثيقة إلى ضرورة "عدم التمييز" في تطبيق مبادئها، كما وجهت صراحة واجبًا على السلطات المعنية بأن عليها و"قبل اتخاذ أي قرار يقضي بتشريد أشخاص، أن تعمل على استطلاع كافة البدائل الممكنة لتجنب التشريد كلية. فإذا لم توجد بدائل اتُخذت كافة التدابير للإقلال إلى أقصى حد من التشريد ومن آثاره الضارة"، كما ذكرت في المادة 18 أن للمشردين داخليًا "الحق في التمتع بمستوى معيشي لائق"، وأن على السلطات المختصة أن تكفل تقديم الأغذية الأساسية والمياه الصالحة للشرب والمأوى الأساس والمسكن والخدمات الطبية والمرافق الصحية الأساسية للمشردين داخليًا، مهما كانت الظروف ودونما تمييز.



مقالات متعلقة