img
سجن الجفجافة بسيناء.. استثمار للجيش و انتهاكات محتملة
23 يناير 2024

لندن – 23 يناير 2024

قالت مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان اليوم إن السلطات المصرية قد عكفت على إنشاء مجمعا ضخما للسجون في منطقة صحراوية معزولة بالقرب من قرية الجفجافة التابعة لمدينة الحسنة، على نحو شبه سري. يتبع المجمع الجديد وزارة الداخلية بينما تشرف على إنشائه الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، وقد بدأ العمل عليه قرب نهاية 2021. تشير بيانات حكومية رسمية إلى أن عدد سكان مدينة الحسنة التي يقع بها السجن الجديد، عام 2021 بلغ 22680 نسمة، في حين تشير الرسوم الهندسية التي اطلعت عليها المؤسسة والمعلومات التي حصلت عليها إن سجون مجمع الجفجافة تتسع لنحو 20,000 سجين. أي أن سعة السجن تعادل تقريبا عدد السكان في المنطقة.

 

حصلت المؤسسة على صور حصرية من الأرض وصور من طائرة استطلاع لمجمع السجون التقطت في سبتمبر 2023، كما قامت المؤسسة بتحليل صور أقمار صناعية حصلت عليها بتاريخ 17 مايو 2023 وأخرى في سبتمبر 2023 تظهر إنجاز قدر كبير من عمليات الإنشاء للسجن. كما تظهر الصور إن السلطات قامت بتجريف مزارع مملوكة لمدنيين لإنشاء السجن. ويقع المجمع على مساحة تبلغ نحو 6 كم مربع بطول نحو 3 كم وعرض 2 كم، ويتشابه إلى حد كبير في تصميمه مع مجمع سجون وادي النطرون الذي افتتحته الدولة في 2021. 

قال أحمد سالم مدير مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان:

إن غياب المعلومات والشفافية حول مجمع سجن الجفجافة يثير المخاوف بشأن عدد من القضايا الحقوقية المتصلة، من بينها ملكية الأراضي المقام عليها السجن، وقدرة الأهالي على الوصول له، واستخدامه لاحقا لعزل السجناء عن العالم.

 

تتبع منطقة الجفجافة إداريا مدينة الحسنة في محافظة شمال سيناء، وحسب خرائط المصادر المفتوحة يقع السجن في منطقة صحراوية جبلية، وهي منطقة منخفضة الكثافة السكانية بشكل يجعل معه إقامة سجن بهذا القدرة الاستيعابية الكبيرة أمر مثير للاستغراب. كما يبعد مجمع السجون عن أقرب تجمعات عمرانية في مدينة بئر العبد، على سبيل المثال، نحو 65 كم شمال السجن. كما لا تربط هذه المنطقة أي خطوط مواصلات عامة، ما يجعل أي نزلاء في ذلك السجن في وضع معزول عن العالم، ويصعب من محاولات الزيارة لأهالي السجناء.

 

 ويشمل المجمع ستة سجون، ويدل الحجم الكبير للسجن على أنه سيستقبل على الأرجح سجناء من خارج سيناء أيضا مما يعني صعوبة أكبر لذويهم في بقية المحافظات للوصول لموقع السجن. تظهر المعلومات الواردة في الرسم الهندسي الخاص بالسجن، والذي اطلعت عليه المؤسسة، أن السجن مكون من :

 

  • أربع سجون (نمطي)، كل منها بسعة 3360 نزيل (مساحة 7794 متر مربع)، ثلاثة منها سجون رجال، و أحدها رجال ونساء.

  • سجنين مشدد، كل منهما سعة 3312 نزيل (مساحة 38400).

  •  مجمعين للمحاكم، كل منهما 8 قاعات.

  • مبنيين سكن ضباط جماعي، سعة 48 ضابط لكل منهما.

  • مبنيين سكن ضباط عائلي، 11 وحدة لكل منهما.

  • مبنيين سكن أفراد وعاملين، سعة 360 فرد لكل منهما.

  • مبنى كتيبة مجندين سعة 600 مجند.

  • وحدة خيالة سعة 10 حصان، وحدة كلاب سعة 30 كلب.

  • عدد 14 برج مراقبة ارتفاع 25 متر،

  • عدد 358 برج حراسة ارتفاع 9 متر.

يقع السجن شرق مطار البردويل على بعد نحو 8 كم وعن قرية الجفجافة ومجمع الرخام والجرانيت بالجفجافة نحو 5 كم. مطار البردويل يعرف أيضا بمطار المليز أو مطار بير جفجافة وهو مطار عسكري في الأساس، وفي 2019 قالت السلطات إنها حولته إلى مطار "دولي" على أن الأدلة تشير إلى أن استخدامه حتى الآن هو لأغراض عسكرية بالأساس، إذ لا يخدم المطار حتى الآن أي رحلات تجارية.

صورة تظهر أعمال الإنشاء في سجن الجفجافة الجديدة بتاريخ 17 مايو 2023. المصدر Planet.com

 

تبعد مدينة بئر العبد عن للسجن نحو 65 كم. المصدر Google earth pro​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​

​​​​​​​مجمع السجون يقع على شكل دائرة، تحيط بها من الخارج أسوار عالية الارتفاع. تنقسم الدائرة إلى قطع، يقع في كل قطعة منها عدة مباني.. القطعتان في يسار ويمين الدائرة داخلهما عدة مبان متساويان في العدد والشكل. أما القطع الأخرى فيقع بكل منها أربع مباني، كل منهم على هيئة حرف H. 

يقع في منتصف الدائرة على مسافة متساوية من كل القطع ما يبدو أنها مبنى مركز القيادة والتحكم لمراقبة السجن بصورة كاملة. كما تقع المستشفى في الجزء الجنوبي من الدائرة. عند المدخل يقع مجمع المحاكم الخاص بالسجن. قامت حكومة السيسي منذ وصوله السلطة في 2014 في "تطبيع" إقامة المحاكمات، خاصة المحاكمات في قضايا سياسية أو مسيسة، داخل قاعات خاصة في السجون وإدارات أمنية، ثم قامت الحكومة بترسيخ ذلك عبر بناء قاعات محاكم في السجون الجديدة التي بنيت في السنوات الماضية. يعد ذلك إخلالا بمبادئ استقلال القضاء مكانيا، كما يرسخ من الانتهاكات المتعلقة بصعوبة الوصول للمحاكمة للأهالي والمحامين والإعلام، ويهدد مبدأ علانية المحاكمة على نحو مستمر. 

 

قالت مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان إنه بالنظر لموقع مجمع سجون الجفجافة المعزول فإن أي محاكمات تقام فيه مستقبلا ستعني صعوبة بالغة للمحامين وذوي المساجين في الوصول للسجن.

 

يحيط بالسجن من الخارج مساحة زراعية كبيرة. تتطابق كذلك مع مجمعات السجون الجديدة. تستخدم وزارة الداخلية عساكر الأمن المركزي المعنيين بحراسة السجون وكذلك المساجين أحيانا في أعمال ربحية منها الزراعة. وذلك في نمط متصاعد من النشاط الاقتصادي الغير شفاف لوزارة الداخلية، التي تزعم عادة أن تشغل المساجين في الحرف المختلفة هو نوع من إعادة تأهيلهم وأن المساجين يحصلون على جزء من عائد مبيعات تلك الأنشطة الاقتصادية.

 

تظهر صور الأقمار الصناعية التي راجعتها مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان إن العمل على إنشاء السجن بدأ في أكتوبر 2021.


​​​​​​​كما يظهر تحليل الصور إن بناء السجن تم بعد إزالة ما يقارب من كيلو متر مربع من الأراضي الزراعية، قامت السلطات بنزع ملكيتها من أصحابها دون تقديم تعويضات مالية لهم وفقا لمقابلتين أجرتهما المؤسسة مع اثنين من السكان المحليين. كان موقع "مدى مصر" قد أورد في تقرير له في أبريل 2022 أن الهيئة الهندسية تشرف على إنشاء ذلك السجن. و يتطابق ذلك مع الوضع في سيناء إذ تسيطر مؤسسات الجيش الاقتصادية على أغلب – إن لم يكن كل – الإنشاءات الهندسية والمشروعات الاقتصادية في سيناء منذ 2014. كما أورد التقرير أن مدى مصر اطلع على تصميمات هندسية لشركة مقاولات تم تقديمها بناء على طلب الهيئة الهندسية للقوات المسلحة. وأن سعة سجون مجمع الجفجافة تقدر بنحو 20 ألف سجين. وقال "مدى مصر" نسبة لمصدرين إن السلطات أنشأت السجن على "مزارع زيتون" مملوكة للأهالي وذلك بعد تجريفها وحرقها. 

 

ترفض السلطات المصرية إتاحة أي معلومات عن عدد السجون في مصر وأي إحصائيات أو دراسات عن عدد السجناء و أحكامهم وطبيعة جرائمهم، وهي في هذا المنطلق تتعامل مع كافة ما يتعلق بالسجون ك "سر عسكري" لا ينبغي معرفته. يتناقض ذلك مع حق المواطنين في الوصول للمعلومات كما يقوض عمل الجهات المستقلة والمؤسسات الحقوقية في توثيق الانتهاكات ويعيق كذلك الدراسات الاجتماعية الهامة كتلك المتعلقة بدراسة الجريمة على سبيل المثال.

للمزيد من الصور والفيديوهات التي حصلت عليها المؤسسة، انظر بالأسفل

مساحة السجن الخارجية بما في ذلك الأسوار المحيطة به نحو 6 كم مربع

 

​​​​​​​تفاصيل مباني سجن الجفجافة.

خارج السجن يتم استصلاح بعض الأراضي ومن المرجح تحويلها الى صوب زراعية على غرار مراكز الإصلاح والتأهيل الأخرى.

​​​​​​​المساحة الزراعية المحيطة بالزنازين متطابقة بين السجنين

​​​​​​​مراحل الإنشاء​​​​​​​

الأراضي الزراعية التي تم تجريفها لإنشاء السجن

 

يتم العمل على إنشاء السجن بوتيرة سريعة. حيث يظهر الفارق بين صورة مايو 2023 التي حصلت عليها المؤسسة وصورة سبتمبر المنشورة حديثا على خرائط جوجل الانتهاء من مبنى المستشفى الخارجي ومركزين من السجون الفرعية وعدة أسوار داخلية وأبراج المراقبة.

​​​​​​​​​​​​​​مقارنة بين مايو وسبتمبر 2023. يظهر في سبتمبر 2023 الانتهاء من بعض العنابر والمستشفى

 

التطابق مع السجون الأخرى

يتطابق تصميم سجن الجفجافة الجديد مع مركز الإصلاح والتأهيل في وادي النطرون. حيث يتطابق نصف القطر الداخلي المقام عليه مباني السجن مع وادي النطرون بنصف قطر يبلغ نحو 390 متر.

​​​​​​​يطابق تصميم السجن الجديد نفس تصميم مراكز الاصلاح والتأهيل التي أعلنت عنها وزارة الداخلية خلال السنوات الماضية.  تتشابه تصاميم مراكز الإصلاح والتأهيل في التصميم العام لها وتصميم الزنازين ومساحاتها الداخلية. إلا أن السجن الجديد يتطابق مع أول مركز الإصلاح والتأهيل تم الإعلان عنه وهو مركز وادي النطرون للإصلاح والتأهيل. ما يعني أن التقسيم الداخلي للمركز سيكون متطابقا ايضا. وكان السيسي قد أعلن في سبتمبر 2021 قبيل افتتاح مجمع وادي النطرون إن الدولة عاكفة على إنشاء 7 أو 8 مجمعات سجون جديدة.

​​​​​​​​​​​​​​اللون البنفسجي: سلالم للتوصيل بين الأدوار المختلفة.
​​​​​​​اللون البرتقالي يشير إلى الزنازين.
اللون الأصفر يشير للساحة المفتوحة أمام الزنازين.

 

الفيديوهات الحصرية

حصلت المؤسسة على مجموعة من الفيديوهات المصورة أثناء عملية البناء

​​​​​​​ فيديو 1: يظهر عمليات حفر السور المحيط بالسجن.​​​​​​​

Geolocation: 30°26'57.55" N  33°13'03.53" E​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​

​​​​​​​
فيديو 2: يظهر عمليات الرصف في الجانب الخارجي من السجن أمام السور الأمامي.​​​​​​​

​​​​​​​Geolocation 30°26'58.86" N  33°12'58.49" E​​​​​​​

فيديو 3: تصوير جوي للقيادة المركزية للسجن.

Geolocation: 30°26'11.20" N  33°12'45.73" E

فيديو 4: يظهر عمق الحفر لبناء السور. يصل عمق الحفر لنحو 2.5 لـ 3 أمتار تقريبا.

​​​​​​​Geolocation: 30°26'56.71" N  33°13'03.52" E