img
أبرز الانتهاكات التي وقعت في شهر أبريل بسيناء

"الوضع صار كارثي والله ما حاسين بالأمان لا في بيوتنا ولا عربياتنا ولا في الشوارع ولا في أي مكان، الخطف والقتل صار في الشوارع، يا راجل الإرهابيين بيعملوا كماين في الطريق الدولي وبيفتشوا العربيات ويشوفوا بطايق الناس،  وكماين الجيش والشرطة موجودة في كل مكان، شي يخلي الحليم حيران".

*جزء من شهادة لأحد السكان المحليين من قبيلة الدواغرة والتي يفند فيها مزاعم داعش عن قتله لمدنيين بحجة تعاونهم مع الجهات الأمنية.

 

التقرير متوفر بـEnglish

الملخص:

خلال شهر أبريل وثقت مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان وقوع 8 انتهاكات في مناطق عدة من سيناء، 6 منها عمليات قتل عمد غير قانوني قام بها أطراف النزاع تجاه مدنيين عزل. ولتقصي ما جرى التقى فريق المؤسسة مع 9 من شهود العيان الذين كشفوا في شهاداتهم المنشورة في التقرير عن تفاصيل حصرية عن الانتهاكات.

في الأسبوع الأول حدثت 3 انتهاكات، اثنين منها في منطقة جلبانة غرب سيناء وواحدة في منطقة غير معلومة في شمال سيناء. حيث ذهب ضحية أحد هذه الانتهاكات شقيقين مزارعين، أما الانتهاكين الأخرين فتمثل الأول بمقتل مدني بمزاعم تعاونه مع قوات شعبية محلية موالية للحكومة، أما الانتهاك الثالث فجرى فيه اختطاف 3 مزارعين من عائلة واحدة بعد أن اقتحم الخاطفون منزلهم.

وفي الأسبوع الثاني أعلن تنظيم ولاية سيناء عن قتله عمداً لمدنيين اثنين في منطقة مجهولة من سيناء بزعم تعاونهم مع الجهات الأمنية وهو ما يتعارض مع الشهادات التي حصلت عليها مؤسسة سيناء والتي تفيد بأن القتيلين ليس لهم أي تعاون أو نشاط عسكري مع قوات إنفاذ القانون المصرية.

أما الأسبوع الثالث فقد شهد قيام داعش بسلب سيارة ربع نقل مدنية مملوكة لتاجر بالقرب من مدينة بئر العبد شمالي سيناء.

وفي الأسبوع الرابع من الشهر، سجلت مؤسسة سيناء مقتل مدني برصاص صدر من كمين عسكري في قرية العكور التابعة للشيخ الزويد، كما رصدت المؤسسة مقتل سيدة ورجلين على يد تنظيم داعش في مدينة العريش.
 

تفاصيل الانتهاكات:

انتهاكات السلطات وقوات إنفاذ القانون المصرية: 

قتل عمد غير قانوني محتمل في منطقتين مختلفتين بسيناء

يعتبر الحرمان التعسفي من الحق في الحياة انتهاكا لحقوق الإنسان، فالحق في الحياة مكفول في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بموجب المادة 3، وفي المادة 6 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، فلا يجوز التذرع بالظروف الاستثنائية لتجاوز ذلك. وقع خلال الربع الأول من عام 2021 عمليتي قتل عمد غير قانوني قامت بها القوات الحكومية المصرية، إذ وقعت الأولى بتاريخ 2021.01.15 بعد أن أطلق كمين "حسان" العسكري الواقع في قرية الظهير جنوب مدينة الشيخ زويد النار   تجاه امرأة تعمل كراعية أغنام ما أدى لمقتلها، أما الثانية فحدثت بتاريخ 2021.02.26 وكان ضحيتها موظف بالمعهد الأزهري في الشيخ زويد، قتل أثناء قيادته للسيارة بصحبة عائلته حيث أطلقت عليه النار حملة أمنية. 

خلال شهر أبريل تابعت مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان مقتل 3 مدنيين في واقعتين  منفصلتين، حدثت الأولى في أواخر شهر مارس الماضي لكن معلومات الواقعة تكشفت في مطلع الأسبوع الأول من شهر أبريل.

في تاريخ 2021.04.01 حصلت مؤسسة سيناء على معلومات لعملية قتل عمد غير قانونية محتملة كان ضحيتها شقيقين هما خالد محمود حسن عياد، 22 عاما، وحسام محمود حسن عياد، 20 عاما، قتلا برصاص قوات الأمن خلال حملة أمنية على منطقة جلبانة غرب سيناء. 

تواصلت مؤسسة سيناء مع أحد شهود العيان، والذي قال بأنه رأى الشابين وهما يعملان في مزرعتهم الخاصة جنوب قرية جلبانة غرب سيناء، وذلك في يوم الاثنين 29 مارس 2021، وذلك قبل يوم واحد من اكتشاف جثتيهما في المزرعة وقد توزعت فيهما طلقات نارية عدة بأنحاء متفرقة في جسديهما.

وأضاف شاهد العيان بأنه رأى أربعة عربات عسكرية مدرعة بعد وقت العصر بقليل تمر بجوار مزرعته، ومن ثم توقفت مرة أخرى بعيدا عن الطريق الفرعي وعلى مقربة من منطقة المزارع وترجل منها الجنود وتتبعوا أثر دراجة نارية كانت للشقيقين اللذين كانا يعملان في هذا التوقيت بالمزرعة، وبعد مرور وقت قليل سمع أصوات إطلاقات نارية كثيفة، لكنه لم يعي ما حدث وظن أنه رصاص تحذيري كالذي تطلقه الحملات العسكرية عند تحركها في المناطق المفتوحة. وتابع شاهد العيان قوله بأنه وبسبب التواجد الأمني والعسكري الذي استمر لنحو ساعة ونصف لم يتحرك أحد من المزارعين او الأفراد باتجاه  الحملة المتوقفة وخوفاً من الرصاص الذي كان يطلق بين الحين والآخر.

وأكمل شاهد العيان روايته بالقول أن اليوم التالي (30 مارس) لاحظت وجود حركة غير معتادة للسكان المحليين بالمزرعة التي كان بها الشقيقين، ولأحدهم قال له بأنهم وجدوا الشابين قتلى بالرصاص، وأشار إلى أن الحملة العسكرية توقفت بالمكان عصر اليوم السابق ما يشير لأنهم هم من قتلوهما، ظنا منهم بأنهما مسلحين (حسب رواية الشاهد) الذي أردف قائلا بأنه شاهد فوارغ لطلقات نارية خاصة بالقوات المسلحة في مكان وقوع الحادث، وأكد شاهد العيان أن وجهاء محليين مقربين من الحكومة نقلوا اعتذاراً من الجيش لعائلة الضحايا بعد أيام من الواقعة، ونقلوا عن الجيش أن ماحدث كان خطأ غير مقصود، ووعدوا بصرف الحكومة تعويضاً مادياً للأسرة.

من جانب آخر، فقد شهدت مواقع التواصل الاجتماعي حالة كبيرة من التعاطف مع أقارب الضحيتين، وشارك كثير من السكان المحليين في التدوين عن الشابين ووصفوهم بالشهداء، لكن المدونيين تجنبوا ذكر الجهة المسؤولة عن القتل، كما يحدث عادة في كل مرة يسقط فيها ضحايا مدنيين برصاص الجيش المصري، خوفاً من وصمهم بمعاداة الجيش وما سيترتب على ذلك من مخاطر محتملة. 

 

​​​​​​​

تفيد رواية شاهد العيان إلى أن الشقيقين لم يشكلا تهديداً للقوات الأمنية ولم يصدر عنهما ما يعتبر سلوكاً خطراً يستوجب الرد بالقوة المميتة، فضلا عن هذا فإن من الواضح عدم وجود تناسب في القوة -في حالة وجود اشتباك- بين الطرفين، فهما فردين اثنين بمقابل قوة أمنية يقارب عدد أفرادها 30 عسكري، مما يؤهل هذه الواقعة لتكون بمثابة عملية قتل خارج نطاق القانون محتملة قام بها أفراد من قوة رسمية.

وفي تاريخ 2021.04.24، أدى إطلاق رصاص من كمين يتمركز في  المدرسة الاعدادية بقرية العكور التابعة لمدينة الشيخ زويد إلى مقتل شاب في العقد الثالث من عمره يدعى عبدالرحمن احمد علي العكور، الملقب بأبو فرحة. ونقلت جثة القتيل إلى مستشفى الشيخ زويد العام ومنه إلى مستشفى العريش المركزي ثم إلى محافظة بورسعيد لمعاينة الطبيب الشرعي لاستخراج تصريح الدفن الذي تم بعد مرور 3 أيام على مقتله. 

 في حديث له مع مؤسسة سيناء، قال أحد شهود العيان من سكان القرية: "عبد الرحمن أبو فرحة بيشتغل في عمال الخدمات بقوات حفظ السلام في مطار الجورة ونزل إجازة علشان يشوف أهله ويفطر معهم، عبد الرحمن متزوج وعنده طفلين، ثاني يوم من إجازته، زي ما هو معروف لما تخرج  من القرية أو تدخلها لازم تستأذن من العساكر عند الكمين اللي عند المدرسة الإعدادية على طرف القرية، وهو استأذن علشان يطلع من القرية بوقت الظهر، وبعد ما مشى كم خطوه ضربوه بالنار، سمعنا صوت الرصاصة وطلع كثير من الأهالي نشوف ايش صار، لقينا عبد الرحمن بينزف من صدره وصارت الناس تصرخ على عساكر الكمين، لكن طبعا مفيش أي رد فعل من العساكر، اللي فهمناه من العساكر أن عسكري الكمين اللي وافق على دخول "عبدالرحمن" نسي يبلغ العسكري زميله اللي فوق المدرسة، فضرب مباشرة على عبدالرحمن الله يرحمه، قبل كدى نفس الكمين عمل نفس القصة مع نضال مسلم حسن اللى قتلوه من حوالي 7 شهور وهو مروح بيته بعد ما كان يلعب كرة مع شباب القرية".

يضيف الشاهد: "الناس في القرية معروفين بالواحد ومش كثير هما يدوب 15 عيلة والباقي نازحين، يعني ما فيه حد بيدخل او يطلع غير اسمه موجود في الكمين، والتضييق على الناس ما له أي لازمة، القرية وسط كماين كثير يعني أمان، ليه الاستهتار بحياة الأهالي وليه ما فيه أي حساب للعساكر اللي بتضرب رصاص! وبعدين ليش يضربه رصاصة واحدة في القلب ليش ما أصابه في رجله لو هو حتى مشتبه فيه!

لو حاسبوا العسكري اللي قتل نضال ما كان انقتل عبد الرحمن وما اتيتموا عياله و ضاع مستقبلهم والناس خايفين طبعا يقولوا مين قتلهم علشان التحقيقات ومابدهم مشاكل مع الجيش، وبيقولوا ندفن ولدنا بدل ما يحطوه في المشرحة لشهور عشان التحقيقات، وهات ما يثبت أن الجيش قتله، وطبعا كلكم عارفين ايه ممكن يصير لو حد اتهم الجيش".  

توافقت رواية شاهد العيان مع ما نشرته أحد الصفحات المحلية بمدينة الشيخ زويد على موقع فيسبوك والتي أكدت قيام كمين العكور التابع للجيش بإطلاق الرصاص على الضحية وقتله دون مبرر.

وفقا للمعطيات التي كشفها الشاهد في روايته، فإن الضحية كان معروفاً للكمين وحصل على إذن مسبق للمرور عبر الحاجز العسكري وهو الروتين الأمني المعتاد والمتبع من السكان المحليين المقيمين في المنطقة في التعامل مع الحواجز العسكرية، كما أنه لم يقم بأي فعل يشكل تهديداً يبرر إطلاق الرصاص، ولم يكن هناك أي اشتباكات مسلحة أو ظهور لعناصر معادية في ذلك الوقت، كل ذلك يجعل من هذا الفعل في مصاف القتل العمد غير القانوني المحتمل.

 

ب- انتهاكات تنظيم ولاية سيناء التابع لداعش

1- قتل عمد غير قانوني في مناطق عدة بسيناء 

يُعد القتل خارج نطاق القانون انتهاكاً جسيماً لحقوق الإنسان متكرر الوقوع في سيناء، وهو بمثابة سلوك ملازم لتنظيم داعش، حيث سجلت مؤسسة سيناء خلال شهر أبريل 3 انتهاكات قتل عمد غير قانوني في سيناء، كان أولها ما جرى في تاريخ 2021.04.05 أقدم تنظيم ولاية سيناء التابع لداعش على قتل مواطن يدعى محمد سليمان سلمي ابو نقيز، من قبيلة الترابين، وذلك بزعم أنه أحد عناصر الصحوات، وهي الكنية التي يطلقها على عناصر اتحاد قبائل سيناء المعاونة للجيش.

ووفقاً لإصدار مرئي نشره تنظيم ولاية سيناء بتاريخ 2021.04.05  في حسابات عدة في موقع تويتر، فإن عملية قتل محمد ابو نقيز جرت من خلال قيام عنصر ملثم يرتدي ملابس سيناوية تقليدية بإطلاق الرصاص على رأسه من سلاح كلاشينكوف بعدما أجبر الضحية على حفر قبره بيديه، ولم يتضح من من خلال الإصدار المرئي وقت إعدام الضحية، كما لم تعثر  عائلة الضحية أو السلطات على الجثمان.

قال التنظيم في بيانه بخصوص الواقعة إن محمد تم اعتقاله قبل خمسة شهور، وأنه عضو في الصحوات، وهو لقب يطلقه التنظيم على أعضاء المجموعات المدنية المسلحة الموالية للجيش المصري.

قابلت مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان أحد أفراد قبيلة الترابين، والذي قال: "قبل 5 شهورتقريباً،  طلع محمد علشان يتصل بالتليفون في تل عالي بيسموه" قوز الإرسال"، علشان يلقط شبكة محمول في منطقة قريبة من قرية العجراء، لأن شبكة المحول ضعيفة جداً في المنطقة، وراح للمكان بموتسيكل ما معاه حد، وهذا مكان يعتبر متوسط ما بين التكفيريين وما بين شباب اتحاد القبائل، وشباب اتحاد القبايل افتكروه داعشي فضربوا نار عليه، ولكن هو هرب من الخوف، ومن يومها ما حد عرف عنه حاجة، بس هو مش عنصر في اتحاد القبايل ولا هو تبع داعش، بس كان في مكان غلط الاثنين شكوا فيه والمسكين راح".

 

وفي تاريخ 2021.04.11 اعترف تنظيم ولاية سيناء التابع لداعش في إصدار مرئي بثته وكالة أعماق التابعة له بإقدامه على قتل مواطنين اثنين هما محمد إبراهيم حمدان 22 عام من قرية مصفق،  وسويلم أحمد سويلم منصور 44 عام من قرية سلمانة التابعتين لمركز بئر العبد. وتضمن الإصدار مشاهد قام  فيها إحدى الضحيتين بحفر قبره بيديه وقيام عنصر من التنظيم  مكشوف الوجه بإطلاق الرصاص عليها من الخلف، كما قتلت الضحية الثانية رميا بالرصاص، ولم يستدل الأهالي على موقع الجثتين حتى الآن.

 

 

ويكشف الاصدار عن اعترافات للمختطفين الاثنين والتي يرجح أنها أخذت بالإكراه يكشفان فيها عن تعاونهما مع الجيش، إلا أن العديد من الأهالي أشاروا إلى تناقض الروايات وأن ما ذكره الإثنين غير ما هو معروف عنهم.

التقى فريقنا الميداني مع أحد السكان المحليين من قبيلة الدواغرة، قال لنا:

"الشهيدين من قبيلتنا وتم اختطافهم من حوالي 43 يوم قبل ما التكفيريين ينشروا الفيديو، محمد بيشتغل صياد في بحيرة البردويل، التكفيريين خطفوه هو وأبوه، وأخدوهم من قلب سيارتهم من وسط قرية مصفق، قلبي انفطر لما شفته أمس في الفيديو، والله أنه لا بيعرف جيش ولا شرطة، شاب بسيط جداً وملوش علاقة بأي شي مات ظلم، وأبوه الحاج "إبراهيم" ما بنعرف عنه شي للحين.

أما سويلم خطفوه من داره في قرية سلمانه، سويلم بيشتغل في بيع السمك، عنده مطرح بيبيع فيه السمك ومعروف لكل الناس في المنطقة. ‏شفته في الفيديو بيقول وهو مجبر يقول هذا الكلام انه بيوصل ضباط بسيارته الملاكي، سويلم والله ما عنده سيارة ملاكي! عنده عربية ربع نقل بينقل بيها السمك ولا عمره ركبها ضابط.

وأكمل قائلا: "الوضع صار كارثي والله ما حاسين بالأمان لا في بيوتنا ولا عربياتنا ولا في الشوارع ولا في أي مكان، الخطف والقتل صار في الشوارع، يا راجل الإرهابيين بيعملوا كماين في الطريق الدولي وبيفتشوا العربيات ويشوفوا بطايق الناس وكماين الجيش والشرطة في كل مكان، شي يخلي الحليم حيران".

تحدثنا الى أحد سكان قرية السادات التابعة لمدينة بئر العبد، وسألناه عن حيثيات تعاون الأهالي مع القوات الأمنية إذ قال: "إن بعض الشباب بيتعاون مع الجيش لأسباب مختلفة زي انه عايز يخدم بلده أو عشان النفوذ لكن كثير من الناس بيختار السلام والبعد عن المشاكل، تعامل كثير من الأهالي  مع الأمن غالبا بيكون في نقل الماء أو توصيل أكل للكماين وهذا طبعا شئ لا يمكن لمواطن رفضه، الناس علشان يمشوا حالهم وهما رايحين لمزارعهم أو محلات أرزاقهم بيمروا على كماين وبيطلب منهم العساكر أحيانا طلبات و علشان يمشوا حالهم بينقلوا الماء أو الأكل للكماين لكن ما بيطلعوا حملات مع الجيش، لكن المشكله ان التكفيريين بيشوفوا حتى توصيل الماء فعل يستحق القتل، التكفيريين بهددوا الأهالي علشان هما ضعاف وعلشان ينشروا الخوف والرعب بين الناس.. وكمان مفروض أن الجيش يأمن القرى كويس، يعني اللي ماشي على الطريق الدولي ما بيسلك من الكماين ولكن ورا القرى الدنيا فاتحة ومش متأمنة كويس".  

من جانب آخر، تحدث فريق مؤسسة سيناء مع أحد سكان قرية عمورية الواقعة شرق مدينة بئر العبد والتي شهدت في تاريخ 2021.03.25 اختطاف 15 رجلا على يد تنظيم داعش بزعم تعاونهم مع الجيش، والذي قال: "المشاهد الي شفناها مرعبة، وفيه 3 مخطوفين من القرية لسه مصيرهم مش معروف، التنظيم أطلق سراح 12 واحد ولكن الثلاثة لم يظهروا، وخايفين يكون مصيرهم زي اللي بنشوفه في النت.. الأهالي كل يوم لما بيتجمعوا بيسالوا حد شاف حاجة في النت، والله أسرهم حزانى والمخطوفين هما الي بيصرفوا على بيوتهم، كلهم صيادين غلابة وما لهم في أي حاجة".

وفقاً لما وثقته مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان، فقد شهدت الفترة ما بين 2021.01.01 وحتى 2021.04.16 تصاعدا في عمليات خطف وقتل المدنيين من قبل تنظيم ولاية سيناء، حيث وثقت المؤسسة قيام التنظيم بقتله عمداً 10 مدنيين وخطف 20 آخرين في وقائع مختلفة جرت في شمال سيناء، إحدى هذه الوقائع جرت في قرية الشلاق التابعة للشيخ زويد في تاريخ 2021.02.05 وكان الضحية فيها صبي يبلغ من العمر 16 عاما، بزعم تعاونه مع الأجهزة الأمنية، حيث وصف أحد سكان القرية جثة الصبي بعد العثور عليها بالقول: "يدوب رأسه ماسك في جسمه بحتة من جلده". 

وفي تاريخ 2021.04.28 أقدم تنظيم داعش على خطف وقتل سيدة ورجلين في الثامن والعشرين من أبريل بعدما تسلل عناصر ولاية سيناء إلى حي الأمل الواقع في جنوب شرق مدينة العريش على بُعد أقل من 3 كيلو متر من الكتيبة 101 وهي مقر إدارة الحرب على الإرهاب في شمال سيناء.

 

 

ووفقا للبيانات التي حصلت عليها مؤسسة سيناء، فإن القتلى هم:

1- دوابة سليم سالم سالمان، 40 عام، قتلت بطلقات اخترقت أسفل الرقبة من الخلف ومن الأمام وعُثر على كدمات أسفل العين وسحجات بالوجه.

2- مسلم عبد الحميد سالمان سالم، 28 عام، قتل بطلق ناري في مؤخرة الرأس وعثر على كسور بعظام الجمجمة وسحجات في اليدين والساقين.

3- محمد عليان سلمان سليم، 20 عام، قتل بعيارين ناريين اخترقتا أعلى من الأمام و وتبين وجود تهتك فى عظام الفك. 

لاحقا أصدر اتحاد قبائل سيناء، التنظيم الشعبي المسلح المتحالف مع الجيش في نزاعه مع داعش، بياناً نعى فيه الرجلين واصفا إياهم بالبطلين، في إشارة لكون الرجلين من المتعاونين معه في حربه مع داعش.

التقت مؤسسة سيناء مع رجل ينتمي لقبيلة الترابين التي ينخرط عدد من رجالها ضمن تنظيم اتحاد قبائل سيناء، والذي روى قائلا: "وقت السحور دخل الحي حوالي 11 مسلح تكفيري، ما حد عارف كيف وصلوا للحي، الحي وراه وقدامه كماين كثير، والتكفيريين عددهم كان كبير والغريب ان ما حدا رصدهم، راحوا لبيوت محددة بعد ما انتشروا وهما ملثمين وشايلين رشاشات ولابسين لبس شبه الجيش، راحوا لبيت محمد عليان الحمراوى من قبيلة السواركة، وشدوه من وسط البيت واثنين ثانيين راحوا على بيت مسلم عبد الحميد ابو نقيز، و خدوه هو وسيده اسمها "دوابة" برضه من قبيلة النقيزات، وراحوا لبيتين ثانيين واحد من قبيلة الترابين  وواحد من قبيلة الملالحة وسألوا عليهم بس ما كانوا موجودين، هددوا الناس بالسلاح ما حد يتكلم أو يرفع صوته، ومشيوا زي ما جوا، متفرقين وبينهم المخطوفين، ،الصبح  الناس طلعت تتحرى ايش صار، على طرف القرية الشرقي والناس بتقص أثر التكفيريين لقوا الجثث الثلاثة مرمية ومضروبة بالرصاص مش بعيد عن القرية.. وبعدين الناس بلغوا الأمن بس ما صار أي شئ.. ولا حد تحرك ولا حد اهتم غير أهالي المقتولين اللي كانوا نازحين من الحي ورجعوا من قريب".

وفقا للمعطيات، فإن السيدة التي قتلها التنظيم ليس لها أي نشاط أو انحياز لأى من أطراف النزاع، وهي بذلك تعتبر مدنية تتمتع بحصانة يتعين بسببها على أطراف النزاع حمايتها وعدم المساس بها. وهو ما لم يحدث في هذه الواقعة التي جرى فيها زج مدنية ذنبها الوحيد أن لها صلة قربة مع أحد المقاتلين المنحازين لأحد أطراف النزاع. ويرجح أن التنظيم قام بقتلها إشباعا لرغبته في الانتقام من المقاتلين وبث الرعب في صفوف المدنيين.

 

2- اختطاف مزارعين في قرية جلبانة غرب سيناء

يحظر القانون الإنساني الدولي أعمال الاختطاف والاختفاء القسري الممنهجة، وينص إعلان الأمم المتحدة بشأن الاختفاء القسري، المعتمد بالإجماع، على أن الاختفاء القسري يشكل انتهاكًا لجملة من الحقوق منها الحق في الاعتراف بالشخص أمام القانون، والحق في الحرية والأمن الشخصي، والحق في عدم إخضاعه للتعذيب، والمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطة من الكرامة وأنه ينتهك الحق في الحياة أو يشكّل تهديدًا خطيرًا له، كما اعتبره النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية بأنه "جريمة ضد الإنسانية".

في تاريخ 2021.04.06 اختطف تنظيم ولاية سيناء 3 رعاة غنم من عائلة واحدة من قبيلة "بلي" وذلك في قرية جلبانة داخل الحدود الإدارية لمحافظة الإسماعيلية، وهم من النازحين من منطقة الريسان جنوب العريش شمالي سيناء. قال أحد السكان المحليين لنا إلى أن عملية الاختطاف وقعت في مزرعة بأقصى جنوب قرية جلبانة، واستولى الخاطفون على سيارة للعائلة "نصف نقل"، حيث اقتحم منزلهم مسلحون  ملثمون  ثم اقتادوهم  جهة الظهير الصحراوي للقرية. 

تمثل حالات الاختطاف للمدنيين نمطاً متكرراً من الانتهاك متفشي في شبه جزيرة سيناء، وقد اعتاد تنظيم داعش على اختطاف المدنيين وتغييبهم لمدد طويلة ضمن أعمال ممنهجة يهدف من خلالها لفرض هيمنته ومعاقبة كل من يعتبره يقف إلى جانب السلطات المصرية. حيث وثقت مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان في مارس الماضي اختطاف التنظيم لـ15 مدنيا من قبيلة الدواغرة في قرية عمورية في بئر العبد، وذلك بزعم تعاونهم مع قوات الأمن المصري.

 

3- سلب سيارة مدنية في منطقة جعل جنوب مدينة بئر العبد

بموجب الاتفاقيات والبروتوكولات الناظمة للنزاعات غير الدولية، يُحظر النهب أو الاستيلاء القسري على الممتلكات الخاصة ويمكن أن يرتقي ذلك ليكون بمثابة جريمة حرب. يُعد نهب الممتلكات والأموال وما في حكمها جريمة يتعين محاسبة من يقوم بها، وقد حُظرت في البروتوكول الثاني الإضافي إلى اتفاقيات جنيف 1977، كما بيّن العُرف والسلوك الدولي وفي الدول التي عاشت أحوالاً من النزاعات المسلحة أن النهب يُعد جرماً في أي نزاع مسلح.

في تاريخ 2021.04.17 قام عناصر من تنظيم ولاية سيناء بخطف سيارة ربع نقل مملوكة لأحد التجار عند التفافه من طريق فرعي في منطقة جعل تجنبا للتعطيل غير المبرر لدى كمين للجيش المصري يشرف على الطريق الدولي ومدخل طريق جعل في بئر العبد بشمال سيناء.

قابلنا سائق سيارة نصف نقل من العريش وهو أحد شهود العيان لما جرى، إذ قال: " سواق العربية اختار أن يلف من طريق فرعي قبل كمين "جعل" بتاع الجيش اللي على الطريق الدولي علشان بيعطل العربيات مدة طويلة من غير داعي، السواق حب ينجز أموره علشان يوصل بدري للعريش عشان يوصل الحمولة بتاعت العربية اللي هي عبارة عن بهارات ومستلزمات عطارة، حظه السئ قابله في الطريق الالتفافي مسلحين تكفيريين، وقفوه، طبعا السواق انرعب من الموقف، أخذوا منه العربية وحمولتها، وأعطوه الرخصة والبطاقة، ومشوه، طبعا هو راح للكمين اللي في مدخل بئر العبد عشان يبلغ على اللي صار معاه، الكمين قام بتحويله على الأمن الوطني عشان يتحقق معاه، وهو الآن محجوز ربنا أعلم بظروفه".

أضاف الشاهد: "سواقين تانيين تعرضوا لنفس الموقف بس خايفين يبلغوا علشان الأمن الوطني هيتهمهم أنهم لفوا عن الطريق الرسمي بتهمة أنهم يكونوا قاصدين يودوا بضاعة للتكفيريين.. وطبعا هذا مش ممكن، كماين الطريق في بئر العبد بتأخر العربيات وقت طويل جدا ومش مبرر رغم أن نفس السيارات بتكون تم تفتيشها في الكماين اللي قبلها بكام كيلومتر و قبلها كمان تم تفتيشها في الأنفاق والمعديات بشكل مرهق وطويل كمان".

وفقا لوقائع سابقة فمن المحتمل أن يكون التنظيم قد سلب السيارة لأجل استخدامها في عملياته أو في نقل مؤن له، في 2020.08.29 وثقت مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان قيام تنظيم داعش بعملية انتحارية بسيارة مفخخة استهدف فيها تجمعا للجيش في قرية قاطية التابعة لمركز بئر العبد، حيث استخدم الانتحاري سيارة تعود لمدني مختطف يدعى محمد حسن شبانة، جرى اختطافه وسلب سيارته في تاريخ 2020.07.24 أثناء مروره عبر ارتكاز أمني، ثم عُثر على جثته لاحقا في تاريخ 2020.12.10.

 

التوصيات:

1- للسلطات المصرية:

أ. إجراء تحقيقات شفافة في الوقائع التي كان فيها عناصر من الجيش والقوات الأمنية أطرافًا فيها، وأدت إلى وقوع ضحايا من المدنيين.

ب. فك القيود التمييزية وغير القانونية على الأنشطة التجارية وأعمال الصيد والتنقل في سيناء، وتقديم تعويضات عاجلة وعادلة للسكان الذين تضرروا منها.

ج. الامتثال لمبادئ القانون الإنساني الدولي من قبل أفراد الجيش والقوات الأمنية هو أساس مهم يضمن المهنية في أداء أعمالهم، ينبغي تعليم وتدريب الضباط والجنود العسكريين على هذه القواعد من خلال المناهج في الأكاديمية العسكرية والدورات التدريبية الأخرى.

د. دعوة وقبول طلبات الزيارات الخاصة بآليات الإجراءات الخاصة للأمم المتحدة إلى سيناء، والسماح لها بالوصول دون عوائق، وضمان عدم الانتقام من الأفراد الذين يتعاونون معها.

هـ. إجراء تعديلات على القوانين والأنظمة التي تتيح سلطات واسعة غير مقيّدة للقوات الأمنية والجيش، ومنها قانون الطوارئ وقانون مكافحة الارهاب، ووضع آليات تضمن الإشراف القضائي وإجراء الرقابة القانونية على أداء سلطات إنفاذ القانون.

2- إلى جميع أطراف النزاع، بمن فيهم مسلحو تنظيم "الدولة الإسلامية في سيناء":

أ.اتخاذ جميع التدابير الممكنة لحماية المدنيين، وفقًا للقانون الإنساني الدولي، أثناء أي حملات عسكرية برية وجوية.

ب. في المناطق التي يصبح فيها طرف غير حكومي في النزاع بمثابة القوة الحاكمة بحكم الأمر الواقع، ينبغي اتخاذ جميع التدابير الممكنة لحماية حقوق جميع السكان دون تمييز، وضمان تلبية الاحتياجات الأساسية للمدنيين.
 



الكلمات المفتاحية


مقالات متعلقة