img
الانتهاكات الحقوقية التي وقعت بالأسبوع الرابع من أغسطس في سيناء

الملخص:

عمّق تنظيم "داعش" من هجماته التي يقوم بها داخل المناطق السكنية، ومنها تفجيره لسيارة مفخخة في قرية "قاطية" التابعة لمركز "بئر العبد" مستهدفًا فيها الجيش المصري، كما أقدم على زرع عبوات ناسفة في قرية "أقطية" عرقلت من عودة الأهالي التي نزحوا منها جراء هجماتها التي شنّها في شهر يوليو الماضي. إلى جانب ذلك، كشفت مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان تضمّن بيان عسكري رسمي معلومات مزيّفة مضللة.
 

تفاصيل الانتهاكات:

2020.08.26

في إجراء ونمط متكرر تستخدمه السلطات للتنصل من الإعلان الرسمي عن وقوع قرى ومناطق تحت سيطرة "داعش"وما يترتب على ذلك من واجبات نحو المدنيين المتضررين؛ استخدم الجيش المصري أشخاصًا معروفين على مستوى المنطقة لدعوة أهالي قرية "أقطية" للعودة إلى بيوتهم بعد أن انتهى من تطهيرها من العناصر المسلحة، وفقًا للإعلان الذي تداوله الناس.

إذ أبلغنا عدد من السكان المحليين من القرية، أن هؤلاء الأشخاص نشروا تعليمات أمنية تنظم عودة الأهالي، وهي تقديم معلومات عن أفراد العائلة واحدة من حيث بطاقاتهم الشخصية وأرقام هواتفهم لكتيبة "رابعة" لتحديد موعد لعودتهم لاحقًا إلى القرية.

وفي تاريخ 26 أغسطس، نشرت صفحة "شباب قاطية" على موقع فيسبوك، منشور منسوب لشخص يدعى "عماد اليماني" يدعي فيه ورود اتصال له ولشقيقه "عرفة اليماني" من الجهات الرسمية في الساعة 09:00 صباحًا تطلب منه إبلاغ أهالي قرية "أقطية" أن يستعدوا للرجوع إلى منازلهم التي نزحوا منها بعد اقتحام مسلحي "داعش" للقرية واستيلائهم عليها، مضيفًا أن السلطات حددت صباح يوم الخميس الموافق 27 أغسطس موعدًا لدخول الأهالي للقرية.

بعد مضي ساعات قليلة، وتحديدًا عند الساعة 15:00 من نفس اليوم، تحدث عن ورود اتصال آخر له من السلطات، يخبره بتأجيل موعد الدخول إلى القرية بسبب وجود عبوات ناسفة في داخلها، وأن القوات المسلحة ما زالت تعمل على تطهير المنطقة، وأن القيادة العسكرية ارتأت تأجيل الرجوع للقرية يوم واحد أو يومين حفاظًا على أرواح المواطنين، والتأكد من خلو المكان من أية عبوات ناسفة موجهة لاستهداف الجيش أو إرهاب الأهالي.

وفي 28 أغسطس، نشرت "شباب قاطية" منشورًا نقلًا عن "محمد نافل"، دعا فيه كل من يقيم في قرية "أقطية" بإحضار بطاقات العائلة الشخصية مرفقة برقم هاتف كل أسرة، وتسليم هذه المعلومات لكتيبة "رابعة" لحين انتظار تعليمات جديدة بهذا الخصوص. ووفقًا لعدد من السكان المحليين، فقد استقبلهم معسكر الجيش واستلم منهم البطاقات الشخصية وفرض عليهم التوقيع على "إقرار" بصحة المعلومات الواردة، وأن صاحب التوقيع تقع عليه "مسؤولية كاملة عن إبلاغ القوات المسلحة في حالة مشاهدة أي عناصر غريبة غير مقيمة بالقرية، أو أي أجسام غريبة أو أسلحة أو ذخيرة". 

ولم يتبين مصير القرى الثلاثة الأخرى التي استباحتها "داعش"، وهي "الجناين" و"المريح" و"قاطية"، والتي سيطر عليها التنظيم منذ هجومه على معسكر قوات الجيش في قرية "رابعة" نهاية شهر يوليو المنصرم.

تلجأ القوات الأمنية في شبه جزيرة سيناء، في معظم الأحيان، لتجنب نشر بيانات رسمية متعلقة بالصراع اليومي الذي تخوضه في شمال سيناء، وتلجأ لإيصال رسائلها وبلاغاتها للسكان المحليين عبر مدنيين مقربين منها، ليسهل عليها التنصل من أية مسؤوليات قانونية من الممكن أن ترتب على هذه الإعلانات، ومنها وجوب توفير الحماية الكاملة للمدنيين من الهجمات ومخاطر العمليات العسكرية وصون حياتهم من أية أعمال انتقامية تستهدفهم.

من جانب آخر، فإن "داعش" لا يخشى على المدنيين في تنفيذ عملياته العسكرية، وقام مراراً بهجمات عشوائية لا تفرق في الاستهداف بين مدني وعسكري، واستخدام قنابل وسيارات مفخخة في استهداف أهداف عسكرية أودت بحياة الكثيرين من المدنيين، في مخالفة صريحة للأعراف وقوانين الحرب، ومنها الفقرة 5 من المادة 51 من البروتوكول الأول لاتفاقية جنيف، التي اعتبرت الهجمات العشوائية انتهاكًا جسيمًا يحاسب قانونًا من يرتكبه.

 

2020.08.29

أقدم تنظيم "داعش في سيناء" على تنفيذ عملية انتحارية بسيارة مفخخة استهدف فيها تجمعًا للجيش في قرية "قاطية" التابعة لمركز "بئر العبد"، وفقًا لما نشره إعلام التنظيم. وقد استخدم الانتحاري سيارة تعود لمدني مختطف لديه يدعى "محمد حسن شبانة"، والذي وثقت مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان اختطافه بتاريخ ٢٤يوليو ٢٠٢٠. 

لا يتورع عناصر تنظيم "داعش" عن مهاجمة المدنيين في سيناء، واستخدامهم كدروع بشرية وأدوات في نزاعه الدموي مع الجيش المصري، كما ثبت في وقائع عدة سلبه لممتلكات المدنيين وتنفيذ عمليات قتل خارج نطاق القضاء.

ينبغي على التنظيمات المسلحة وأطراف النزاع الأخرى النأي عن المدنيين وعدم استهدافهم وتمييزهم عن المقاتلين والأهداف العسكرية، يفرض البروتوكول الأول الإضافي إلى اتفاقيات جنيف 1977 قاعدة أساسية في المادة 48 جاء فيها: "تعمل أطراف النزاع على التمييز بين السكان المدنيين والمقاتلين وبين الأعيان المدنية والأهداف العسكرية، ومن ثم توجه عملياتها ضد الأهداف العسكرية دون غيرها، وذلك من أجل تأمين احترام وحماية السكان المدنيين والأعيان المدنية".

 

 

2020.08.30

نشر المتحدث العسكري باسم الجيش المصري، عبر صفحته الرسمية في فيسبوك، بيانًا مرئياً (فيديو)عن حصاد عمليات الجيش في سيناء للفترة بين 22 يوليو إلى 30 أغسطس، مرفقًا فيه مجموعة من الصور القتلى ممن وصفهم بالإرهابيين.

قام متخصصون من مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان بتحليل ما ورد في فيديو المتحدث العسكري من أحداث وصور، وتبيّن أن الجيش قام بتزييف وفبركة بعض من أحداث الفيديو، إذ ظهرت فيه صورة لجثة تعود لـ"عنصر متشدد" وضعت داخل صندوق سيارة عسكرية، قال المتحدث العسكري أنه قتل في اشتباكات مع الجيش المصري خلال العمليات الجارية في محيط قرية "رابعة" في الفترة المشار إليها وفقاً لما ورد في البيان. وبعد بحث وتحري ومراجعة لأرشيف المؤسسة، اتضح تطابق الصورة المنشورة للقتيل في بيان الجيش مع أخرى كانت قد وردت في فيديو مسرب لنشطاء في وسائل التواصل الاجتماعي بتاريخ 19 مارس 2020، والتي قام فيها ضابط بحرق جسد القتيل وقطع أصابعه والتمثيل بجثته، ولا تستطيع المؤسسة مشاركة المحتوى المشار إليه مع العامة حفاظًا على مشاعرهم وإيمانًا منها بوجوب صون كرامة الإنسان، أيًا كان، حيًا أو ميتًا، وأتساقًا مع المبادئ القانونية التي تعتمدها في عملها، وهي المعاهدات والقوانين الناظمة للنزاعات المسلحة غير الدولية، والتي اعتبرت التمثيل بالجثث أثناء الصراعات جريمة حرب لا تسقط بالتقادم.

أخيرًا، يضع تزييف بعض الأحداث الذي تضمه بعض بيانات المتحدث باسم الجيش مصداقيته على المحك؛ وتجعل من الواجب التعامل بحذر مع بياناته ومحاولة التثبت من أية أرقام ومعلومات يقوم بنشرها، في ظل غياب الشفافية والمحاسبة وتفعيل قانون الطوارئ؛ وفي ظل حملات الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري ومنع السلطات الرسمية للجهات الحقوقية والصحفية المستقلة من التحرك بحرية داخل سيناء.

 



الكلمات المفتاحية


مقالات متعلقة