img
انتهاكات الأسبوع الأول من شهر ديسمبر في سيناء

الملخص:

عمّقت السلطات المصرية من ممارسات استهدافها للمدنيين في بئر العبد، حيث استمرت حملة اعتقالاتها العشوائية التي بدأتها منذ الشهر الماضي على خلفية اختطاف مواطن قبطي من قبل عناصر يرجح انتماؤهم لداعش، حيث أقدمت القوات الأمنية على تنفيذ حملة اعتقالات على الهوية طالت النازحين من الشيخ زويد ورفح.

خلال هذا الأسبوع، وثقت مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان شهادات 4 من شهود العيان ممن كانوا على تماس مباشر مع الحملة، واحداً منهم كان ممن اعتقلوا ثم أطلق سراحهم بعد أيام من الاحتجاز غير المبرر.

 

تفاصيل الانتهاكات

انتهاكات السلطات وقوات إنفاذ القانون المصرية 

النازحون من الشيخ زويد ورفح مستهدفون باعتقالات عشوائية غير مبررة في بئر العبد

2020.12.03

استمرت السلطات الأمنية في بئر العبد في حماة الاعتقالات العشوائية التي طالت السكان المحليين في بئر العبد، حيث تركزت مؤخراً على النازحين من الشيخ زويد ورفح المقيمين في المدينة، وذلك ضمن حزمة عقوبات جماعية أطلقتها تجاه المدنيين على إثر اختطاف أحد المدنيين الأقباط، ويدعى "نبيل حبشي سلامة" على يد مسلحين يرجح أنهم من داعش في تاريخ 2020.11.08 من أمام منزله الكائن في حي "الغزلان" بمدينة بئر العبد، وقد وثقت مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان تفاصيل الواقعة وما أعقبها من إجراءات تعسفية في تقريرها لشهر نوفمبر.

وقد جرت الاعتقالات القائمة على الهوية عقب اختطاف المواطن المسيحي، واستهدفت النازحين المقيمين في المدينة، الذين استقروا فيها على إثر موجات نزوح مختلفة. 

قال أحدهم، وهو مزارع نزح من جنوب الشيخ زويد إلى مركز بئر العبد منذ عام 2018:

"كنت واقف قدام محل بقالة في حي الغزلان شرق بير العبد.. و شفت عربيات الحكومة "الشرطة" ورا بعض فيها مدرعات وبوكسات انتشرت في المكان، ونزل منها ضباط لابسين مدني وفيه منهم لابسين ميري ومعهم سلاح وكانوا بيشاوروا على مداخل الشوارع، و هنا بدأ الانتشار وعملية التفتيش لكل واحد بيمشي من عندهم وبيشوفوا بطاقات الناس و بيسألوا أنت تبع مين بيقصدوا من قبيلة ايه؟ و وين ساكن؟ و هل حواليك ناس من رفح و الشيخ؟.. طبعا اللي بيتصادف من الناس الماشية أنه يكون من الشيخ أو رفح بيحطوه في عربية ترحيلات زرقا كانت معاهم".

ويضيف الشاهد "أخذوا حتى شباب صغير من طلبة الثانوية اللي كانوا في طريقهم للدروس.. الوضع هذا استمر من الصبح حتى العصر والعربية الزرقاء كل ما تنملي ناس بتروح مع حراسة مدرعتين إلى القسم بتفضي وترجع تاني تتملي بالمحجوزين، ولد عم لي أخذوا ابنه تقريبا يوم 2 ديسبمر 2020، وهو مسافر عند كمين بئر العبد، نزلوه لأنه من الشيخ زويد، وكان رايح لقرايب له في القصاصين وهو بيعمل هناك مزارع بالإيجار، و علمنا من الناس أنه في قسم بئرالعبد، أرسلنا أكل وشرب له مع واحد صاحبنا بيعرف أمناء الشرطة في القسم، أمين الشرطة قال ليهم اسمه معروض على الأمن الوطني في العريش، لما يجينا رد بنشوف مصيره ايه؟ يا يروح العريش يا نطلقه من هني". 

يتابع الشاهد "سمعنا أن القصة هيذي تكررت في أطراف المدينة وطبعا أغلب العايشين في الأطراف من النازحين من الشيخ زويد ورفح في عشش أو أحواش بيعملوا فيها عريشة يسكنوا فيها أو بيوت بسيطة إيجارها بيكون أقل من داخل المدينة أغلبهم موظفين أو من اللي عايشين على تربية المواشي والطيور بيترزقوا منها منهم من قبيلتى السواركة والرميلات".

أضاف على حديثه شاهد آخر، وهو موظف حكومي انتقل من قرية "الظهير" الواقعة في جنوب الشيخ زويد إلى بئر العبد في عام 2017 على إثر تعرض حياته وأسرته للخطر جراء الطائرات المسيّرة والرصاص العشوائي:

"أحيانا بتواصل مع القسم في بئر العبد للسؤال عن ناس محتجزين للاشتباه و من خلال الكلام بنعرف أن أي محجوز بيتم إرسال اسمه الى جهاز الأمن الوطني وأن القسم مجرد مكان حجز وبيكون المحجوز على ذمة الأمن الوطني حتى يرد عليهم، إذا كان عايزه بيرسلوا المحتجز على العريش ولو مش عايزينه القسم بيفرج عنه، و أحياناً لما بيكون ضابط مباحث جديد بيكون فيه حملات اعتقال لناس من النازحين و حجزهم لفترات من يومين لأربعة أيام،  والأفراج عنهم بيتم بعد تدخل شيوخ أو وجهاء من قبائل بئر العبد بنلجأ ليهم لما يصير حاجة زي كذي".

مزارع آخر يعمل باليومية ويعيش في "حوش" منحه له مؤقتاً أحد أهالي بئر العبد، استقر فيه بعد أن وصل نازحا من رفح في عام 2014، قال لفريق مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان:

"الأمن مر علينا في مدرعات وكلهم شرطة مافيه فيهم جيش، وفتش الحوش قلّبوا في الكراتين والخزانات، وخذوا بيانات كل الموجودين وقالوا هاتوا صور بطايقكم للقسم بعدين، ما خذوا حد بس فضلوا يسألونا عن قرايبنا في رفح وهل شفنا إرهابيين؟ وهل فيه أحد أفراد العيلة مطلوبين؟ يمكن الضابط تعاطف معنا لما شاف حالنا بس سمعنا انهم خدوا أهالي من النازحين من بيوت قريبة لنا".

وأكمل قائلا: "والله زهقنا حياتنا وصار الموت أريح من اللي أحنا فيه من بهدلة ومهانة.. أحنا صابرين على الفقر ولكن كمان كرامتنا يدوسوا عليها.. كمان سمعنا أن القصة وراها ضابط جديد حب يثبت نفسه ووجوده في المنطقة ما لقى غيرنا الغلابة يتمنظر عليهم".

أحد المدنيين الذين أفرج عنهم من قسم الشرطة بعد بعد 4 أيام من احتجازه بعد إيقافه أثناء وجوده بالشارع فى مدينة بئر العبد، قال لفريق مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان:

"كنت رايح على السوق اشتري خضراوات للبيت، مر أمامي في الشارع بوكس شرطة ومدرعة، وواحد كان راكب في المدرعة جنب السواق لابس مدني غالبا ضابط مباحث، قال خذ "يا ولد" هات بطاقتك وأول ما لمح كلمة الشيخ زويد في البطاقة، هز رأسه وقال أنت من الشيخ؟ عشيرة ايه يا ابني؟ قلت له "سواركة"، راح منادي على واحد من الأمن اللي نزلوا من البوكس والمدرعة قال لهم ركبوه، و4 أيام وأنا في القسم في زنزانة مليانه ناس يمكن فوق العشرين في غرفة صغيرة، للأمانه كانوا بيجيبوا لينا أكل وأهلنا كمان بيدخلوا أكل، وعناصر الأمن بيقولوا لنا هتطلعوا بعد التحريات اللي عليه شئ هيبان وإلي ما عليه شئ هيطلع، في اليوم الثالث كان جاء للقسم حسب ما علمنا ناس وجهاء من بير العبد بس قالوا لهم هنتحري عنهم ونطلعهم، ما كان فيه تحقيقات سوى أخذ بيانات شخصية ومن قبلية ايه؟ وأقارب مين؟، وكنا مجبورين لازم نذكر كل شيء، كان فيه تهديد أنهم هيودونا للأمن الوطني لو ما قلنا الصح".

من جهته وثّق أحمد سلامة، أحد أبناء قبيلة السواركة، عبر حسابه الشخصي في الفيس بوك، وثّق وجود إشكالية أمنية للنازحين في بئر العبد حيث يقيم هو الآخر، بعد أن نزح من قريته الظهير جنوب الشيخ زويد بعد العام 2017، مشيرا إلى وجود حوالي 200 أسرة نازحة يعانون من ضيق الحال والحصار وأغلقت عليهم الطرق، مشيراً إلى تخلي السلطات الرسمية عنهم، بما فيهم مجلس المدينة و المحافظ و مدير الأمن، وأنهم غير مستعدين لسماع شكواهم.

 

 

تبيّن الشهادات أن عمليات القبض والحرمان من الحرية لم تكن على أسس معقولة أو أسباب قانونية وهي حالة شائعة في مصر بشكل عام وفي سيناء بشكل خاص، كما تشير إلى استهداف تمييزي قائم على الهوية، وإجراءات تعسفية عقابية خصصتها السلطات على النازحين، لتضيف إلى صعوبة حياتهم مصاعب أخرى، في حملة ترفضها القوانين والأعراف الحاكمة، إذ أوضح الفريق العامل المعني بمسألة الاحتجاز التعسفي في الأمم المتحدة في المبادئ المتعلقة بالاحتجاز أو السجن، والتي اعتمدت في 9 ديسمبر 1988، أن الحرمان من الحرية لا يجب أن يكون قائماً على أسس تمييزية، كأن يستند على الدين أو الهوية أو العرق أو التوجه السياسي أو الجنس أو الأصل الوطني أو الاجتماعي أو المولد وفقاً للمبدأ 5 من الإعلان، كما أوضحن صراحة وجوب بيان أسباب الاعتقال التي دفعهم للقبض على الشخص وفقاً للمبدأين 11 و12.



الكلمات المفتاحية


مقالات متعلقة