img
نازحون من قرى "بئر العبد" يروون شهاداتهم حول هجوم معسكر "رابعة"

يُعد هذا الإصدار من النشرة الأسبوعية عددًا استثنائيًا، إذ دوّنت فيه شهادات 6 نازحين من القرى التي جرت فيها اشتباكات جراء هجوم تنظيم "داعش" على معسكر للجيش يقع في قرية "رابعة" التابعة لـ"بئر العبد"، شمالي سيناء.

الملخص:

أجرت مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان لقاءات مع عددًا من المواطنين الذين نزحوا قسرًا من قرى "الجناين" و"قاطية" و"إقطية" و"المريح" على إثر الهجوم المسلح الذي نفذه تنظيم "ولاية سيناء" التابع لداعش في 21 يوليو الماضي، والذي استهدف فيه معسكرًا للجيش المصري يقع في قرية "رابعة" التابعة لمركز "بئر العبد"، ثم سرعان ما توّسع نطاق الاشتباكات ليمتد إلى القرى المشار إليها أعلاه. نتيجة لهذا الهجوم، نزح معظم سكان هذه المناطق باتجاه أخرى أكثر أمنًا، كما فرض التنظيم المتطرف سيطرته على هذه القرى لنحو 70 يومًا.

 تُعد الروايات التي دوّنتها مؤسسة سيناء على لسان الضحايا شهادات حية لما نتج عن هذا الاشتباك، وهو نموذج لما آلت إليه أوضاع شمال سيناء منذ عدة سنوات.

 تفاصيل الشهادات:

2020.09.27

أطلق ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي مناشدات إلى الجهات الأمنية لاتخاذ قرار سريع بإعادة الأهالي النازحين من قراهم التي تتبع "بئر العبد"، والذين قُدر عددهم بعض من أعيان المنطقة بأكثر من 5 آلاف عائلة، بعد أن هجروا منذ 21 يوليو الماضي، وهم بعيدون عن قراهم وبيوتهم ومصادر عيشهم، مقابل معاناة كبيرة من شظف العيش، وسوء الواقع المعاش في مناطق نزوحهم.

 تابعت مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان عددًا من نازحي هذه القرى، بعد أن قامت في شهر يوليو وأغسطس الماضيين بتوثيق ما جرى معهم ونشرت ذلك في تقارير أسبوعية وشهرية متوفرة على الموقع الإلكتروني للمؤسسة.

روى رجل في منتصف الأربعينيات من عمره، نزح من قرية "الجناين" التابعة لـ"بئر العبد"، أنه منذ أكثر من 70 يوماً لم يصل إلى منزله، ويترقب الأنباء عن القرى المهجورة من العابرين، ويخشى من نفاذ مدخراته، التي يدفع منها تكلفة إيجار البيت الذي يأويه مع خمس من أفراد عائلته، إضافة إلى مصاريف حاجاتهم اليومية الأساسية من مأكل ومشرب.

 خلال فترة نزوحه، حاول زيارة القرية لمرة واحدة، بعد تداول أنباء بين الأهالي بالسماح لهم بدخول القرية إلا أنه منع من الدخول مع مجموعة من المواطنين، تحت تهديد السلاح وإطلاق عيارات نارية في الهواء من قبل قوات الجيش التي تسيطر على القرية.

 أحد المزارعين النازحين من قرية "قاطية" إلى قرية "رمانة"، كشف لمؤسسة سيناء حجم خسارته جراء هذه الأحداث، حيث أوضح أنه كان يمتلك ما يقدر بحوالي 20 نخلة مثمرة حان موسم قطافها، يقدر سعر كيلو التمر المستحصل منها بنحو 10 جنيهات، وأن مصيرها غير معلوم بعد أن تركها خلفه، متوقعًا أنه سيخسرها جميعًا في حالة استمرار منعه من الوصول إليها مما يعني أن الموسم سينقضي دون أن يستفيد أو يدخر ما كان يكفيه للإنفاق على أسرته طوال عام.

 مزارع آخر أوضح لمؤسسة سيناء كيف أن معاناته هو وأسرته تضاعفت بعد نزوحه المزدوج، عندما نزح أولاُ من "الشيخ زويد"، ليستقر قرية "إقطية" التي استأجر فيها منزلاً متواضعاً بعد عناء كبير، لينزح مجدداً منها إلى محطة جديدة ومعاناة أكبر في "عريشة" من سعف النخيل تستر أسرته قرب عرائش اخرى، يقطنها في الغالب نازحون آخرون على أطراف قرية "جلبانة" التابعة إداريًا لمحافظة الاسماعيلية. وهو يعيش فيها إلى جانب 4 أطفاله، ويعمل في إحدى المزارع القريبة كفلاح بأجر يومي لا يكاد يكفيهم نفقات الطعام، هذا الوضع المعيشي الصعب يقف حائلًا من إلتحاق2 من أبنائه بالدراسة في المرحلة الإبتدائية رغم بعد بلوغهم السن القانوني لذلك، فهو لا يستطيع أن يوفر لهم المستلزمات الدراسية لهم، وختم كلامه بالقول: "لنا الله، نحن متروكين لا نخطر على بال أحد".

 يضيف نازحان آخران يسكنان متجاورين في قرية "رمانة" التابعة لمركز "بئر العبد"، أحدهما نازح من "رفح" والآخر من " قاطية"، إن فارق المسافة بين المنطقتين يبلغ أكثر من 100كم، إلا أن المعاناة والأسباب التي أدت إليها واحدة، حيث نزح الأول من "رفح" بداية ثم امتدت العمليات العسكرية والنزاع المسلح بين قوات الجيش وعناصر تنظيم داعش المتطرف حتى وصلت لقرية "قاطية" التابعة لمركز "بئر العبد"، حيث كان تلك النزاعات كفيلة بتوحيد المعاناة على أوسع نطاق.

 يقول النازح من "رفح"، وهو في الستين من عمره: "تركنا خلفنا آلاف الفدادين المزروعة بثمارها، ودمرت بيوتنا، ونتسول التعويضات، ولم نرغب في أن نرى تلك المأساة تتكرر لأحد، إلا أمسينا الآن في الهم شخص واحد".

فيما يضيف النازح الآخر من قرية "قاطية": "هناك من يتخصص في تنغيص حياتنا وكأننا في سيناء لابد أن نعاقب ونحاسب على فواتير للغير ومطلوب منا أن نصمت فقط، حتى صوت ألمنا ممنوع نشره وإذاعته، بينما تحتل القضايا التافهة البرامج الإعلامية ليل نهار".

 سيدة نازحة من قرية "المريح"، تبلغ من العمر 55 عاماً، استقرت في "عريشة" مع أسرتها في أطراف قرية "رمانة"، أفصحت لفريق مؤسسة سيناء عن شوقها إلى الطيور التي كانت تربيها في منزلها، وأنها تنتظر الرجوع إليهم بفارغ الصبر، لكنها تقول بحزن أن من المرجح عدم بقائهم على قيد الحياة حتى الآن، قالت للمؤسسة: "عند عودتي سأستأنف عملي بتربية الطيور في المنزل،  فهي تمثل مصدر دخل لي، فزوجي توفي تاركًا لي بنتين وولد يعملون في المزارع بالأجرة"، وأكدت أنها لم تأخذ أي تعويضات أو مساعدات حكومية سواء مواد غذائية أو مالية.

من جانب آخر، فقد ورد إلى إدارة الزراعة بقرية "رمانة"، إخطار رسمي بالتنبيه على المزارعين النازحين والمتضررين من الأعمال العسكرية، بالتوجه الى الوحدات الزراعية القريبة من محال سكناهم، من أجل تقديم طلب بالتعويض مع إثبات الأضرار الزراعية التي وقعت عليهم كلياً أو جزئياً مشمولة بذلك مزارع الدواجن والمشاريع الزراعية.



الكلمات المفتاحية


مقالات متعلقة